كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 4)

الخير.
وقيل للمال النّفيس كريم , لكثرة منفعته ففيه ترك أخذ خيار المال.
والنّكتة فيه. أنّ الزّكاة لمواساة الفقراء فلا يناسب ذلك الإجحاف بمال الأغنياء إلاَّ إن رضوا بذلك.
قوله: (واتّق دعوة المظلوم) أي: تجنّب الظّلم لئلا يدعو عليك المظلوم. وفيه تنبيهٌ على المنع من جميع أنواع الظّلم، والنّكتة في ذكره عقب المنع من أخذ الكرائم الإشارة إلى أنّ أخذها ظلمٌ.
وقال بعضهم: عطف " واتّق " على عامل إيّاك المحذوف وجوباً، فالتّقدير اتّق نفسك أن تتعرّض للكرائم. وأشار بالعطف إلى أنّ أخذ الكرائم ظلمٌ، ولكنّه عمّم إشارةً إلى التّحرّز عن الظّلم مطلقاً
قوله: (فإنه ليس بينها وبين الله حجابٌ) أي: ليس لها صارفٌ يصرفها ولا مانعٌ، والمراد أنّها مقبولةٌ وإن كان عاصياً. كما جاء في حديث أبي هريرة عند أحمد مرفوعاً: دعوة المظلوم مستجابةٌ، وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه. وإسناده حسنٌ، وليس المراد أنّ لله تعالى حجاباً يحجبه عن النّاس.
وقال الطّيبيّ (¬1): قوله " اتّق دعوة المظلوم " تذييلٌ لاشتماله على الظّلم الخاصّ من أخذ الكرائم وعلى غيره، وقوله " فإنّه ليس بينها وبين الله حجابٌ " تعليلٌ للاتّقاء وتمثيلٌ للدّعاء، كمن يقصد دار السّلطان متظلماً فلا يحجب.
¬__________
(¬1) هو الحسن بن محمد , سبق ترجمته (1/ 23)

الصفحة 18