كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 4)

قال ابن العربيّ: إلاَّ أنّه وإن كان مطلقاً فهو مقيّدٌ بالحديث (¬1) الآخر , أنّ الدّاعي على ثلاث مراتب: إمّا أن يعجّل له ما طلب، وإمّا أن يدّخر له أفضل منه، وإمّا أن يدفع عنه من السّوء مثله. وهذا كما قيّد مطلق قوله تعالى (أم من يجيب المضطرّ إذا دعاه) بقوله تعالى (فيكشف ما تدعون إليه إن شاء).
وفي الحديث أيضاً الدّعاء إلى التّوحيد قبل القتال، وتوصية الإمام عامله فيما يحتاج إليه من الأحكام وغيرها، وفيه بعث السّعاة لأخذ الزّكاة، وقبول خبر الواحد ووجوب العمل به.
وإيجاب الزّكاة في مال الصّبيّ والمجنون لعموم قوله " من أغنيائهم ". قاله عياضٌ (¬2). وفيه بحثٌ.
وأنّ الزّكاة لا تدفع إلى الكافر لعود الضّمير في فقرائهم إلى المسلمين سواءٌ قلنا بخصوص البلد أو العموم، وأنّ الفقير لا زكاة عليه.
وأنّ من ملك نصاباً لا يعطى من الزّكاة من حيث إنّه جعل المأخوذ منه غنيّاً وقابله بالفقير، ومن ملك النّصاب فالزّكاة مأخوذةٌ منه , فهو
¬__________
(¬1) يشير إلى ما أخرجه الإمام أحمد (11133) من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم، ولا قطيعة رحم، إلاَّ أعطاه الله بها إحدى ثلاث , إما أنْ تعجَّل له دعوته، وإما أنْ يدّخرها له في الآخرة، وإمَّا أنْ يصرفَ عنه من السوء مثلها. قالوا: إذا نكثر؟ قال: الله أكثر " وإسناده حسن. وصحَّحه الحاكم.
وللترمذي (3573) من حديث عبادة - رضي الله عنه - نحوه. دون الادخار. قال الحافظ في الفتح (11/ 96): حديثٌ صحيحٌ.
(¬2) هو القاضي عياض بن موسى اليحصبي , سبق ترجمته (1/ 103)

الصفحة 19