كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 4)

والرّاجح عندهم لا يضمن النّفحة وإن كان يراها إذ ليس على رجلها ما يمنعها به فلا يمكنه التّحرّز عنه، بخلاف الفم فإنّه يمنعها باللجام , وكذا قال الحنابلة.
قوله: (والبئر جبار) في رواية الأسود بن العلاء عن أبي سلمة عن أبي هريرة عند مسلم " والبئر جرحها جبار ".
أمّا البئر: فهي بكسر الموحّدة ثمّ ياء ساكنة مهموزة ويجوز تسهيلها , وهي مؤنّثة , وقد تذكّر على معنى القليب والطّوى , والجمع أبؤرٌ وآبارٌ بالمدّ والتّخفيف وبهمزتين بينهما موحّدة ساكنة.
قال أبو عبيد: المراد بالبئر هنا العادية القديمة التي لا يُعلم لها مالكٌ. تكون في البادية فيقع فيها إنسانٌ أو دابّةٌ فلا شيء في ذلك على أحد، وكذلك لو حفر بئراً في ملكه أو في موات فوقع فيها إنسان أو غيره فتلف فلا ضمان إذا لَم يكن منه تسبّب إلى ذلك ولا تغرير.
وكذا لو استأجر إنساناً ليحفر له البئر فانهارت عليه فلا ضمان، وأمّا من حفر بئراً في طريق المسلمين وكذا في ملك غيره بغير إذن. فتلف بها إنسان فإنّه يجب ضمانه على عاقلة الحافر والكفّارة في ماله، وإن تلف بها غير آدميّ وجب ضمانه في مال الحافر، ويلتحق بالبئر كلّ حفرة على التّفصيل المذكور.
وإلى التّفرقة بين الحفر في ملكه وغيره. ذهب الجمهور، وخالف الكوفيّون.
والمراد بـ جَرحها: وهي بفتح الجيم لا غير كما نقله في النّهاية عن

الصفحة 42