كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 4)

وللبخاري " أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصّدقة فقيل منع .. الحديث " وهو مشعرٌ بأنّها صدقة الفرض، لأنّ صدقة التّطوّع لا يبعث عليها السّعاة.
وقال ابن القصّار المالكيّ: الأليق أنّها صدقة التّطوّع , لأنّه لا يظنّ بهؤلاء الصّحابة أنّهم منعوا الفرض.
وتعقّب: بأنّهم ما منعوه كلّهم جحداً ولا عناداً، أمّا ابن جميل فقد قيل: إنّه كان منافقاً ثمّ تاب بعد ذلك، كذا حكاه المُهلَّب. (¬1)
وجزم القاضي حسين في تعليقه , أنّ فيه نزلت (ومنهم من عاهد الله) الآية. انتهى.
والمشهور أنّها نزلت في ثعلبة (¬2)، وأمّا خالدٌ فكان متأوّلاً بإجزاء ما حبسه عن الزّكاة، وكذلك العبّاس لاعتقاده ما سيأتي التّصريح به، ولهذا عَذرَ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - خالداً والعبّاس , ولَم يعذر ابن جميل.
قوله: (فقيل منع ابن جميل) قائل ذلك عمر كما سيأتي في حديث
¬__________
(¬1) المهلب بن أحمد بن أبي صفرة أسيد بن عبد الله الاسدي. تقدمت ترجمته (1/ 12).
(¬2) أي ابن حاطب الأنصاري - رضي الله عنه - , وقد أخرج قصَّته مطولةً. الطبراني في " الكبير " (7873) والبيهقي في " الدلائل " (5/ 375) وغيرهما من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - , أنَّ ثعلبة بن حاطب الأنصاري. قال: يا رسول الله. أدع الله أن يرزقني مالاً فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه. فذكر الحديث بطوله في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - له وكثرة ماله ومنعه الصدقة ونزول قوله تعالى (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله) الآية. وفيه أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مات ولم يقبض منه الصدقة , ولا أبو بكر , ولا عمر , وأنه مات في خلافة عثمان. وروي بأسانيد أخرى , وكلها ضعيفة.
قال الشارح في " الإصابة " (1/ 400): إن صحَّ الخبر , ولا أظنه يصح.

الصفحة 50