كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 4)

فعلى رواية شعيب يكون - صلى الله عليه وسلم - ألزمه بتضعيف صدقته (¬1) ليكون أرفع لقدره وأنْبَه لذكره وأنفى للذّمّ عنه، فالمعنى. فهو صدقةٌ ثابتةٌ عليه سيصّدّق بها , ويضيف إليها مثلها كرماً.
ودلَّت رواية مسلمٍ على أنّه - صلى الله عليه وسلم - التزم بإخراج ذلك عنه لقوله " فهي عليّ " وفيه تنبيهٌ على سبب ذلك وهو قوله " إنّ العمّ صنو الأب " تفضيلاً له وتشريفاً.
ويحتمل: أن يكون تحمَّل عنه بها. فيستفاد منه أنّ الزّكاة تتعلق بالذّمّة كما هو أحد قولي الشّافعيّ.
وجمع بعضهم بين رواية " عليّ " ورواية " عليه " بأنّ الأصل رواية " عليّ " ورواية " عليه " مثلها إلاَّ أنّ فيها زيادة هاء السّكت , حكاه ابن الجوزيّ عن ابن ناصر.
وقيل: معنى قوله " عليّ " أي: هي عندي قرض , لأنّني استسلفت منه صدقة عامين، وقد ورد ذلك صريحاً فيما أخرجه التّرمذيّ وغيره من حديثٍ عليٍّ. وفي إسناده مقال.
وفي الدّارقطنيّ من طريق موسى بن طلحة , أنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - , قال: إنّا كنّا احتجنا فتعجّلنا من العبّاس صدقة ماله سنتين " وهذا مرسل، وروى الدّارقطنيّ أيضاً موصولاً بذكر طلحة فيه.
¬__________
(¬1) قال الشيخ ابن باز (3/ 420): هذا فيه نظرٌ , وظاهر الحديث يدلُّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - تركها له , وتحمّلها عنه , وسمّى ذلك صدقة تجوّزاً وتسامحاً في اللفظ , ويدلُّ على ذلك رواية مسلم " فهي عليّ ومثلها " فتأمّل.

الصفحة 53