كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 4)

كثرت منهم القالة، فدخل عليه سعد بن عبادة فذكر له ذلك، فقال له: فأين أنت من ذلك يا سعد؟ قال: ما أنا إلاَّ من قومي. قال: فاجمع لي قومك. فخرج فجمعهم " الحديث، وأخرجه أحمد من هذا الوجه.
وهذا يعكّر على الرّواية التي فيها " أمّا رؤساؤنا فلم يقولوا شيئاً " لأنّ سعد بن عبادة من رؤساء الأنصار بلا ريب، إلاَّ أن يحمل على الأغلب الأكثر، وأنّ الذي خاطبه بذلك سعد بن عبادة ولَم يرد إدخال نفسه في النّفي.
أو أنّه لَم يقل لفظاً. وإن كان رضي بالقول المذكور فقال: ما أنا إلاَّ من قومي، وهذا أوجه، والله أعلم.
قوله: (أَلَم أجدكم ضلالاً) بالضّمّ والتّشديد. جمع ضالّ.
والمراد هنا ضلالة الشّرك، وبالهداية الإيمان. وقد رتّب - صلى الله عليه وسلم - ما منّ الله عليهم على يده من النّعم ترتيباً بالغاً فبدأ بنعمة الإيمان التي لا يوازيها شيء من أمر الدّنيا، وثنّى بنعمة الألفة , وهي أعظم من نعمة المال , لأنّ الأموال تبذل في تحصيلها وقد لا تحصّل.
وقد كانت الأنصار قبل الهجرة في غاية التّنافر والتّقاطع لِمَا وقع بينهم من حرب بُعاث وغيرها، فزال ذلك كلّه بالإسلام كما قال الله تعالى: (لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم، ولكنّ الله ألف بينهم).
قوله: (عالة) بالمهملة. أي: فقراء لا مال لهم، والعيلة الفقر.

الصفحة 67