كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 4)

وروى أحمد من وجه آخر عن أبي سعيد قال: قال رجلٌ من الأنصار لأصحابه: لقد كنت أحدّثكم أن لو استقامت الأمور لقد آثر عليكم، قال فردّوا عليه ردّاً عنيفاً، فبلغ ذلك النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - الحديث.
وإنّما قال - صلى الله عليه وسلم - ذلك تواضعاً منه وإنصافاً، وإلاَّ ففي الحقيقة الحجّة البالغة والمنّة الظّاهرة في جميع ذلك له عليهم فإنّه لولا هجرته إليهم وسكناه عندهم لَمَا كان بينهم وبين غيرهم فرق، وقد نبّه على ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم - " إلاَّ ترضون إلخ " فنبّههم على ما غفلوا عنه من عظيم ما اختصّوا به منه بالنّسبة إلى ما حصل عليه غيرهم من عرض الدّنيا الفانية.
قوله: (بالشّاة والبعير) اسم جنس فيهما، والشّاة تقع على الذّكر والأنثى وكذا البعير، وفي رواية الزّهريّ " أن يذهب النّاس بالأموال " وفي رواية أبي التّيّاح وقتادة في الصحيحين " بالدّنيا "
قوله: (إلى رحالكم) بالحاء المهملة أي بيوتكم وهي رواية قتادة، زاد في رواية الزّهريّ عن أنس " فوالله لَمَا تنقلبون به خير ممّا ينقلبون به " وزاد فيه أيضاً " قالوا: يا رسولَ الله قد رضينا " , وفي رواية قتادة " قالوا بلى ".
وذكر الواقديّ: أنّه حينئذٍ دعاهم ليكتب لهم بالبحرين تكون لهم خاصّة بعده دون النّاس، وهي يومئذٍ أفضل ما فتح عليه من الأرض، فأبوا وقالوا: لا حاجة لنا بالدّنيا
قوله: (لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار) قال الخطّابيّ: أراد

الصفحة 69