كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 4)

ويؤيّده: أنّه جازم فيه بوقوع ذلك بالجحفة , وفي غيرها من الرّوايات بالأبواء أو بودّان.
وقال القرطبيّ: يحتمل أن يكون الصّعب أحضر الحمار مذبوحاً , ثمّ قطع منه عضواً بحضرة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقدّمه له، فمَن قال: أهدى حماراً , أراد بتمامه مذبوحاً حيّاً، ومَن قال: لحم حمار , أراد ما قدّمه للنّبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
قال: ويحتمل أن يكون مَن قال حماراً. أطلق وأراد بعضه مجازاً.
قال: ويحتمل أنّه أهداه له حيّاً فلمّا ردّه عليه ذكّاه , وأتاه بعضوٍ منه ظانّاً أنّه إنّما ردّه عليه لمعنىً يختصّ بجملته، فأعلمه بامتناعه أنّ حكم الجزء من الصّيد حكم الكلّ.
قال: والجمع مهما أمكن أولى من توهيم بعض الرّوايات.
وقال النّوويّ: ترجم البخاريّ بكون الحمار حيّاً (¬1)، وليس في سياق الحديث تصريح بذلك، وكذا نقلوا هذا التّأويل عن مالك، وهو باطل , لأنّ الرّوايات التي ذكرها مسلم صريحة في أنّه مذبوح. انتهى
وإذا تأمّلت ما تقدّم لَم يحسن إطلاقه بطلان التّأويل المذكور , ولا سيّما في رواية الزّهريّ التي هي عمدة هذا الباب.
وقد قال الشّافعيّ في " الأمّ ": حديث مالك أنّ الصّعب أهدى حماراً , أثبت من حديث من روى , أنّه أهدى لحم حمار
¬__________
(¬1) قال البخاري: باب إذا أهدى للمحرم حماراً وحشياً حياً لَم يَقبل.

الصفحة 691