كتاب فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري (اسم الجزء: 4)

وقيل: لولا التزامي بشروط الهجرة. ومنها ترك الإقامة بمكّة فوق ثلاث , لاخترت أن يكون من الأنصار فيباح لي ذلك.
قوله: (وادي الأنصار) هو المكان المنخفض، وقيل: الذي فيه ماء، والمراد هنا بلدهم.
قوله: (وشعبها) بكسر الشّين المعجمة وهو اسم لِمَا انفرج بين جبلين. وقيل: الطّريق في الجبل.
وأراد - صلى الله عليه وسلم - بهذا وبما بعده التّنبيه على جزيل ما حصل لهم من ثواب النّصرة والقناعة بالله ورسوله عن الدّنيا. ومَن هذا وصفه فحقّه أن يسلك طريقه ويتّبع حاله.
قال الخطّابيّ: لَمّا كانت العادة أنّ المرء يكون في نزوله وارتحاله مع قومه، وأرض الحجاز كثيرة الأودية والشّعاب، فإذا تفرّقت في السّفر الطّرق سلك كلّ قوم منهم وادياً وشعباً. فأراد أنّه مع الأنصار.
قال: ويحتمل: أن يريد بالوادي المذهب كما يقال فلان في وادٍ وأنا في وادٍ.
قوله: (الأنصار شعار والنّاس دثار) الشّعار بكسر المعجمة بعدها مهملة خفيفة: الثّوب الذي يلي الجلد من الجسد.
والدّثار بكسر المهملة ومثلثة خفيفة الذي فوقه.
وهي استعارة لطيفة لفرط قربهم منه. وأراد أيضاً أنّهم بطانته وخاصّته وأنّهم ألصق به وأقرب إليه من غيرهم.
زاد في حديث أبي سعيد " اللهمّ ارحم الأنصار وأبناء الأنصار

الصفحة 71