كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

كَإِيجَارِهِ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ وَاسْتِئْجَارِهَا بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا.

(وَ) جَازَ لِمَنْ لَهُ رَقِيقٌ أَوْ وَلَدٌ (تَعْلِيمُهُ) أَيْ دَفْعُهُ لِمَنْ يُعَلِّمُهُ صَنْعَةً مُعَيَّنَةً (بِعَمَلِهِ سَنَةً) مَثَلًا لِلْمُعَلِّمِ فَسَنَةٌ ظَرْفٌ لِعَمَلِهِ، وَأَمَّا التَّعْلِيمُ فَمُطْلَقٌ وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ (مِنْ) يَوْمِ (أَخْذِهِ) لَا مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ عَيَّنَا زَمَنًا عُمِلَ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ.

(وَ) جَازَ (اُحْصُدْ) زَرْعِي (هَذَا، وَلَك نِصْفُهُ) وَجُذَّ نَخْلِي هَذَا، وَلَك نِصْفُهُ، وَأَشَارَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ، وَهِيَ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّرْكُ وَبَقِيَّةُ الْعَمَلِ مِنْ الدَّرْسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَيْهِمَا وَيُمْنَعُ قَسْمُهُ قَتًّا؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَحَصَدَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ فَتُضَمُّ الصَّادُ فِي الْأَمْرِ وَالْمُضَارِعِ وَتُكْسَرُ (وَ) جَازَ اُحْصُدْ زَرْعِي وَ (مَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ) مَثَلًا، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَا يُحْصَدُ فَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الْإِجَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَ) جَازَ (كِرَاءُ دَابَّةٍ) أَوْ دَارٍ أَوْ سَفِينَةٍ (لِكَذَا) أَيْ إلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ (عَلَى) أَنَّهُ (إنْ اسْتَغْنَى فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ الْمُعَيَّنَةِ (حَاسَبَ) رَبَّهَا أَيْ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ أَوْ سَكَنَ بِحَسَبِ الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ وَيُصَدَّقُ فِي اسْتِغْنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَادَ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا أَكْرَى لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ عَيَّنَ غَايَةَ مَا يَزِيدُ.

(وَ) جَازَ (اسْتِئْجَارُ) شَيْءٍ (مُؤَجَّرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ الْإِجَارَةِ الْأُولَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَوَّلِ أَوْ لَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمَالِكِ النَّاظِرُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَا أَكْرَاهُ لِغَيْرِهِ لِلتُّهْمَةِ كَمَا فِي فَتَاوَى عج (قَوْلُهُ: كَإِيجَارِهِ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ وَاسْتِئْجَارِهَا بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا) أَيْ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمُهُ بِعَمَلِهِ لِلْمُعَلِّمِ) أَيْ فِي الصَّنْعَةِ الَّتِي يَتَعَلَّمُهَا لَا بِعَمَلِهِ لَهُ فِي غَيْرِهَا، وَفِي ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ بَحْثًا مَنَعَ الْإِجَارَةَ بِعَمَلِهِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ فِي الصِّبْيَانِ بِاعْتِبَارِ الْبَلَادَةِ وَالْحَذَاقَةِ فَهُوَ الْآنَ مَجْهُولٌ فَكَأَنَّ الْمُجِيزَ رَآهُ مِنْ الْغَرَرِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: فَمُطْلَقٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَتَعَلَّمُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَخْذِهِ) مُسْتَأْنَفٌ أَسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ مِمَّا ذَا فَقَالَ مِنْ أَخْذِهِ أَيْ وَابْتِدَاؤُهَا مَحْسُوبٌ مِنْ أَخْذِهِ أَيْ مِنْ أَخْذِ الْمُعَلِّمِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَا زَمَنًا) أَيْ لِابْتِدَاءِ السَّنَةِ عَمِلَ بِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ نِصْفَ السَّنَةِ وَزَّعَ قِيمَةَ عَمَلِهِ عَلَى قِيمَةِ التَّعْلِيمِ مِنْ صُعُوبَةٍ وَسُهُولَةٍ وَيَنْظُرُ مَا يَنُوبُ قِيمَةَ تَعْلِيمِهِ إلَى مَوْتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَمَلِ فَإِنْ حَصَلَ لَلْمُعَلِّمِ مِنْ قِيمَةِ الْعَمَلِ قَدْرُ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ وَإِنْ زَادَ لَهُ شَيْءٌ بِأَنْ كَانَ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ عَمَلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ رَجَعَ بِهِ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ عَمَلِهِ فِي السَّنَةِ يُسَاوِي اثْنَيْ عَشَرَ، وَمَاتَ فِي نِصْفِهَا، وَالْحَالُ أَنَّ تَعْلِيمَهُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ يُسَاوِي ثَمَانِيَةً لِصُعُوبَةِ تَعْلِيمِهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَعَمَلَهُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ قَبْلَ مَوْتِهِ يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَعَلَّمْ بِخِلَافِ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يُسَاوِي عَشَرَةً لِمُقَارَبَتِهِ لِلتَّعْلِيمِ فَلِلْمُعَلِّمِ جِهَةَ الْعَبْدِ ثَمَانِيَةٌ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلِلْعَبْدِ عِنْدَ الْمُعَلِّمِ دِرْهَمَانِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَتَحَاصَّانِ فِي دِرْهَمَيْنِ وَيَرْجِعُ الْمُعَلِّمُ بِسِتَّةٍ فَيَكُونُ الْمُعَلِّمُ قَدْ اسْتَوْفَى ثَمَانِيَةً هِيَ ثُلُثَا أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّرْكُ) أَيْ فَيَمْلِكُ الْأَجِيرُ حِصَّتَهُ بِالْعَقْدِ لَا بِالْحَصَادِ خِلَافًا لعبق وَحِينَئِذٍ فَهُوَ يَحْصُدُ النِّصْفَ لَهُ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ لِرَبِّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ فَمَا هَلَكَ قَبْلَ الْحَصَادِ ضَمَانُهُ مِنْهُمَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ قَسْمُهُ قَتًّا) أَيْ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ حَبًّا فَإِنْ شَرَطَ قَسْمَهُ حَبًّا جَازَ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ مَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ، وَتَعَيُّنُ قَسْمِهِ حَبًّا، وَمَنْعُ قَسْمِهِ قَتًّا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ قَسْمِ الزَّرْعِ الْقَائِمِ، وَأَمَّا عَلَى جَوَازِهِ فَيُمْنَعُ شَرْطُ قَسْمِهِ حَبًّا؛ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ عَلَى الْأَجِيرِ كَمَا فِي دَبْغِ الْجُلُودِ مُجْتَمِعَةً (قَوْلُهُ: وَجَازَ اُحْصُدْ زَرْعِي) أَيْ وَجَازَ الْعَقْدُ بِقَوْلِهِ اُحْصُدْ زَرْعِي، وَمَا حَصَدْت إلَخْ مِثْلُهُ اُلْقُطْ زَيْتُونِي وَجُذَّ نَخْلِي، وَمَا لَقَطْت أَوْ جَذَذْت فَلَكَ نِصْفُهُ (قَوْلُهُ:، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ) أَيْ وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ إنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الزَّمَنِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ ابْنُ يُونُسَ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ قَالَ اُحْصُدْ الْيَوْمَ أَوْ اُلْقُطْ الْيَوْمَ، وَمَا اجْتَمَعَ فَلَكَ نِصْفُهُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَا يُحْصَدُ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اُحْصُدْ زَرْعِي، وَمَا حَصَدْتَهُ فَلَكَ نِصْفُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَحْصُدَهُ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بِخِلَافِ اُحْصُدْ زَرْعِي هَذَا وَلَك نِصْفُهُ فَإِنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ جَمِيعَهُ، وَجَمِيعُهُ مُعَيَّنٌ مَعْلُومٌ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ كِرَاءُ دَابَّةٍ لِكَذَا) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ تَأَمَّلْ مَا وَجْهُ جَوَازِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَا يَدْرِي مَا بَاعَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَاسْتَشْكَلَهُ خش فِي كَبِيرِهِ بِهَذَا أَيْضًا، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْغَرَرَ هُنَا يَسِيرٌ يُغْتَفَرُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ اكْتَرَى إلَى مَوْضِعٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ اهـ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْجَوَازُ فِي هَذِهِ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الِانْتِقَادِ فَإِنْ انْتَقَدَ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا، وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَيْ فِي الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ) أَيْ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ لِكَذَا إذْ هُوَ غَايَةٌ حُذِفَ مَبْدَؤُهَا لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِالْغَايَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْمَبْدَأِ، وَهُوَ وَقْتُ الْعَقْدِ أَوْ مَوْضِعُهُ فَلَيْسَ فِيهِ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَادَ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا أَكْرَى لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ عَيَّنَ إلَخْ) ، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ لِمَا يَزِيدُهُ كَذَا مِنْ الْأَجْرِ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا، وَلَوْ عَيَّنَ غَايَةَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ كَذَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ إذَا عَيَّنَ غَايَةَ مَا يَزِيدُ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمُعَيَّنِ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَالَ فِيهَا قَبْلَهَا فَإِنْ عَيَّنَ غَايَةَ مَا يَزِيدُ جَازَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ اُنْظُرْ ح اهـ بْن.

الصفحة 10