كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ، أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ فَمَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِمْتَاعِ فَقَطْ مَا لَمْ يُشْهِدْ بِالتَّمْلِيكِ (لَا بِ ابْنِ) عَطْفٌ عَلَى " مُفْهِمِهَا " إذْ الْمُفْهِمُ أَعَمُّ مِنْ الْفِعْلِ كَمَا مَرَّ وَهُوَ مِنْ الْبِنَاءِ أَيْ لَا تَكُونُ الْهِبَةُ بِقَوْلِهِ لِوَلَدِهِ ابْنِ هَذِهِ الْعَرْصَةَ دَارًا (مَعَ قَوْلِهِ) أَيْ الْوَالِدِ (دَارِهِ) أَيْ دَارَ وَلَدِي وَكَذَا قَوْلُهُ ارْكَبْ الدَّابَّةَ مَعَ قَوْلِهِ دَابَّتَهُ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ لِلْأَبْنَاءِ مَعَ عَدَمِ إرَادَةِ التَّمْلِيكِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ تَقُولُ ذَلِكَ لِزَوْجِهَا بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ يَقُولُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ ثُمَّ يَقُولُ دَارِهِ، أَوْ دَابَّتَهُ فَمَحْمُولٌ عَلَى التَّمْلِيكِ لِعَدَمِ جَرَيَانِ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ فِيهِ، ثُمَّ لِلْوَلَدِ أَوْ الزَّوْجِ الْبَانِي قِيمَةُ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ وَانْقَضَتْ بِمَوْتِ الْأَبِ أَوْ الزَّوْجَةِ.

(وَحِيزَ) الشَّيْءُ الْمَوْهُوبُ لِتَتِمَّ الْهِبَةُ أَيْ تَحْصُلَ الْحِيَازَةُ عَنْ الْوَاهِبِ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي تَمَامِهَا (وَإِنْ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْوَاهِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّحْوِيزُ (وَأُجْبِرَ) الْوَاهِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَوْزِ أَيْ عَلَى تَمْكِينِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهُ حَيْثُ طَلَبَهُ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تُمْلَكُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَهُ طَلَبُهَا مِنْهُ حَيْثُ امْتَنَعَ وَلَوْ عِنْدَ حَاكِمٍ لِيُجْبِرَهُ عَلَى تَمْكِينِ الْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَبُولُ وَالْحِيَازَةُ مُعْتَبَرَانِ إلَّا أَنَّ الْقَبُولَ رُكْنٌ وَالْحِيَازَةَ شَرْطٌ.

(وَبَطَلَتْ) الْهِبَةُ (إنْ تَأَخَّرَ) حَوْزُهَا (لِدَيْنٍ مُحِيطٍ) بِمَالِ الْوَاهِبِ وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِهَا فَقَوْلُهُ لِدَيْنٍ أَيْ لِثُبُوتِهِ، وَثُبُوتُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِسَبْقِهِ، أَوْ لُحُوقِهِ وَاللَّامُ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِلْغَايَةِ فَهِيَ بِمَعْنَى إلَى وَأَنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِ بَطَلَتْ (أَوْ) (وَهَبَ لِثَانٍ وَحَازَ) قَبْلَ الْأَوَّلِ فَلِلثَّانِي لِتَقَوِّي جَانِبِهِ بِالْحِيَازَةِ وَلَا قِيمَةَ عَلَى الْوَاهِبِ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ جَدَّ الْأَوَّلُ فِي الطَّلَبِ عَلَى الْمَشْهُورِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا تَمْلِيكًا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ) أَيْ بِخِلَافِ تَحْلِيَةِ الزَّوْجَةِ إلَخْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ تَحْلِيَةَ الزَّوْجَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِمْتَاعِ مَا لَمْ يُشْهِدْ بِالتَّمْلِيكِ خَاصٌّ بِتَحْلِيَتِهَا بِشَيْءٍ وَهِيَ عِنْدَهُ وَأَمَّا مَا يُرْسِلُهُ لَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا هَدِيَّةً مِنْ ثِيَابٍ، أَوْ حُلِيٍّ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّمْلِيكِ إلَّا إذَا سَمَّاهُ عَارِيَّةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يُرْسِلُهُ لَهَا إنْ سَمَّاهُ هَدِيَّةً حُمِلَ عَلَى التَّمْلِيكِ أَوْ عَارِيَّةً حُمِلَ عَلَى عَدَمِهِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَالْأَصْلُ فِيهِ التَّمْلِيكُ فَالْمَدَارُ عَلَى الْقَرَائِنِ وَالْعَادَةِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ أُمِّ الْوَلَدِ) مَا ذَكَره مِنْ أَنَّ تَحْلِيَةَ أُمِّ الْوَلَدِ كَتَحْلِيَةِ الزَّوْجَةِ فِي كَوْنِهِ يُحْمَلُ عَلَى الْإِمْتَاعِ مَا لَمْ يُشْهِدْ بِالتَّمْلِيكِ هُوَ مَا ارْتَضَاهُ بْن نَاقِلًا لَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ وَلَمْ يَرْتَضِ مَا فِي عبق مِنْ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ مِثْلُ الْوَلَدِ فِي أَنَّ تَحْلِيَةَ السَّيِّدِ لَهَا تُحْمَلُ عَلَى التَّمْلِيكِ مَا لَمْ يُشْهِدْ بِالْإِمْتَاعِ. (قَوْلُهُ: إذْ الْمُفْهِمُ أَعَمُّ مِنْ الْفِعْلِ) أَيْ لِصِدْقِهِ بِالْقَوْلِ كَ خُذْ هَذَا وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِلْعَطْفِ عَلَى مُفْهِمٍ أَيْ لِأَنَّ مُفْهِمًا يَشْمَلُ كُلَّ قَوْلٍ مُفْهِمٍ وَكُلَّ فِعْلٍ مُفْهِمٍ وَقَوْلُ الْأَبِ ابْنِ مَعَ قَوْلِهِ دَارِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُفْهِمِ إلَّا أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَمُخْرَجٌ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْبِنَاءِ) أَيْ لَا مِنْ الْبُنُوَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ. (قَوْلُهُ: مَعَ دَارِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُشْهِدْ بِالتَّمْلِيكِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا قَوْلُهُ:) أَيْ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ تَحْصُلَ الْحِيَازَةُ عَنْ الْوَاهِبِ) أَيْ وَتَحْصُلَ حِيَازَةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِلشَّيْءِ الْمَوْهُوبِ إذَا حَصَلَ إذْنٌ مِنْ الْوَاهِبِ بَلْ وَإِنْ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْوَاهِبِ. (قَوْلُهُ: الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي تَمَامِهَا) أَيْ فَإِنْ عُدِمَ لَمْ تَلْزَمْ مَعَ كَوْنِهَا صَحِيحَةً. (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ التَّحْوِيزُ) أَيْ تَسْلِيمُ الْوَاهِبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ. (قَوْلُهُ: تُمْلَكُ بِالْقَوْلِ) أَيْ وَيُقْضَى بِهَا إنْ كَانَتْ لِمُعَيَّنٍ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّرِ لَا إنْ خَرَجَتْ مَخْرَجَ الْإِيمَانِ بِالتَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) وَقِيلَ إنَّمَا تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: الْقَبُولُ وَالْحِيَازَةُ) أَيْ قَبُولُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَحِيَازَتُهُ. (قَوْلُهُ: رُكْنٌ) أَيْ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا فَتَبْطُلُ الْهِبَةُ بِعَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: شَرْطٌ) أَيْ فِي تَمَامِهَا فَإِنْ عُدِمَ لَمْ تَلْزَمْ وَإِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً.

(قَوْلُهُ: لِدَيْنٍ مُحِيطٍ) وَأَوْلَى إذَا تَأَخَّرَ لِقِيَامِ الْغُرَمَاءِ، أَوْ لِفَلَسِهِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِهَا) أَيْ وَلَوْ طَرَأَ الدَّيْنُ بَعْدَ عَقْدِهَا. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِسَبْقِهِ) أَيْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى عَقْدِ الْهِبَةِ أَوْ لَاحِقًا لَهَا وَالْبُطْلَانُ فِي الْأَوَّلِ بِاتِّفَاقٍ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى قَوْلِ الْأَخَوَيْنِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ بِمَعْنَى إلَى) أَيْ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِ تَأَخَّرَ. (قَوْلُهُ: فَلِلثَّانِي) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَاهِبُ حَيًّا لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ مَوَانِعِ الْهِبَةِ عِنْدَ أَشْهَبَ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهَا إنْ كَانَ الْوَاهِبُ حَيًّا وَهُوَ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هِبَةَ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، ثُمَّ هِبَتَهُ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِ الْأَوَّلِ الْمُصَوَّرِ بِالْإِشْهَادِ وَدَفْعِ ذِكْرِ الْحَقِّ لَهُ إنْ كَانَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَالْإِبْرَاءُ مِنْ الدَّيْنِ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ فَإِنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ بَعْدَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِتَصْيِيرِ الدَّيْنِ لَهُ وَشَمِلَ أَيْضًا طَلَاقَ امْرَأَةٍ عَلَى بَرَاءَتِهَا لَهُ مِنْ مُؤَخَّرِ صَدَاقِهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا وَهَبَتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِآخَرَ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فَإِنْ كَانَتْ أَشْهَدَتْ أَنَّهَا وَهَبَتْهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَدَفَعَتْ لَهُ ذِكْرَ الصَّدَاقِ طَلُقَتْ بَائِنًا وَلَزِمَ الزَّوْجَ دَفْعُ مُؤَخَّرِهِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تُشْهِدْ وَلَمْ تَدْفَعْ الذِّكْرَ لِلْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَسْقُطُ عَنْهُ الْمُؤَخَّرُ بِبَرَاءَتِهَا لَهُ مِنْهُ وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ وَلَا يَشْمَلُ قَوْلُهُ: أَوْ وَهَبْت لِثَانٍ وَحَازَ قَبْلَ الْأَوَّلِ مَا إذَا وَهَبَ لِلثَّانِي الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ بِإِعَارَةٍ أَوْ إخْدَامٍ وَحَازَهُ الْمُسْتَعِيرُ أَوْ الْمُخْدَمُ بَعْدَ أَنْ وَهَبَ أَوَّلًا ذَاتَهُ وَمَنْفَعَتَهُ لِشَخْصٍ فَإِنَّ الْحَقَّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَوَّلًا فِي الْمَنْفَعَةِ وَالذَّاتِ دُونَ الثَّانِي لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ حَوْزَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُخْدَمِ حَوْزٌ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَحِينَئِذٍ لَا يُصَدَّقُ أَنَّ الثَّانِيَ حَازَ قَبْلَ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ جَدَّ الْأَوَّلُ فِي طَلَبٍ) أَيْ قَبْلَ هِبَتِهَا لِلثَّانِي وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ جَدَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُوهَبْ لِثَانٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلِلثَّانِي وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ

الصفحة 101