كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

(أَوْ) (أَعْتَقَ الْوَاهِبُ) قَبْلَ الْحَوْزِ، أَوْ كَاتَبَ، أَوْ دَبَّرَ بَطَلَتْ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِعِتْقِ الْوَاهِبِ أَمْ لَا (أَوْ) (اسْتَوْلَدَ) الْوَاهِبُ الْأَمَةَ الْمَوْهُوبَةَ أَيْ حَمَلَتْ مِنْهُ قَبْلَ الْحَوْزِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْوَطْءِ فَلَا يُفِيتُ (وَلَا قِيمَةَ) عَلَى الْوَاهِبِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ.

(أَوْ) (اسْتَصْحَبَ) الْوَاهِبُ (هَدِيَّةً) لِشَخْصٍ فِي سَفَرِهِ لِمَحَلٍّ هُوَ بِهِ، ثُمَّ مَاتَ (أَوْ أَرْسَلَهَا) لَهُ مَعَ شَخْصٍ (ثُمَّ مَاتَ) الْوَاهِبُ قَبْلَ وُصُولِهِ، أَوْ وُصُولِ رَسُولِهِ كَانَتْ لِمُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَتَبْطُلُ فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ لِعَدَمِ الْحَوْزِ قَبْلَ الْمَانِعِ.

(أَوْ) مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ (الْمُعَيَّنَةُ لَهُ) أَيْ الَّذِي قُصِدَ بِهَا عَيْنُهُ دُونَ وَارِثِهِ سَوَاءٌ اسْتَصْحَبَ، أَوْ أَرْسَلَ فَتَبْطُلُ لِعَدَمِ الْقَبُولِ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ (إنْ لَمْ يُشْهِدْ) وَمَفْهُومُ " الْمُعَيَّنَةُ لَهُ " أَنَّهُ لَوْ لَمْ تُقْصَدْ عَيْنُهُ بَلْ هُوَ وَذُرِّيَّتُهُ كَطَعَامٍ حُمِلَ إلَيْهِ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ فَتَكُونُ لِذُرِّيَّتِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَيْضًا وَمَفْهُومُ " إنْ لَمْ يُشْهِدْ " أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ أَنَّهَا لِفُلَانٍ حِينَ الِاسْتِصْحَابِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَنَّهَا لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ وَلَا بِمَوْتِ الْوَاهِبِ بَلْ تَصِحُّ فِي الثَّمَانِيَةِ أَيْ اسْتَصْحَبَ الْوَاهِبُ أَوْ أَرْسَلَ قَصَدَ عَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ مَاتَ الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِتَنْزِيلِهِمْ الْإِشْهَادَ مَنْزِلَةَ الْحَوْزِ فَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا عَلَى سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً.

وَشُبِّهَ فِي الْبُطْلَانِ لِعَدَمِ الْحَوْزِ قَوْلُهُ (كَأَنْ) (دَفَعْتَ) فِي صِحَّتِك، أَوْ مَرَضِك (لِمَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْك بِمَالٍ) لِلْفُقَرَاءِ (وَلَمْ تُشْهِدْ) حِينَ الدَّفْعِ حَتَّى حَصَلَ مَانِعٌ مِنْ مَوْتٍ، أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ إنْفَاذِهِ، أَوْ إنْفَاذِ شَيْءٍ مِنْهُ فَتَبْطُلُ وَيَرْجِعُ جَمِيعُهُ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ لَك، أَوْ لِوَارِثِك بَعْدَ الْمَانِعِ فَإِنْ أَنْفَذَ شَيْئًا مِنْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ ضَمِنَهُ إنْ عَلِمَ بِالْمَوْتِ وَإِلَّا فَخِلَافٌ وَمَفْهُومُ " لَمْ تُشْهِدْ " أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ حِينَ الدَّفْعِ لِمَنْ يَتَصَدَّقُ بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ أَعْتَقَ الْوَاهِبُ) أَيْ مَا وَهَبَهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا، أَوْ لِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْوَطْءِ) أَيْ الْوَطْءِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْإِيلَادِ فَلَا يُفِيتُ وَمِثْلُ الْهِبَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَصِيَّةُ فَإِذَا أَوْصَى بِأَمَتِهِ لِشَخْصٍ ثُمَّ وَطِئَهَا فَإِنْ حَمَلَتْ مِنْهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَنَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي خِلَافًا لِمَا فِي عبق تَبَعًا لعج مِنْ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِمُجَرَّدِ الْوَطْءِ. (قَوْلُهُ: وَلَا قِيمَةَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ قَدْ رَاعَوْا فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَتَقَوِّي الثَّانِي بِالْقَبْضِ فَلِذَا قِيلَ بِبُطْلَانِ الْهِبَةِ فِيهَا وَعَدَمِ الْقِيمَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ) أَيْ الْمُسْتَصْحِبُ أَوْ الْمُرْسِلُ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ الرَّسُولُ قَبْلَ وُصُولِهِ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ) أَيْ قَبْلَ وُصُولِ الْهِبَةِ لَهُ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ، أَوْ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ كَانَ الصَّوَابُ أَنْ لَوْ قَالَ: ثُمَّ مَاتَ هُوَ أَوْ الْمُعَيَّنَةُ هِيَ لَهُ بِالْإِبْرَازِ فِيهِمَا لِعَطْفِ الظَّاهِرِ عَلَى الضَّمِيرِ فِي الْأَوَّلِ وَلِجَرَيَانِ الصِّلَةِ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ فِي الثَّانِي وَأَجَابَ الْبَدْرُ بِأَنَّ الْأَمْرَ سَهْلٌ فَلِغَرَضِ الِاخْتِصَارِ كَفَى الْأَوَّلُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ وَبِلَا فَصْلٍ يَرِدُ وَفِي الثَّانِي عَلَى قَوْلِ الْكُوفِيِّينَ لَا يَجِبُ الْإِبْرَازُ إذَا أُمِنَ اللَّبْسُ. (قَوْلُهُ: الْمُعَيَّنَةُ لَهُ) الْمُرَادُ الْمُعَيَّنُ لَهَا لِعِلْمِهِ وَزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ لَا هُوَ وَذُرِّيَّتُهُ. (قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي قُصِدَ بِهَا عَيْنُهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْوَاهِبُ هِيَ لِفُلَانٍ إنْ كَانَ حَيًّا. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اسْتَصْحَبَ) أَيْ اسْتَصْحَبَهَا الْوَاهِبُ مَعَهُ أَوْ أَرْسَلَهَا مَعَ رَسُولٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ) الْأَوْلَى لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُرْسَلًا إلَيْهِ، أَوْ مُسْتَصْحَبًا لَهُ. (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ أَيْضًا) أَيْ فِي مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَسْتَصْحِبَهَا الْوَاهِبُ مَعَهُ، أَوْ يُرْسِلَهَا مَعَ رَسُولٍ وَلَمْ يُشْهِدْ فِيهِمَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي اثْنَتَيْنِ مِنْهَا وَتَصِحُّ فِي اثْنَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بِمَوْتِ الْوَاهِبِ) أَيْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مُعَيَّنًا، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً) حَاصِلُهَا أَنَّ الْوَاهِبَ إمَّا أَنْ يَسْتَصْحِبَ الْهَدِيَّةَ مَعَهُ، أَوْ يُرْسِلَهَا مَعَ رَسُولٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِالْهِبَةِ عَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَمُوتَ الْوَاهِبُ، أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُشْهِدَ حِينَ الِاسْتِصْحَابِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَنَّهَا لِفُلَانٍ أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً الْبُطْلَانُ فِي سِتَّةٍ مِنْهَا وَهِيَ صُوَرُ الْمَنْطُوقِ الْأَرْبَعَةُ وَصُورَتَانِ مِنْ صُوَرِ مَنْطُوقِ الْمُعَيَّنِ لَهُ وَالصِّحَّةُ فِي عَشَرَةٍ وَهِيَ صُوَرُ الْمَفْهُومِ.

(قَوْلُهُ: فِي صِحَّتِك، أَوْ مَرَضِك) فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي بْن قَصْرُهُ عَلَى الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْإِشْهَادِ وَعَدَمِهِ إنَّمَا هُوَ فِي الصَّحِيحِ لِتَوَقُّفِ صَدَقَاتِهِ عَلَى الْحِيَازَةِ وَالشَّهَادَةُ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَتَهَا وَأَمَّا الْمَرِيضُ فَتَبَرُّعَاتُهُ نَافِذَةٌ مِنْ الثُّلُثِ مُطْلَقًا أَشْهَدَ أَمْ لَا فَلَا يَتَوَقَّفُ مُضِيُّ تَبَرُّعِهِ عَلَى حَوْزٍ وَلَا عَلَى مَا يَقُومُ مَقَامَهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكُلُّ صَدَقَةٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ حَبْسٍ، أَوْ عَطِيَّةٍ بَتَلَهَا الْمَرِيضُ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فَلَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَذَلِكَ نَافِذٌ مِنْ ثُلُثِهِ كَوَصَايَاهُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُشْهِدْ) أَيْ بِتِلْكَ الصَّدَقَةِ حِينَ الدَّفْعِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُشْهِدْ مَعَ أَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ التَّشْبِيهِ بِالْبُطْلَانِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الْبُطْلَانِ لَا بِقَيْدِ عَدَمِ الْإِشْهَادِ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَفَلَسٍ، أَوْ جُنُونٍ. (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ الْمَانِعُ بَعْدَ تَفْرِقَةِ جَمِيعِهِ فَقَدْ مَضَتْ. (قَوْلُهُ: لَك) أَيْ إنْ كَانَ الْمَانِعُ غَيْرَ الْمَوْتِ. (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ بِالْمَوْتِ) وَإِلَّا فَخِلَافٌ فَإِنْ تَنَازَعَ الْوَرَثَةُ وَالْوَكِيلُ فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ فَادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ فَرَّقَ غَيْرَ عَالِمٍ بِمَوْتِهِ وَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهُ فَرَّقَ عَالِمًا بِمَوْتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ

الصفحة 102