كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

لِلْخِدْمَةِ بِحَيْثُ تَتَعَسَّرُ بِدُونِهِ حَتَّى إذَا لَمْ يُقَوِّمْهُ لَتَعَدَّى عَلَيْهِ وَاسْتَخْدَمَهُ وَارْتَكَبَ الْحَرَامَ فَالضَّرُورَةُ فِي الْأَمَةِ غَيْرُ الضَّرُورَةِ فِي الْعَبْدِ وَالْأُمُّ كَالْأَبِ لَهَا التَّقْوِيمُ حَتَّى فِي الْأَمَةِ لِضَرُورَةِ الْخِدْمَةِ (وَيُسْتَقْصَى) فِي الْقِيمَةِ بِأَنْ تَكُونَ سَدَادًا كَمَا فِي النَّصِّ فَالْمُرَادُ أَنْ لَا تَكُونَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمِثْلِ، نَعَمْ إنْ اُخْتُلِفَ فِي التَّقْوِيمِ اُعْتُبِرَ الْأَعْلَى كَمَا يُفِيدُهُ الْمُصَنِّفُ وَقَيَّدْنَاهُ بِالصَّغِيرِ وَمِثْلُهُ السَّفِيهُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الْكَبِيرَ الرَّشِيدَ لَيْسَ لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ ذَلِكَ وَالْكَلَامُ فِي الصَّدَقَةِ وَمِثْلُهَا الْهِبَةُ الَّتِي لَا تُعْتَصَرُ.

(وَجَازَ) لِلْوَاهِبِ (شَرْطُ الثَّوَابِ) أَيْ الْعِوَضِ عَلَى هِبَتِهِ عَيَّنَ الثَّوَابَ أَمْ لَا نَحْوُ وَهَبْتُك هَذَا بِمِائَةٍ، أَوْ عَلَى أَنْ تُثِيبَنِي (وَلَزِمَ) الثَّوَابُ (بِتَعْيِينِهِ) إنْ قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُ مَا عُيِّنَ وَأَمَّا عَقْدُ الْهِبَةِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا الثَّوَابُ فَلَازِمٌ لِلْوَاهِبِ بِالْقَبْضِ كَمَا يَأْتِي عُيِّنَ الثَّوَابُ أَمْ لَا.

(وَصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ) أَيْ فِي قَصْدِهِ الثَّوَابَ عِنْدَ التَّنَازُعِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِأَنْ قَالَ الْوَاهِبُ وَهَبْت لِقَصْدِ الثَّوَابِ وَخَالَفَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ (إنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ) أَوْ قَرِينَةٌ بِضِدِّهِ فَإِنْ شَهِدَ (بِضِدِّهِ) أَيْ الثَّوَابِ بِأَنْ كَانَ مِثْلُ الْوَاهِبِ لَا يَطْلُبُ فِي هِبَتِهِ ثَوَابًا فَالْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَقَوْلُنَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَأَمَّا التَّنَازُعُ قَبْلَهُ فَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ مُطْلَقًا، وَإِنْ شَهِدَ عُرْفٌ بِضِدِّهِ (وَإِنْ) كَانَتْ الْهِبَةُ (لِعُرْسٍ) فَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ كَمَا لَوْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ هِبَتِهِ مُعَجِّلًا وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ لِحُدُوثِ عُرْسِ مِثْلِهِ وَلِرَبِّ الْعُرْسِ أَنْ يُحَاسِبَهُ بِمَا أَكَلَهُ عِنْدَهُ مِنْ الْوَلِيمَةِ هُوَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ نِسَاءٍ أَوْ رِجَالٍ (وَهَلْ يُحَلَّفُ) الْوَاهِبُ أَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَ لِلثَّوَابِ مُطْلَقًا أَشْكَلَ الْأَمْرُ أَمْ لَا (أَوْ) يُحَلَّفُ (إنْ أَشْكَلَ) الْأَمْرُ فَقَطْ بِأَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْعُرْفُ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ فَإِنْ اتَّضَحَ الْأَمْرُ بِأَنْ شَهِدَ لَهُ الْعُرْفُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ (تَأْوِيلَانِ) مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْعُرْفَ هَلْ هُوَ كَشَاهِدٍ فَيُحَلَّفَ مَعَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ شِرَاؤُهَا لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ تَقْوِيمُهَا بِالْعُدُولِ فَهُوَ يَشْتَرِي مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ بِالسَّدَادِ اهـ بْن وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ " لِلْأَبِ " إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " وَتَقْوِيمُ جَارِيَةٍ " عَطْفٌ عَلَى " اعْتِصَارُهَا " مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ أَنْ لَا تَكُونَ أَقَلَّ إلَخْ) أَيْ فَالشِّرَاءُ بِالْقِيمَةِ سَدَادٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَيُسْتَقْصَى فِي التَّقْوِيمِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَزْيَدَ مِنْ الْقِيمَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ الشِّرَاءُ بِالْقِيمَةِ غَيْرَ سَدَادٍ. (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا تُعْتَصَرُ) أَيْ إمَّا لِاشْتِرَاطِ الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ عَدَمَ اعْتِصَارِهَا، أَوْ لِفَوَاتِهَا عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِتَغْيِيرِ ذَاتٍ أَوْ لِمُدَايَنَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ إنْكَاحِهِ لِأَجْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ تُعْتَصَرُ وَلَمْ يَعْتَصِرْهَا الْأَبُ، أَوْ الْأُمُّ وَطَلَبَ أَخْذَهَا بِالْعِوَضِ فَانْظُرْ هَلْ يَأْخُذُهَا بِقِيمَتِهَا، أَوْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِأَقَلَّ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.

(قَوْلُهُ: شَرْطُ الثَّوَابِ) أَيْ اشْتِرَاطُ الثَّوَابِ حَالَةَ كَوْنِ الِاشْتِرَاطِ مُقَارِنًا لِلَفْظِهَا. (قَوْلُهُ: عَيَّنَ الثَّوَابَ أَمْ لَا) أَيْ فَتَعْيِينُهُ غَيْرُ لَازِمٍ قِيَاسًا عَلَى نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنْ اشْتَرَطَ الْعِوَضَ فِي عَقْدِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ الثَّوَابُ) أَيْ لَزِمَ دَفْعُهُ. (قَوْلُهُ: بِتَعْيِينِهِ) أَيْ بِتَعْيِينِ قَدْرِهِ وَنَوْعِهِ كَانَ التَّعْيِينُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ مِنْ الْوَاهِبِ وَرَضِيَ الْآخَرُ بِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَيَّنَ الثَّوَابَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَرَضِيَ الْآخَرُ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَفْعُهُ إذَا قَبِلَ الْهِبَةَ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الثَّوَابِ بَعْدَ تَعْيِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْهِبَةَ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِتَعْيِينِهِ، كَذَا فِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: إنْ قَبِلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ) أَيْ الْهِبَةَ وَرَضِيَ بِذَلِكَ الثَّوَابِ الْمُعَيَّنِ. (قَوْلُهُ: فَلَازِمٌ لِلْوَاهِبِ بِالْقَبْضِ) أَيْ بِقَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ وَأَمَّا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِالْفَوَاتِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ لُزُومِهَا بِالْقَبْضِ لِلْوَاهِبِ عَيَّنَ الثَّوَابَ أَمْ لَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فَإِنَّ تَوَقُّفَ لُزُومِ الْعَقْدِ عَلَى الْقَبْضِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الثَّوَابُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَأَمَّا إذَا عَيَّنَ الثَّوَابَ عِنْدَ عَقْدِ الْهِبَةِ وَرَضِيَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ اللُّزُومُ عَلَى قَبْضٍ بَلْ يَلْزَمُ الْعَقْدُ كُلًّا مِنْهُمَا بِسَبَبِ تَعْيِينِهِ كَالْبَيْعِ فَتَدَبَّرْ، وَلِذَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي حَلِّ الْمَتْنِ وَلَزِمَ الْعَقْدُ بِتَعْيِينِهِ أَيْ الثَّوَابِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الثَّوَابَ إذَا عَيَّنَهُ أَحَدُهُمَا وَرَضِيَ بِهِ الْآخَرُ كَانَ الْعَقْدُ لَازِمًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَوَاءٌ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ الثَّوَابُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا يَلْزَمُ الْعَقْدُ الْوَاهِبَ إلَّا بِقَبْضِهَا وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ إلَّا بِفَوَاتِهَا بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ.

(قَوْلُهُ: أَيْ فِي قَصْدِهِ الثَّوَابَ) أَيْ لَا فِي شَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْوَاهِبُ اشْتِرَاطَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ وَلَا يُنْظَرُ لِعُرْفٍ وَلَا لِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْهَدْ إلَخْ) أَيْ إنْ انْتَفَتْ شَهَادَةُ الْعُرْفِ بِضِدِّهِ بِأَنْ شَهِدَ الْعُرْفُ لَهُ، أَوْ لَمْ يَشْهَدْ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ شَهِدَ عُرْفٌ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَشْهَدْ الْعُرْفُ بِضِدِّهِ بَلْ وَإِنْ شَهِدَ بِضِدِّهِ وَهَذَا بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِعُرْسٍ) مُبَالَغَةٌ عَلَى تَصْدِيقِ الْوَاهِبِ أَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَ لِثَوَابٍ مَعَ قَيْدِهِ. (قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ) أَيْ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِبَتِهِ الثَّوَابَ، وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ بِضِدِّهِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَمَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ وَلِمَنْ وَهَبَ لِعُرْسٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِالتَّأْخِيرِ لِحُدُوثِ عُرْسِ مِثْلِهِ وَهُوَ مَا عَزَاهُ الْمُتَيْطِيُّ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَفِي الْبُرْزُلِيِّ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِالْعُرْفِ الْجَارِي بِالتَّأْخِيرِ لِحُدُوثِ عُرْسِ مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: أَشْكَلَ الْأَمْرُ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْعُرْفُ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ بِأَنْ شَهِدَ الْعُرْفُ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُحَلَّفُ إنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَقَطْ) هَذَا أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي المج

الصفحة 114