كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

أَوْ كَشَاهِدَيْنِ فَلَا، وَمَحَلُّ تَصْدِيقِ الْوَاهِبِ فِي دَعْوَى الثَّوَابِ (فِي غَيْرِ) هِبَةِ النَّقْدِ (الْمَسْكُوكِ) وَأَمَّا هُوَ فَلَا ثَوَابَ فِيهِ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ الْوَاهِبِ حَالَ الْهِبَةِ، أَوْ عُرْفٍ فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ وَيَكُونُ الْعِوَضُ عَرَضًا، أَوْ طَعَامًا وَمِثْلُ الْمَسْكُوكِ السَّبَائِكُ وَالتِّبْرُ وَمَا تَكَسَّرَ مِنْ حُلِيٍّ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ كَالْعُرُوضِ يُصَدَّقُ فِيهِ الْوَاهِبُ (وَ) فِي غَيْرِ (هِبَةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ) شَيْئًا مِنْ عَرَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُصَدَّقُ الْوَاهِبُ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي أَنَّهُ وَهَبَ لِلثَّوَابِ إلَّا لِشَرْطٍ، أَوْ قَرِينَةٍ فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا لِشَرْطٍ وَلَا تَكْفِي الْقَرِينَةُ وَمِثْلُ الزَّوْجَيْنِ الْأَقَارِبُ الَّذِينَ بَيْنَهُمْ الصِّلَةُ (وَ) فِي غَيْرِ هِبَةٍ (لِقَادِمٍ عِنْدَ قُدُومِهِ) مِنْ سَفَرِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الثَّوَابَ (وَإِنْ) كَانَ الْوَاهِبُ (فَقِيرًا) وَهَبَ (لِغَنِيٍّ) قَادِمٍ إلَّا لِشَرْطٍ، أَوْ عُرْفٍ كَمَا بِمِصْرَ.

(وَلَا يَأْخُذُ) الْوَاهِبُ لِلْقَادِمِ (هِبَتَهُ) حَيْثُ لَمْ يُصَدَّقْ (وَإِنْ) كَانَتْ (قَائِمَةً) وَتَضِيعُ مَجَّانًا عَلَى صَاحِبِهَا وَقَيَّدَهُ الْحَطَّابُ بِمَا إذَا كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لَطِيفَةً كَالْفَوَاكِهِ وَالثَّمَرِ بِخِلَافِ نَحْوِ الثِّيَابِ وَالْقَمْحِ وَالْغَنَمِ.

(وَلَزِمَ وَاهِبَهَا لَا الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ) " الْقِيمَةُ " فَاعِلُ لَزِمَ " وَوَاهِبَهَا " مَفْعُولُهُ " وَالْمَوْهُوبَ " عَطْفٌ عَلَيْهِ بِلَا، يَعْنِي يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْقِيمَةِ إذَا دَفَعَهَا لَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ الْهِبَةَ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ قَبُولِ الْقِيمَةِ بَلْ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا بِأَضْعَافٍ وَلَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ أَيْ دَفْعُهَا لِلْوَاهِبِ بَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ كَشَاهِدَيْنِ فَلَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحَلَّفُ إلَّا إذَا أَشْكَلَ وَمُفَادُ كَلَامِهِ اتِّفَاقُ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى حَلِفِهِ عِنْدَ الْإِشْكَالِ وَأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي حَالِ شَهَادَةِ الْعُرْفِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ تَصْدِيقِ الْوَاهِبِ فِي دَعْوَى الثَّوَابِ إلَخْ) أَيْ فِي دَعْوَى قَصْدِهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " فِي غَيْرِ مَسْكُوكٍ " مُتَعَلِّقٌ بِ صُدِّقَ وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الثَّانِيَ أَخَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ، نَحْوُ جَلَسْت فِي الْمَسْجِدِ فِي مِحْرَابِهِ وَهُوَ جَائِزٌ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا هُوَ فَلَا ثَوَابَ فِيهِ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ أَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَهَبُونَ لِلثَّوَابِ مَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ وَالْمَسْكُوكُ لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ فَهِبَتُهُ لِلثَّوَابِ خِلَافُ الْعُرْفِ فَلِذَا لَا يُصَدَّقُ الْوَاهِبُ فِي قَصْدِ الثَّوَابَ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْمَسْكُوكِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ لَا ثَوَابَ فِيهِ إلَّا لِشَرْطٍ السَّبَائِكُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ كَالْعُرُوضِ) أَيْ لِأَنَّ صَنْعَتَهُ لَمَّا كَانَتْ كَثِيرَةً نَقَلَتْهُ عَنْ أَصْلِهِ فَصَارَ مُقَوَّمًا بِخِلَافِ الْمَسْكُوكِ فَإِنَّ صَنْعَتَهُ وَهِيَ السِّكَّةُ لَمَّا كَانَتْ يَسِيرَةً لَمْ تَنْقُلْهُ عَنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الْمِثْلِيَّةُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَدَّقُ الْوَاهِبُ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ إلَخْ) لِأَنَّ الشَّأْنَ قَصْدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهِبَتِهِ لِلْآخَرِ التَّعَاطُفَ وَالتَّوَاصُلَ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ قَرِينَةٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ الْهِبَةِ لِلْآخَرِ الْإِثَابَةَ، أَوْ تَقُومَ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِهَا أَيْ أَوْ يَجْرِيَ الْعُرْفُ بِهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الثَّوَابِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا لِشَرْطٍ) أَيْ أَوْ عُرْفٍ فَيُعْمَلُ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: الْأَقَارِبُ الَّذِينَ بَيْنَهُمْ الصِّلَةُ) أَيْ مِثْلُ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ وَغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَدَّقُ) أَيْ الْوَاهِبُ لِلْقَادِمِ فِي دَعْوَاهُ قَصْدَ الثَّوَابِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَدِمَ شَخْصٌ مِنْ سَفَرِهِ وَأَهْدَى لَهُ شَخْصٌ هَدِيَّةً مِنْ فَاكِهَةٍ، أَوْ رُطَبٍ، أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ وَادَّعَى قَصْدَ الثَّوَابِ وَادَّعَى الْقَادِمُ عَدَمَهُ فَالْقَوْلُ لِلْقَادِمِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَأْخُذُ الْوَاهِبُ لِلْقَادِمِ هِبَتَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ ح إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْهِبَةَ لِلْقَادِمِ لَا يُصَدَّقُ وَاهِبُهَا فِي دَعْوَاهُ قَصْدَ الثَّوَابِ وَتَضِيعُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْهِبَةُ لَطِيفَةً كَالْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهَا وَأَمَّا الثِّيَابُ وَالْقَمْحُ وَالْغَنَمُ وَالدَّجَاجُ وَشِبْهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَاهِبِ فِي دَعْوَاهُ قَصْدَ الثَّوَابِ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَلَمْ يُشَبِّهْ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَيْهَا كَانَ لِلْوَاهِبِ أَخْذُهَا وَإِنْ فَاتَتْ لَزِمَ الْمَوْهُوبَ لَهُ دَفْعُ قِيمَتِهَا. (تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ عِيَاضٌ فِي الْمَدَارِكِ عَنْ سَعْدٍ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْفَقِيهَ لَا يَلْزَمُهُ ضِيَافَةٌ لِمَنْ ضَافَهُ وَلَا مُكَافَأَةٌ لِمَنْ أَهْدَى لَهُ وَلَا أَدَاءُ شَهَادَةٍ تَحَمَّلَهَا اهـ وَالْمُرَادُ بِالْفَقِيهِ مَا يَشْمَلُ مَنْ شَغَلَ أَوْقَاتَهُ بِالْمُطَالَعَةِ وَالتَّعْلِيمِ وَالْفَتْوَى وَإِنْ اقْتَصَرَ عَنْ الِاجْتِهَادِ كَمَا فِي بْن لَا خُصُوصُ الْمُجْتَهِدِ كَمَا فِي عبق وَمَحَلُّ عَدَمِ لُزُومِ الشَّهَادَةِ لَهُ مَا لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ نَقْلِ تت أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ لُزُومِ مُكَافَأَتِهِ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِمُكَافَأَتِهِ، أَوْ يَكُونُ الَّذِي أَهْدَاهُ فَقِيهًا مِثْلَهُ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَزِمَ وَاهِبَهَا لَا الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ) أَيْ وَلَزِمَ وَاهِبَ الْهِبَةِ قَبُولُ الْقِيمَةِ إذَا دَفَعَهَا لَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ الْهِبَةَ وَقَوْلُهُ: لَا الْمَوْهُوبَ أَيْ لَا يَلْزَمُ الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ أَيْ دَفْعُهَا لِلْوَاهِبِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الثَّوَابَ لَمْ يُعَيَّنْ وَأَمَّا إذَا عُيِّنَ وَرَضِيَ بِهِ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ قَبَضَهَا أَمْ لَا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: الْقِيمَةُ) فَاعِلُ لَزِمَ أَيْ لَكِنْ مِنْ حَيْثُ الْأَخْذُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَاهِبِ وَمِنْ حَيْثُ الدَّفْعُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فَهُوَ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْهِبَةَ، وَقَوْلُهُ: فَلَهُ أَيْ

الصفحة 115