كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

لَا يُرَاعَى فِيهَا خَوْفٌ أَيْ خَوْفُ جُوعٍ، أَوْ عَطَشٍ، أَوْ سِبَاعٍ وَأَمَّا خَوْفُ الْخَائِنِ فَمُوجِبٌ لِلِالْتِقَاطِ.

(وَ) لَهُ (كِرَاءُ بَقَرٍ وَنَحْوِهَا) كَخَيْلٍ وَحُمُرٍ (فِي عَلَفِهَا) بِفَتْحِ اللَّامِ مَا تُعْلَفُ بِهِ مِنْ نَحْوِ فُولٍ وَأَمَّا بِالسُّكُونِ فَاسْمٌ لِلْفِعْلِ (كِرَاءً مَضْمُونًا) أَيْ مَأْمُونًا لَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْهُ مُيَاوَمَةً، أَوْ مُشَاهَرَةً أَوْ وَجِيبَةً فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَضْمُونِ ضِدَّ الْمُعَيَّنِ (وَ) لَهُ (رُكُوبُ دَابَّةٍ) مِنْ مَوْضِعِ الِالْتِقَاطِ (لِمَوْضِعِهِ) وَإِنْ لَمْ يَتَعَسَّرْ قَوْدُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ أَكْرَاهَا فِي أَزْيَدَ مِنْ عَلَفِهَا أَوْ غَيْرِ مَأْمُونٍ، أَوْ رَكِبَهَا لِغَيْرِ مَوْضِعِهِ (ضَمِنَ) الْقِيمَةَ - إنْ هَلَكَتْ - وَمَا زَادَ عَلَى عَلَفِهَا وَقِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ إنْ لَمْ تَهْلِكْ.

(وَ) لَهُ (غَلَّاتُهَا) مِنْ لَبَنٍ وَسَمْنٍ، وَإِنْ زَادَ عَلَى عَلَفِهَا (دُونَ نَسْلِهَا) وَصُوفِهَا وَشَعْرِهَا وَوَبَرِهَا وَدُونَ كِرَائِهَا لِغَيْرِ الْعَلَفِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَ) إنْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ مِنْ عِنْدِهِ (خُيِّرَ رَبُّهَا) إذَا جَاءَ (بَيْنَ فَكِّهَا بِالنَّفَقَةِ) لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ (أَوْ إسْلَامِهَا) لِمُلْتَقِطِهَا فِي نَظِيرِهَا فَإِنْ أَسْلَمَهَا، ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ بَدَلَ " أَوْ ".

(وَإِنْ) (بَاعَهَا) الْمُلْتَقِطُ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ السَّنَةِ الَّتِي عَرَّفَهَا بِهَا (فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ) الَّذِي بِيعَتْ بِهِ وَالْبَيْعُ مَاضٍ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَلَوْ عَدِيمًا لَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ مَلِيئًا (بِخِلَافِ مَا لَوْ) (وَجَدَهَا) رَبُّهَا (بِيَدِ الْمِسْكِينِ) الْمُتَصَدَّقِ بِهَا عَلَيْهِ (أَوْ) بِيَدِ (مُبْتَاعٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمِسْكِينِ (فَلَهُ) أَيْ لِرَبِّهَا (أَخْذُهَا) مِنْ الْمِسْكِينِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْمِسْكِينِ إنْ وَجَدَ عِنْدَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآنَ مَا صَنَعَ عُثْمَانُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي تَضْمِينِ الْخُفَرَاءِ فَلِذَا اخْتَارَ شَيْخُنَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: لَا يُرَاعَى فِيهَا) أَيْ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ كِرَاءُ بَقَرٍ وَنَحْوِهَا فِي عَلَفِهَا) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا فِي مَنَافِعِهِ بِقَدْرِ عَلَفِهَا إنْ كَانَ عَلَفُهَا مِنْ عِنْدِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي بَقَرٍ لَيْسَ لَهُ أَكْلُهَا وَهِيَ الَّتِي وَجَدَهَا فِي الْعُمْرَانِ، أَوْ فِي الْفَيْفَاءِ وَتَيَسَّرَ سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَأْمُونًا) أَيْ مَأْمُونًا عَاقِبَتُهُ. (قَوْلُهُ: مُيَاوَمَةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ مُيَاوَمَةً إلَخْ أَوْ مُشَاهَرَةً، أَوْ وَجِيبَةً وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ كِرَاؤُهَا فِي عَلَفِهَا مَعَ أَنَّ رَبَّهَا لَمْ يُوَكِّلْهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ عَلَيْهَا فَكَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ لِرَبِّهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا أَكْرَاهَا كِرَاءً مَأْمُونًا وَجِيبَةً ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ لِوُقُوعِ ذَلِكَ الْعَقْدِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَضْمُونِ ضِدَّ الْمُعَيَّنِ) أَيْ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَضْمُونُ عَاقِبَتُهُ وَهُوَ الْمَأْمُونُ الَّذِي لَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْتَاجُ لِتَصْوِيبِ ابْنِ غَازِيٍّ مَضْمُونًا بِمَأْمُونًا وَوَجْهُ تَصْوِيبِهِ أَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ كِرَاءُ دَابَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَالْفَرْضُ هُنَا أَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ. (قَوْلُهُ: لِمَوْضِعِهِ) أَيْ مَحَلِّ إقَامَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ الْقِيمَةَ إنْ هَلَكَتْ إلَخْ) أَيْ وَيُقَدَّمُ فِي الضَّمَانِ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْكِرَاءِ غَيْرِ الْمَأْمُونِ - لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ - عَلَى الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ. (قَوْلُهُ: وَمَا زَادَ عَلَى عَلَفِهَا) فَإِذَا أُكْرِيَتْ لِأَجْلِ الْعَلَفِ وَزَادَ مِنْ كِرَائِهَا شَيْءٌ عَلَى الْعَلَفِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُلْتَقِطِ أَخْذُهُ لِنَفْسِهِ بَلْ يَغْرَمُهُ لِرَبِّهَا إذَا جَاءَ. (قَوْلُهُ: وَقِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الرُّكُوبُ لِغَيْرِ مَوْضِعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ غَلَّاتُهَا) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ نَفَقَتِهَا إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يُكْرِهَا فِي عَلَفِهَا وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهَا فِي مَنَافِعِهِ وَضَمِيرُ غَلَّاتِهَا عَائِدٌ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الشَّاةِ وَمَا بَعْدَهَا، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ الْغَلَّةَ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى قَدْرِ عَلَفِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ، وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ أَنَّهُ إنَّمَا لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ عَلَفِهِ لَهَا وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ لُقَطَةٌ مَعَهَا قَالَ شَيْخُنَا وَفِي كَلَامِ عج مَيْلٌ لِتَرْجِيحِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: وَصُوفِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَامًّا أَوْ غَيْرَ تَامٍّ فَهُوَ لِرَبِّهَا مِثْلُ النَّسْلِ وَمَا مَعَهُ وَلَا يَأْخُذُهُ الْمُلْتَقِطُ لِنَفْسِهِ بَلْ عَلَى أَنَّهُ لُقَطَةٌ مَعَهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ كُلَّ النَّفَقَةِ، أَوْ بَعْضَهَا وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَكْرَاهَا فَنَقَصَ الْكِرَاءُ عَنْ نَفَقَتِهَا وَكَمَّلَ الْمُلْتَقِطُ نَفَقَتَهَا مِنْ عِنْدِهِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ اللُّقَطَةَ فِي نَفَقَتِهِ أَوْ يَفْتَدِيَهَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ بِدَفْعِ مَا لَهُ مِنْ النَّفَقَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي ذَاتِ اللُّقَطَةِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهَا كَالْجِنَايَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ إذَا سَلَّمَهُ الْمَالِكُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ شَيْئِهِ غَرِمَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ فَكِّهَا بِالنَّفَقَةِ) أَيْ بِمِثْلِ النَّفَقَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهَا) أَيْ وَدَفَعَ مِثْلَ النَّفَقَةِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ أَيْ لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا لِلْمُلْتَقِطِ بِرِضَاهُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّ عَكْسَهُ كَذَلِكَ أَيْ إذَا دَفَعَ لَهُ النَّفَقَةَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ وَيَأْخُذَ مِنْهُ النَّفَقَةَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ بَيْنَ إنَّمَا تُضَافُ لِمُتَعَدِّدٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْنِيَّةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ فِي الْمُتَعَدِّدِ، " وَأَوْ " لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ، أَوْ الْأَشْيَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ) أَيْ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَاعَهَا بَعْدَ أَنْ نَوَى تَمَلُّكَهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّةِ التَّمَلُّكِ صَارَ ضَامِنًا قِيمَتَهَا اُنْظُرْ الْبَدْرَ الْقَرَافِيَّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَهَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا قَبْلَ السَّنَةِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّ رَبَّهَا مُخَيَّرٌ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَرَدِّهِ وَأَخْذِهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِنْ فَاتَتْ فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ قِيمَتُهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَإِلَّا فَفِي رَقَبَتِهِ كَالْجِنَايَةِ فَإِنْ شَاءَ سَيِّدُهُ فَدَاهُ بِقِيمَتِهَا وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَالْبَيْعُ مَاضٍ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْمُلْتَقِطِ نَقْضُهُ وَأَخْذُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً. (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ) أَيْ وَيَرْجِعُ

الصفحة 123