كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

أُجْرَةُ الْمِثْلِ زَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ قَلَّتْ.

(وَ) جَازَ (بَيْعُ دَارٍ) اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَنْفَعَتَهَا عَامًا (لِتُقْبَضَ) لِلْمُشْتَرِي (بَعْدَ عَامٍ) (وَ) بَيْعُ (أَرْضٍ) اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَنْفَعَتَهَا (لِعَشْرٍ) مِنْ الْأَعْوَامِ لِقُوَّةِ الْأَمْنِ فِيهَا فَاغْتُفِرَ فِيهَا بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّقِيقُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَشُهِرَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الشَّهْرِ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ بِشَرْطِ النَّقْدِ فَقَطْ.

(وَ) جَازَ اسْتِئْجَارٌ عَلَى (اسْتِرْضَاعٍ) لِرَضِيعٍ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (وَالْعُرْفُ) مُعْتَبَرٌ (فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَعَلَى أَبِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ فَلَوْ قَالَ وَغَسْلٌ كَخِرْقَةٍ عَلَى أَبِيهِ إلَّا لِعُرْفٍ لَشَمِلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَلِزَوْجِهَا) أَيْ الْمُرْضِعِ دُونَ غَيْرِهِ (فَسْخُهُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ) لَهَا فِيهِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ عِلْمِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ (كَأَهْلِ الطِّفْلِ) ، وَلَوْ أُمًّا وَحَاضِنَةً لَهُمْ الْفَسْخُ (إذَا حَمَلَتْ) الظِّئْرُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الضَّرَرِ وَالْخَوْفِ (وَ) لَهَا الْفَسْخُ فِي (مَوْتِ إحْدَى الظِّئْرَيْنِ) إذَا اُسْتُؤْجِرَا بِعَقْدٍ أَوْ بِعَقْدَيْنِ وَعَلِمَتْ الثَّانِيَةُ بِالْأُولَى حِينَ الْعَقْدِ، وَمَاتَتْ الْأُولَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQإشَارَةً لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: زَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ قَلَّتْ) أَيْ سَوَاءٌ عَمِلَهُ فِي يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَلَهُ الْمُسَمَّى إنْ عَمِلَهُ فِيمَا عَيَّنَهُ فَإِنْ عَمِلَهُ فِي أَكْثَرَ قِيلَ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ مَثَلًا فَيُقَالُ، وَمَا أُجْرَتُهُ عَلَى الْعَمَلِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَمِلَهُ فِيهِ فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعَةٌ حُطَّ عَنْهُ مِنْ الْمُسَمَّى خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ الَّتِي سَمَّاهَا لَهُ إلَّا عَلَى عَمَلِهِ فِيمَا عَيَّنَهُ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ دَارٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ فَحَقُّهَا أَنْ تُذْكَرَ فِي الْبُيُوعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا بَاعَ الدَّارَ مَثَلًا بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ فَقَدْ بَاعَهَا بِالْمِائَةِ وَالِانْتِفَاعَ بِتِلْكَ الدَّارِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَكَانَ الْمَبِيعُ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ مَثَلًا دَفَعَ الْمُشْتَرِي بَدَلَ الْعَشَرَةِ الِانْتِفَاعَ وَبَيْعُ الِانْتِفَاعِ إجَارَةٌ فَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ارْتِبَاطٌ بِالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ) أَيْ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ لِمَا يُخْشَى مِنْ تَغَيُّرِهَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْبَائِعِ لِمَنْفَعَتِهَا سَنَتَيْنِ وَقِيلَ يَجُوزُ سَنَةً وَنِصْفًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْخِلَافُ خِلَافٌ فِي حَالٍ لَا فِي فِقْهٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ لَا تَتَغَيَّرُ فِيهَا غَالِبًا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَعَشْرٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى إلَى عَلَى مُقْتَضَى حَلِّ الشَّارِحِ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا بِمَعْنَى بَعْدَ أَيْ لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَشْرٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّقِيقُ) أَيْ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهَا إذَا بِيعَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيُمْنَعُ اسْتِثْنَاءُ الْجُمُعَةِ وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دَابَّةِ الرُّكُوبِ وَالْعَمَلِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ جَوَازَ اسْتِثْنَاءِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ، وَمَنْعَ الْجُمُعَةِ فِي دَابَّةِ الرُّكُوبِ، وَأَمَّا دَابَّةُ الْعَمَلِ فَكَالرَّقِيقِ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَةِ كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَشُهِرَ الْقَوْلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الضَّمَانَ فِي مُدَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْجَائِزِ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ بِالْعَقْدِ، وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَمْنُوعِ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يُقْبَضْ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ، وَإِذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا اشْتَرَطَ مِنْ السُّكْنَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَبْنِيَهَا الْمُشْتَرِي فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ فَيَسْكُنُ الْبَائِعُ إلَى تَمَامِهَا، وَمِثْلُ هَذِهِ الدَّابَّةُ تُبَاعُ وَيَشْتَرِطُ الْبَائِعُ رُكُوبَهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ فَإِذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا يَنُوبُ الرُّكُوبَ. .

(قَوْلُهُ: وَجَازَ اسْتِئْجَارٌ عَلَى اسْتِرْضَاعٍ لِرَضِيعٍ) أَيْ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ عَيْنًا فَلَا يَدْخُلُ هَذَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا، وَإِنْ تَنَاوَلَهُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ، وَسَوَاءٌ اُسْتُؤْجِرَتْ الظِّئْرُ بِنَقْدٍ أَوْ طَعَامٍ، وَلَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِمْ طَعَامَهَا، وَلَا يَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ؛ وَلِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْأَطْعِمَةِ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ أَنْ يَقْتَاتُوهَا (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الرَّضِيعُ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ كَجَحْشٍ جَازَ أَنْ تُكْرَى لَهُ حِمَارَةٌ لِتُرْضِعَهُ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: كَغَسْلِ خِرْقَةٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ حَمِيمَهُ أَيْ غَسْلَهُ بِالْحَمِيمِ، وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ وَدَقُّ رَيْحَانِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَدُهْنِهِ وَتَكْحِيلِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُرْفٍ) أَيْ إلَّا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ وَقَوْلُهُ: لَشَمَلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ مَا إذَا كَانَ عُرْفٌ، وَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا، وَلَوْ كَانَتْ شَرِيفَةً، وَلَوْ لَحِقَهُمَا مَعَرَّةٌ بِاسْتِرْضَاعِهَا وَقِيلَ لَهُمَا فَسْخُهُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: فَسْخُهُ) أَيْ فَسْخُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَى الِاسْتِرْضَاعِ أَيْ، وَلَهُ إمْضَاؤُهُ فَاللَّامُ لِلتَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِيهِ) أَيْ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِتَشَاغُلِهَا عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ عِلْمِهِ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ آجَرَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ، وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ فَأُجْرَةُ مَا مَضَى تَكُونُ لَهَا وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ مِنْهُ، وَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ: كَأَهْلِ الطِّفْلِ إذَا حَمَلَتْ) أَيْ كَمَا يُخَيَّرُ أَهْلُ الطِّفْلِ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَإِمْضَائِهَا إذَا حَمَلَتْ لَا يُقَالُ كَيْفَ يَتَأَتَّى حَمْلُهَا مَعَ أَنَّ الزَّوْجَ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا إذَا آجَرَتْ نَفْسَهَا لِلرَّضَاعِ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُفْرَضُ هَذَا فِيمَا إذَا تَعَدَّى وَوَطِئَهَا وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا وَطِئَهَا قَبْلَ الْإِجَارَةِ، وَلَمْ يُعْلَمْ الْحَمْلُ إلَّا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُمًّا وَحَاضِنَةً) أَيْ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَهْلِ دُونَ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الضَّرَرِ) أَيْ؛ لِأَنَّ حَمْلَهَا مَظِنَّةٌ لِضَرَرِ الْوَلَدِ بِلَبَنِهَا وَالْخَوْفِ

الصفحة 13