كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

وَاسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ " لَمْ " مَكَانَ " لَا " النَّافِيَةِ (كَسَلَفٍ وَقِرَاضٍ) مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْهُ لِغَيْرِهِ فِيهِمَا (وَإِبْضَاعٍ) أَيْ إعْطَائِهِ مَالًا لِمُسَافِرٍ لِيَجْلُبَ لَهُ بِهِ سِلْعَةً أَيْ يُكْرَهُ فِي الْجَمِيعِ.

(وَحُضُورِ وَلِيمَةٍ) أَيْ طَعَامٍ يَجْتَمِعُ لَهُ النَّاسُ فَالْمُرَادُ الْوَلِيمَةُ اللُّغَوِيَّةُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (إلَّا النِّكَاحَ) فَإِنَّهُ يَجِبُ بِشُرُوطِهِ.

(وَقَبُولُ هَدِيَّةٍ) أَيْ يَحْرُمُ قَبُولُهَا (وَلَوْ كَافَأَ عَلَيْهَا) بِأَكْثَرَ مِنْهَا لِمَيْلِ النُّفُوسِ لِلْمُهْدِي وَيَجُوزُ لِلْفَقِيهِ وَالْمُفْتِي قَبُولُهَا مِمَّنْ لَا يَرْجُو مِنْهُ جَاهًا وَلَا عَوْنًا عَلَى خَصْمٍ (إلَّا مِنْ) شَخْصٍ (قَرِيبٍ) لَا يَحْكُمُ لَهُ كَأَبِيهِ وَعَمِّهِ وَأُمِّهِ وَخَالِهِ فَيَجُوزُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ وَكَذَا مَا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى (وَ) فِي جَوَازِ قَبُولِ (هَدِيَّةِ مَنْ اعْتَادَهَا قَبْلَ الْوِلَايَةِ) لِلْقَضَاءِ وَعَدَمِ جَوَازِهَا أَيْ الْكَرَاهَةِ قَوْلَانِ.

(وَ) فِي (كَرَاهَةِ) (حُكْمِهِ فِي) حَالِ (مَشْيِهِ) أَيْ سَيْرِهِ فِي الطَّرِيقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا وَجَوَازِهِ قَوْلَانِ (أَوْ) حُكْمِهِ (مُتَّكِئًا) لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ - أَيْ مَظِنَّةِ ذَلِكَ - وَجَوَازِهِ قَوْلَانِ.

(وَ) فِي كَرَاهَةِ (إلْزَامِ يَهُودِيٍّ حُكْمًا بِسَبْتِهِ) خُصُومَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ عَمَلِهِ وَغَيْرِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وَفِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ خَرْقٌ لِمَا يَزْعُمُ تَحْرِيمَهُ وَجَوَازِهِ قَوْلَانِ.

(وَ) فِي كَرَاهَةِ (تَحْدِيثِهِ) جُلَسَاءَهُ بِمُبَاحٍ (بِمَجْلِسِهِ) (لِضَجَرٍ) نَزَلَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَجْلِسَ الْحُكْمِ يُصَانُ عَنْ الْحَدِيثِ فِيمَا لَا يَعْنِي وَجَوَازِهِ لِيُرَوِّحَ قَلْبَهُ وَيَرْجِعَ إلَيْهِ فَهْمُهُ قَوْلَانِ.

(وَ) فِي اشْتِرَاطِ (دَوَامِ الرِّضَا) مِنْ الْخَصْمَيْنِ (فِي التَّحْكِيمِ) أَيْ فِيمَا إذَا حَكَّمَا شَخْصًا فِي تِلْكَ النَّازِلَةِ (لِلْحُكْمِ) أَيْ لِانْتِهَائِهِ أَيْ هَلْ يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِ الْحُكْمِ مِنْ الْمُحَكَّمِ دَوَامُ رِضَاهُمَا بِهِ حَتَّى يَحْكُمَ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُ وُجُودَ هَذَا الْقَوْلِ فِي الْمَذْهَبِ لِغَيْرِ ابْنِ شَاسٍ وَعَزَاهُ الْمَازِرِيُّ لِلشَّافِعِيِّ وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: وَاسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ " لَمْ " مَكَانَ " لَا ") أَيْ لِأَنَّ الْفَقِيهَ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحْكَامِ الِاسْتِقْبَالِيَّة لَا الْمَاضِيَةِ. (قَوْلُهُ: كَسَلَفٍ) أَيْ كَمَا يُكْرَهُ سَلَفٌ وَقِرَاضٌ وَقَوْلُهُ: فِيهِمَا أَيْ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ مِنْهُ لِغَيْرِهِ) فِي بْن أَنَّ سَلَفَهُ مِنْ الْغَيْرِ ظَاهِرٌ كَرَاهَتُهُ وَأَمَّا سَلَفُهُ لِلْغَيْرِ فَذَكَرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ كَلَامُهُ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وخش خِلَافُ الظَّاهِرِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ خَوْفَ الْمُحَابَاةِ.

(قَوْلُهُ: وَحُضُورِ وَلِيمَةٍ) أَيْ يُكْرَهُ ذَلِكَ فَقَطْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ لَا يَجُوزُ وَفِي ح عَنْ التَّوْضِيحِ كَرِهَ مَالِكٌ لِأَهْلِ الْفَضْلِ الْإِجَابَةَ لِكُلِّ مَنْ دَعَاهُمْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجِبُ بِشُرُوطِهِ) فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ مَا يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ جَوَازُ حُضُورِهِ لِوَلِيمَةِ النِّكَاحِ لَا وُجُوبُهُ وَرَجَّحَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش.

(قَوْلُهُ: أَيْ يَحْرُمُ قَبُولُهَا) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَبُولَ الْقَاضِي لِلْهَدِيَّةِ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ سَاقَهُ فِي الْمَكْرُوهَاتِ فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَايَرَ تَعْبِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِالْكَرَاهَةِ لَكِنَّهُ حَمَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى الْحُرْمَةِ وَتَقَدَّمَ لَهُ الْمَنْعُ فِي فَصْلِ الْقَرْضِ فَلِذَا قَرَّرَهُ بِهِ شَارِحُنَا وَكَأَنَّهُ جَعَلَ " قَبُولُ هَدِيَّةٍ " فَاعِلًا لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَحَرُمَ قَبُولُ هَدِيَّةٍ وَجَعَلَهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ. (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ لِلْفَقِيهِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الشُّهُودُ فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ قَبُولُهَا مِنْ الْخَصْمَيْنِ مَا دَامَ الْخِصَامُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا قَبْلَهَا) أَيْ مِنْ السَّلَفِ وَمَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ بِالْأَوْلَى أَيْ لِأَنَّ قَبُولَ الْهَدِيَّةِ حَرَامٌ وَمَا قَبْلَهُ مَكْرُوهٌ. (قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ قَبُولِ هَدِيَّةٍ) أَيْ وَفِي جَوَازِ قَبُولِ الْقَاضِي لِهَدِيَّةٍ مِنْ شَخْصٍ مُعْتَادٍ بِالْإِهْدَاءِ إلَيْهِ قَبْلَ تَوَلِّيهِ لِلْقَضَاءِ وَعَدَمِ جَوَازِ قَبُولِهَا بَلْ يُكْرَهُ قَوْلَانِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ الْهَدِيَّةُ الَّتِي أُهْدِيَتْ لَهُ بَعْدَ تَوَلِّي الْقَضَاءِ مِثْلَ الْمُعْتَادَةِ قَبْلَهُ قَدْرًا وَصِفَةً وَجِنْسًا لَا أَزْيَدَ وَإِلَّا حَرُمَ قَبُولُهَا اتِّفَاقًا وَالظَّاهِرُ حُرْمَةُ قَبُولِهَا كُلِّهَا لَا الزَّائِدَةِ فَقَطْ قِيَاسًا عَلَى صَفْقَةٍ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا. (قَوْلُهُ: أَيْ الْكَرَاهَةِ) أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ تَعْبِيرِ مُطَرِّفٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بِلَا يَنْبَغِي.

(قَوْلُهُ: فِي حَالِ مَشْيِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاسْتِخْفَافِ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا) أَيْ بَلْ كَانَ رَاكِبًا وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ. (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ) أَيْ بِالْحَاضِرِينَ وَالظَّاهِرُ مِنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ أَيْضًا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَفِي كَرَاهَةِ إلْزَامِ يَهُودِيٍّ إلَخْ) أَيْ هَلْ يُكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يُمَكِّنَ الْمُسْلِمَ، أَوْ النَّصْرَانِيَّ مِنْ خِصَامِهِ لِيَهُودِيٍّ بِسَبْتِهِ وَأَنْ يَبْعَثَ لَهُ رَسُولًا لِأَجْلِ إحْضَارِهِ لِمُخَاصَمَتِهِ فِيهِ وَالْحُكْمِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فِي خُصُومَةٍ) أَيْ بِسَبَبِ خُصُومَةٍ وَقَوْلُهُ: وَبَيْنَ مُسْلِمٍ أَيْ أَوْ نَصْرَانِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ خَرْقٌ لِمَا يَزْعُمُ تَحْرِيمَهُ) أَيْ وَقَدْ أَقْرَرْنَاهُمْ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ عَلَى تَعْظِيمِهِمْ السَّبْتَ وَعَدَمِ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَجَوَازِهِ) أَيْ لِعَدَمِ تَعْظِيمِ السَّبْتِ شَرْعًا، وَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الْيَهُودِيَّ بِالذِّكْرِ مُخْرِجٌ لِلنَّصْرَانِيِّ فَلَا يُكْرَهُ إحْضَارُهُ وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ فِي أَحَدِهِ؛ لِأَنَّ النَّصَارَى لَا يُعَظِّمُونَ الْأَحَدَ كَتَعْظِيمِ الْيَهُودِ لِلسَّبْتِ وَسَوَّى ابْنُ عَاتٍ بَيْنَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنَّ تَسْوِيَةَ النَّصْرَانِيِّ بِالْيَهُودِيِّ إنَّمَا ذَكَرَهُ مِنْ عِنْدِهِ لَا نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَمَّا كَانَ الْقَوْلُ بِتَسْوِيَةِ النَّصْرَانِيِّ لِلْيَهُودِيِّ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ لَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَذْكُرْ النَّصْرَانِيَّ فِي مَوْضُوعِ الْقَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَجْلِسَ الْحُكْمِ يُصَانُ عَنْ الْحَدِيثِ فِيمَا لَا يَعْنِي) أَيْ وَلِمَا فِي حَدِيثِهِ بِمَا لَا يَعْنِي مِنْ إذْهَابِ مَهَابَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي اشْتِرَاطِ دَوَامِ الرِّضَا مِنْ الْخَصْمَيْنِ) أَيْ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ ذَلِكَ الْمُحَكَّمُ

الصفحة 140