كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

يُدَّعَى عَلَيْهِ (وَ) إلَّا الدَّعْوَى (فِي) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) كَثَوْبٍ بِعَيْنِهِ (وَ) إلَّا (الْوَدِيعَةَ عَلَى أَهْلِهَا) بِأَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي مِمَّنْ يَمْلِكُ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِمَّنْ يُودَعُ عِنْدَهُ مِثْلُهَا وَأَنْ يَكُونَ الْحَالُ يَقْتَضِي الْإِيدَاعَ كَالسَّفَرِ وَالْغُرْبَةِ (وَ) إلَّا (الْمُسَافِرَ) يَدَّعِي (عَلَى) بَعْضِ (رُفْقَتِهِ) بِشَيْءٍ مِنْ وَدِيعَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا (وَ) إلَّا (دَعْوَى مَرِيضٍ) فِي مَرَضِ مَوْتِهِ يَدَّعِي عَلَى غَيْرِهِ بِدَيْنٍ (أَوْ) دَعْوَى (بَائِعٍ عَلَى) شَخْصٍ (حَاضِرٍ الْمُزَايَدَةَ) أَنَّهُ اشْتَرَى سِلْعَتَهُ بِكَذَا، وَالْحَاضِرُ يُنْكِرُ الشِّرَاءَ فَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ وَلَوْ لَمْ تَثْبُتْ خُلْطَةٌ.

وَإِذَا أَمَرَ الْحَاكِمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ (فَإِنْ أَقَرَّ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) خَوْفَ جُحُودِهِ بَعْدُ.

(وَلِلْحَاكِمِ تَنْبِيهُهُ) أَيْ الْمُدَّعَى (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْحَاكِمِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الْخَامِ وَقَطْعِ النِّزَاعِ بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ ذَلِكَ.

(وَإِنْ أَنْكَرَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ أَجَابَ بِالْإِنْكَارِ (قَالَ) الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي (أَلَك بَيِّنَةٌ) فَإِنْ قَالَ نَعَمْ أَمَرَهُ بِإِحْضَارِهَا وَأَعْذَرَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهَا كَمَا يَأْتِي.

(فَإِنْ نَفَاهَا) بِأَنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي (وَاسْتَحْلَفَهُ) أَيْ طَلَبَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَهُ وَحَلَفَ (فَلَا بَيِّنَةَ) تُقْبَلُ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ (إلَّا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ) حِينَ تَحْلِيفِهِ خَصْمَهُ وَحَلَفَ أَنَّهُ نَسِيَهَا، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا، ثُمَّ عَلِمَ وَكَذَا إذَا ظَنَّ أَنَّهَا لَا تَشْهَدُ لَهُ، أَوْ أَنَّهَا مَاتَتْ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا إنْ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ شَرَطَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي عَدَمَ الْقِيَامِ بِبَيِّنَةٍ يَدَّعِي نِسْيَانَهَا، أَوْ عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا وَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ (أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا) هَذَا فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ وَجَدَهُ بَعْدَ مَا اسْتَحْلَفَهُ وَحَلَفَ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا إذَا قَامَ بِهِ عُذْرٌ، أَوْ وَجَدَ ثَانِيًا، وَيُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ وَجَدَ ثَانِيًا أَنَّ الْحَلِفَ لِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ إمَّا لِكَوْنِ الْحَاكِمِ لَا يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ مُطْلَقًا، أَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَقَالَ الْمُدَّعِي: لَيْسَ لِي غَيْرُ هَذَا فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ هُنَا خُصُوصُ الْغَرِيبِ سَوَاءٌ ضَافَ أَيْ نَزَلَ بِنَفْسِهِ فِي مَنْزِلِك لِأَجْلِ الْغِذَاءِ، أَوْ أَنْزَلْته أَنْتَ أَمْ لَا بِأَنْ نَزَلَ فِي مَسْجِدٍ مَثَلًا فَجَلَسْت عِنْدَهُ فَادَّعَيْت عَلَيْهِ أَخْذَ شَيْءٍ مِنْك، أَوْ ادَّعَى عَلَيْك أَخْذَ شَيْءٍ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي مُعَيَّنٍ) الْمُرَادُ بِهِ الشَّيْءُ الَّذِي لَمْ تَهْلِكْ عَيْنُهُ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا مُشَاهَدًا أَمْ لَا لَا خُصُوصُ الْحَاضِرِ الْمُشَاهَدِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْجُوخَةَ الَّتِي كُنْت لَابِسًا لَهَا بِالْأَمْسِ جُوخَتِي، أَوْ الدَّابَّةَ الَّتِي عِنْدَك دَابَّتِي. (قَوْلُهُ: وَالْوَدِيعَةَ عَلَى أَهْلِهَا) اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ الْوَدِيعَةَ لَا يُحَلَّفُ فِيهَا إلَّا الْمُتَّهَمُ وَأَهْلُ الْوَدِيعَةِ لَيْسُوا مُتَّهَمِينَ اهـ بْن وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ دَعْوَى أَنَّهُ أُودِعَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ كَأَنْ تَدَّعِيَ عَلَى إنْسَانٍ بِأَنَّك أَوْدَعْته كَذَا وَهُوَ يُنْكِرُ فَيُحَلَّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِدُونِ ثُبُوتِ خُلْطَةٍ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِهَا لَا دَعْوَى الرَّدِّ أَوْ الضَّيَاعِ كَمَا فَهِمَ ابْنُ عَاشِرٍ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْمُسَافِرَ) أَيْ الْمَرِيضَ كَمَا فِي نَصِّ أَصْبَغَ سَوَاءٌ كَانَ مَرَضُهُ مَخُوفًا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: يَدَّعِي عَلَى بَعْضِ رُفْقَتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ وَدِيعَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْلَفَ لَهُ مَالًا فِي السَّفَرِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا دَعْوَى مَرِيضٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) اعْلَمْ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَرَضِ هُنَا وَالْمَرَضِ الْمُقَيَّدِ بِهِ الْمُسَافِرُ فِيمَا تَقَدَّمَ فَالْمَرَضُ هُنَا مَخُوفٌ وَمَرَضُ الْمُسَافِرِ مُطْلَقٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكْرَارَ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عَلَى شَخْصٍ حَاضِرِ الْمُزَايَدَةَ) أَيْ فِي سِلْعَتِهِ الَّتِي تَسَوَّقَ بِهَا وَلَا مَفْهُومَ لِبَائِعٍ بَلْ كَذَلِكَ دَعْوَى مُشْتَرٍ عَلَى بَائِعٍ أَنَّهُ بَاعَ لَهُ وَأَنْكَرَ الْبَيْعَ فَيُحَلَّفُ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْخُلْطَةُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ عَلَى حَاضِرٍ الْمُزَايَدَةَ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى بَائِعٌ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ اشْتَرَى سِلْعَتَهُ مِنْ غَيْرِ تَسَوُّقٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ كَمَا قَالَ بْن.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَرَّ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ الَّذِي اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ فَلَهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَاكِمِ ذَلِكَ أَيْ التَّنْبِيهُ الْمَذْكُورُ وَهَذَا إضْرَابٌ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَخْيِيرِ الْحَاكِمِ فِي التَّنْبِيهِ، ثُمَّ إنَّ طَلَبَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ.

(قَوْلُهُ: أَمَرَهُ بِإِحْضَارِهَا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ يَمِينًا عَلَى صِحَّتِهَا. (قَوْلُهُ: وَأَعْذَرَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ قَطَعَ عُذْرَهُ فِيهَا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَلَك مَطْعَنٌ فِي هَذِهِ الْبَيِّنَةِ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَحْلَفَهُ) أَشْعَرَ إتْيَانُهُ بِالسِّينِ الْمُفِيدَةِ لِلطَّلَبِ أَنَّ الْيَمِينَ الْمُعْتَدَّ بِهَا فِي مَقَامِ الْمُخَاصَمَةِ الْمُسْقِطَةَ لِلْبَيِّنَاتِ هُوَ الْيَمِينُ الْمَطْلُوبُ وَأَنَّهُ لَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِغَيْرِ طَلَبِ خَصْمِهِ لَمْ تُفِدْهُ يَمِينُهُ وَلِخَصْمِهِ أَنْ يُعِيدَهَا عَلَيْهِ ثَانِيًا وَلَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ إذَا وَجَدَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَالشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ) أَيْ يَمِينًا وَاحِدَةً سَوَاءٌ كَانَ مَا ادَّعَى بِهِ الْمُدَّعِي شَيْئًا وَاحِدًا، أَوْ كَانَ أُمُورًا مُتَعَدِّدَةً فَالْيَمِينُ الْوَاحِدَةُ كَافِيَةٌ فِي إسْقَاطِ الْخُصُومَاتِ وَفِي مَنْعِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُتَعَدِّدًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: فَلَا بَيِّنَةَ تُقْبَلُ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَحَلَفَ وَأَخَذَ الْحَقَّ ثُمَّ وَجَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِالْقَضَاءِ فَإِنَّ لَهُ الْقِيَامَ بِهَا وَالرُّجُوعَ بِمَا دَفَعَهُ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُذْرٍ) أَيْ فِي نَفْيِهِ لَهَا وَاسْتِحْلَافِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَنِسْيَانٍ) أَيْ لِلْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: عَدَمَ عِلْمِهِ بِهَا) أَيْ أَصْلًا وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّسْيَانَ فَرْعُ تَقَدُّمِ الْعِلْمِ. (قَوْلُهُ: فَيُفِيدُ أَنَّهُ) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَجَدَ الشَّاهِدَ الثَّانِيَ بَعْدَ مَا اسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ طَلَبَ حَلِفَهُ وَحَلَفَ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَخْ) أَيْ، أَوْ كَانَ الْحَاكِمُ يَرَى الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ فِي الْأَمْوَالِ كَالْمَالِكِيِّ لَكِنْ

الصفحة 146