كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

لِآخَرَ (سِلْعَةً) بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ كَمِائَةٍ أَيْ، وَهِيَ تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْهُ (عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ) الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (بِثَمَنِهَا) الْمَذْكُورِ (سَنَةً) مَثَلًا فَالْمُرَادُ مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِ الثَّمَنِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ لِيَنْتَقِلَ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ، وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى تَأْخِيرِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِيَزِيدَهُ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ تَعْيِينِ النَّوْعِ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ، وَأَنْ يُوجَدَ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ، وَأَنْ يَكُونَ مُدِيرًا لَا مُحْتَكِرًا؛ لِأَنَّ الْمُحْتَكِرَ يَرْصُدُ الْأَسْوَاقَ فَيُؤَدِّي إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ فَيَدْخُلُ الْجَهْلُ فِي الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَجْمُوعُ النَّقْدِ وَالْعَمَلِ، وَأَنْ لَا يَتَّجِرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ مَجْهُولٌ فَهَذِهِ سَبْعَةُ شُرُوطٍ عِلْمُ الثَّمَنِ، وَإِحْضَارُهُ، وَعِلْمُ الْأَجَلِ، وَتَعْيِينُ النَّوْعِ الْمُتَّجَرِ فِيهِ، وَوُجُودُهُ فِي الْأَجَلِ وَالْإِدَارَةِ، وَعَدَمُ التَّجْرِ فِي الرِّبْحِ تُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَنِّفِ بِالْقُوَّةِ.
وَلَمَّا كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ ثَامِنٌ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ صَرَّحَ بِهِ بِأَدَاةِ الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ (إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ) لِمَا يُتْلَفُ مِنْ الثَّمَنِ لِيَتِمَّ الْعَمَلُ الَّذِي هُوَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَّا أَدَّى إلَى الْغَرَرِ، وَشُبِّهَ فِي الْجَوَازِ مَعَ شَرْطِ الْخَلَفِ قَوْلُهُ: (كَغَنَمٍ) أَيْ كَجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ (عُيِّنَتْ) إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ لِمَا يَتْلَفُ مِنْهَا لَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَلَا تَصِحُّ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (وَإِلَّا) تَكُنْ مُعَيَّنَةً فَلَا يُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ شَرْطُ الْخَلَفِ بَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ بِدُونِهِ وَحِينَئِذٍ (فَلَهُ) أَيْ لِلرَّاعِي (الْخَلَفُ عَلَى آجِرِهِ) أَيْ يُقْضَى لَهُ بِالْخَلَفِ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ أَوْ دَفْعِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ (كَرَاكِبٍ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ الْخَلَفُ أَيْ أَنَّ الرَّاكِبَ إذَا تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ لِمَوْتٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ وَيَلْزَمُهُ أَوْ وَارِثَهُ الْإِتْيَانُ بِالْخَلَفِ أَوْ دَفْعُ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ.

(وَ) جَازَ اسْتِئْجَارُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: سَابِقًا وَالْعُرْفُ فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْكَافِ؛ لِأَنَّهَا مُدْخِلَةٌ لِجَمِيعِ الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّضِيعِ وَلَعَلَّهُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ كَعَكْسِهِ أَوْ يَخُصَّ مَا تَقَدَّمَ بِنَحْوِ الْأَدْهَانِ وَالْكُحْلِ لَا الْحَمْلِ. اهـ. تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ: وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا بِيَدِ الْعَامِلِ مِنْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ (قَوْلُهُ: لِيَنْتَقِلَ) أَيْ الثَّمَنُ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ أَيْ مِنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِأَمَانَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَأَدَّى إلَخْ) فَلَوْ اتَّجَرَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَلَمْ يُحْضِرْهُ فَالرِّبْحُ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِمِقْدَارِ قِيمَةِ تِجَارَتِهِ بِالثَّمَنِ سَنَةً مَعَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الِاتِّجَارَ سَنَةً مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ تَعْيِينِ النَّوْعِ) أَيْ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ يَكُونُ فِيهَا خِفَّةٌ، وَمَشَقَّةٌ بِاعْتِبَارِ الْأَنْوَاعِ الْمُتَّجَرِ فِيهَا (قَوْلُهُ: يَرْصُدُ الْأَسْوَاقَ) أَيْ فَلَا يَبِيعَ إلَّا إذَا غَلَتْ السِّلَعُ (قَوْلُهُ: إلَى أَجْلٍ مَجْهُولٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِانْتِهَاءِ الْأَمْرِ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَمْكُثُ عِنْدَهُ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ، أَمَّا بِالنَّظَرِ لِابْتِدَاءِ الْأَمْرِ فَالْأَجَلُ مُعَيَّنٌ، وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْغَرَرِ وَالْجَهْلِ إذْ قَدْ لَا يَحْصُلُ الْغُلُوُّ فِي السَّنَةِ كَانَ أَوْضَحَ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَّجِرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ) أَيْ، وَأَنْ لَا يَشْتَرِطَ التَّجْرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ بِأَنْ كَانَ كُلَّمَا نَضَّ رِبْحٌ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ وَاتَّجَرَ بِأَصْلِ الثَّمَنِ أَوْ اتَّجَرَ بِأَصْلِ الثَّمَنِ مَعَ الرِّبْحِ بِدُونِ شَرْطٍ فَالْمُضِرُّ إنَّمَا هُوَ الشَّرْطُ.
(قَوْلُهُ: عِلْمُ الثَّمَنِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ مَبِيعٍ، وَلَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ (قَوْلُهُ: بِالْقُوَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَقْتَضِي ثَمَنًا مَعْلُومًا وَالْعَمَلُ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ إذْ الثَّمَنُ مَجْمُوعُ الْمِائَةِ وَالْعَمَلِ وَشَرْطُ عِلْمِ الثَّمَنِ يَسْتَلْزِمُ عِلْمَ جُزْئِهِ، وَهُوَ الْعَمَلُ، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ تَعْيِينَ الْأَجَلِ لِلْعَمَلِ وَتَعْيِينُ الْعَمَلِ يَسْتَدْعِي وُجُودَ النَّوْعِ الْمُتَّجَرِ فِيهِ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ تَعْيِينَهُ فَهَذِهِ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ جَوْهَرِ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَهُمَا إحْضَارُ الثَّمَنِ، وَكَوْنُ الْعَامِلِ مُدِيرًا مَأْخُوذَانِ مِنْ الْمَعْنَى أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَعْنَى أَيْ الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَالشَّرْطُ السَّابِعُ، وَهُوَ عَدَمُ الِاتِّجَارِ بِالرِّبْحِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِثَمَنِهَا.
(قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ) أَيْ إنْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ خَلَفَ مَا يُتْلِفُ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ: لِيُتِمَّ الْعَمَلَ أَيْ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ جَرَى بِهِ عُرْفٌ لَا يَكْفِي عَنْ شَرْطِهِ، وَإِذَا شَرَطَ الْخَلَفَ وَحَصَلَ تَلَفُ الْبَعْضِ فَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ زَادَهُ تَمَامَ الْمِائَةِ لِيَتَّجِرَ فِيهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَزِدْهُ وَرَضِيَ بِالتِّجَارَةِ، بِمَا بَقِيَ فَشَرْطُ الْخَلَفِ وَإِنْ كَانَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ ابْتِدَاءً لَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ انْتِهَاءً.
(قَوْلُهُ: أَدَّى إلَى الْغَرَرِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَتْلَفَ مِنْ الْعَامِلِ بَعْضُ الثَّمَنِ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَرَدَّ الْعَامِلُ لِلْبَائِعِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ يَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ أَنْتَ لَمْ تَتَّجِرْ بِكُلِّ الثَّمَنِ بَلْ ادَّعَيْت الْخَسْرَ فَقَطْ، وَأَتَيْت لِي بِبَعْضِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ) أَيْ وَجِيبَةٍ (قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ) أَيْ إنْ شَرَطَ الرَّاعِي عَلَى رَبِّهَا خَلَفَ مَا يَتْلَفُ مِنْهَا أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِالْخَلَفِ وَيَلْزَمُ رَبَّهَا الْخَلَفُ لِمَا مَاتَ حِينَئِذٍ فَإِنْ امْتَنَعَ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ لِلرَّاعِي.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ) أَيْ الْإِجَارَةُ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَقَعُ فَاسِدَةً وَيَلْزَمُ رَبَّ الْغَنَمِ أَنْ يَدْفَعَ لِلرَّاعِي أُجْرَةَ مِثْلِهِ إذَا عَمِلَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ وَالْحُكْمُ يُوجِبُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْهَا شَيْءٌ لَزِمَ رَبَّهَا خَلَفُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ دَفَعَ لِلرَّاعِي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ ابْنُ حَبِيبٍ وَبِهِ أَقُولُ ابْنُ يُونُسَ، وَهُوَ عِنْدِي أَصْوَبُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَكُنْ مُعَيَّنَةً) أَيْ كَمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى رِعَايَةِ مِائَةِ شَاةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ حِينَ الْعَقْدِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَغْنَامَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعَقْدِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْخَلَفِ لَكِنْ إنْ مَاتَ أَوْ ضَاعَ شَيْءٌ مِنْهَا قُضِيَ عَلَى رَبِّهَا بِالْخَلَفِ إلَى تَمَامِ عَمَلِ الرَّاعِي فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْخَلَفِ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ بِتَمَامِهَا فَعُلِمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ مِثْلُ الْمُعَيَّنَةِ عِنْدَ سَحْنُونٍ، وَمُخَالِفَةٌ لَهَا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: إذَا تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ لِمَوْتٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ) أَيْ لِأَنَّ الرَّاكِبَ مِمَّا تُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةُ، وَالْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ

الصفحة 15