كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ بِوِلَايَتِهِ فَقَدْ حَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُشْهِدَهُمَا الْأَوَّلُ بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَأَنْ يُبْلِغَا الْمُنْهَى إلَيْهِ بِوِلَايَتِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ (مُطْلَقًا) فَمَعْنَاهُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَقُّ الْمَحْكُومُ بِهِ يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ بِأَرْبَعَةٍ، أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ، أَوْ بِامْرَأَةٍ فَلَا يَكُونُ الْإِنْهَاءُ بِشَاهِدٍ وَلَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَأَوْلَى مُجَرَّدُ إرْسَالِ كِتَابٍ كَمَا يَأْتِي (وَاعْتَمَدَ) الْمُنْهَى إلَيْهِ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى شَهَادَتِهِمَا (وَإِنْ خَالَفَا) فِي شَهَادَتِهِمَا (كِتَابَهُ) الَّذِي أَرْسَلَهُ مَعَهُمَا (وَنُدِبَ خَتْمُهُ) لِأَنَّهُ أَدْعَى لِلْقَبُولِ، وَسَوَاءٌ قَرَأَهُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، أَوْ لَا.

(وَلَمْ يُفِدْ) الْكِتَابُ (وَحْدَهُ) مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ عَلَى الْحَاكِمِ فِي حُكْمِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ شَهَادَةَ وَاحِدٍ فَقَطْ أَوْ مَعَ يَمِينٍ تُفِيدُ مَعَ الْكِتَابِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي الْفُلَانِيِّ وَأَنَّهُ أَشْهَدَهُمَا عَلَى مَا فِيهِ (وَأَدَّيَا) مَا أَشْهَدَهُمَا بِهِ (وَإِنْ عِنْدَ) قَاضٍ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُنْهَى إلَيْهِ لِعَزْلِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَلَوْ كَتَبَ فِيهِ اسْمَ الْمُنْهَى إلَيْهِ.

(وَ) لَوْ دَفَعَ الْقَاضِي كِتَابًا مَطْوِيًّا إلَى الشُّهُودِ (أَفَادَ) الْعَمَلَ بِمُقْتَضَاهُ (إنْ أَشْهَدَهُمَا أَنَّ مَا فِيهِ حُكْمُهُ، أَوْ خَطُّهُ) وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ لَا تَكْفِي وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ تَكْفِي
ـــــــــــــــــــــــــــــQفُلَانٍ الْقَاضِي، وَأَنَّهُ أَشْهَدَنَا بِمَا فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ) أَيْ تَنْفِيذُ مَا حَصَلَ عِنْدَ الْأَوَّلِ مِنْ حُكْمٍ، أَوْ مَا هُوَ دُونَهُ، وَتَنْفِيذُ الثَّانِي بِالْبِنَاءِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى مِنْ أَوَّلِهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ أَنْ يُشْهِدَهُمَا الْأَوَّلُ) أَيْ عَلَى مَا حَصَلَ مِنْهُ مِنْ حُكْمٍ، أَوْ مَا هُوَ دُونَهُ.
(قَوْلُهُ: يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ) أَيْ كَنِكَاحٍ وَعِتْقٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِأَرْبَعَةٍ أَيْ كَالزِّنَا وَكِفَايَةُ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْإِنْهَاءِ فِي الزِّنَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالنَّظَرُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُقْبَلُ فِي الزِّنَا إلَّا إنْهَاءُ أَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ عَلَى الْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ شَهَادَةُ الْأَرْبَعَةِ بِالزِّنَا ابْنُ يُونُسَ: وَقَوْلُ سَحْنُونٍ عِنْدِي أَبْيَنُ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الزِّنَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) أَيْ أَوْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَالْمَالِ وَمَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِنْهَاءِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُشَافَهَةٍ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْحَقُّ مَالًا، أَوْ مَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ وَلَا يَكْفِي شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، وَمَا اخْتَارَهُ الدَّمِيرِيُّ أَخْذٌ بِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَالَ عج فِي شَرْحِهِ لَا يَثْبُتُ كِتَابُ الْقَاضِي بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ إلَّا فِي الْمَالِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ فَيَثْبُتُ بِهِمَا فَيُسْتَثْنَى ذَلِكَ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ مُطْلَقًا وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عَلَى كِتَابِ الْقَاضِي هَلْ يَكْفِي ذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ، أَوْ لَا يَكْفِي وَالْخِلَافُ مَبْسُوطٌ فِي بْن وَفِيهِ أَيْضًا الرَّدُّ عَلَى طفى الرَّادِّ عَلَى عج فَانْظُرْهُ إنْ شِئْت. (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا) أَيْ وَاعْتَمَدَ الْقَاضِي الْمُنْهَى إلَيْهِ كِتَابُ قَاضٍ مَعَ شَاهِدَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ خَالَفَا كِتَابَهُ الْوَاوُ لِلْحَالِ؛ إذْ صُورَةُ الْمُوَافَقَةِ لَا تُتَوَهَّمُ وَمَحَلُّ اعْتِمَادِهِ عَلَى شَهَادَتِهِمَا مَعَ مُخَالَفَةِ كِتَابِهِ إذَا طَابَقَتْ شَهَادَتُهُمَا الدَّعْوَى وَإِلَّا لَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِمَا فِي شَهَادَتِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ خَتْمُهُ) أَيْ مِنْ خَارِجِهِ عَلَى نَحْوِ شَمْعَةٍ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُسْرَقَ، أَوْ يَسْقُطَ مِنْ الشُّهُودِ فَيُزَادَ فِيهِ، أَوْ يُنْقَصَ مِنْهُ وَأَمَّا خَتْمُهُ مِنْ دَاخِلِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ عَدَمُ قَبُولِ غَيْرِ الْمَخْتُومِ مِنْ دَاخِلِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُفِدْ وَحْدَهُ) أَيْ بِدُونِ شُهُودِ الطَّرِيقِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي وَأَنَّهُ أَشْهَدَنَا عَلَى مَا فِيهِ وَفِي بْن الْعَمَلُ بِخَطِّ الْقُضَاةِ وَحْدَهُ إنْ عُرِفَ لِلضَّرُورَةِ وَلَوْ مَاتَ، أَوْ عُزِلَ الْمُنْهِي، أَوْ الْمُنْهَى إلَيْهِ قَبْلَ الْوُصُولِ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ الْمُنَاصِفِ اتَّفَقَ أَهْلُ عَصْرِنَا عَلَى قَبُولِ كُتُبِ الْقُضَاةِ فِي الْحُقُوقِ وَالْأَحْكَامِ بِمُجَرَّدِ مَعْرِفَةِ خَطِّ الْقَاضِي دُونَ إشْهَادٍ عَلَى ذَلِكَ وَلَا خَاتَمٍ مَعْرُوفٍ لِضَرُورَةِ رَفْعِ مَشَقَّةِ مَجِيءِ الْبَيِّنَةِ مَعَ الْكِتَابِ لَا سِيَّمَا مَعَ انْتِشَارِ الْخُطَّةِ وَبُعْدِ الْمَسَافَةِ فَإِذَا ثَبَتَ وَجْهُ الْعَمَلِ بِذَلِكَ بِأَنْ ثَبَتَ خَطُّ الْقَاضِي بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ عَارِفَةٍ بِالْخُطُوطِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إذَا كَانَ يَعْرِفُ خَطَّ الْقَاضِي الْكَاتِبِ إلَيْهِ فَجَائِزٌ لَهُ قَبُولُهُ بِمَعْرِفَةِ خَطِّهِ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ وَصَلَ كِتَابُ الْقَاضِي قَبْلَ عَزْلِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَإِلَّا فَلَا يُعْمَلُ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمُنَاصِفِ وَقَالَ ابْنُ رَحَّالٍ الَّذِي أَدْرَكْنَا عَلَيْهِ أَشْيَاخَنَا أَنَّ الْإِنْهَاءَ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَلَوْ مَاتَ الْكَاتِبُ، أَوْ عُزِلَ قَبْلَ الْوُصُولِ، أَوْ مَاتَ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ، أَوْ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ قَبْلَ الْوُصُولِ اهـ كَلَامُ بْن.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عِنْدَ قَاضٍ غَيْرِهِ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَيْضًا بِمَحَلِّ وِلَايَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْمُنْهَى إلَيْهِ، أَوْ لَا فَمَاتَ، أَوْ عُزِلَ بَعْدَ الْإِنْهَاءِ وَهُوَ مُوَلًّى، أَوْ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِغَيْرِ الْمُنْهَى إلَيْهِ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ أَنْهَى قَاضِي مِصْرَ لِزَيْدٍ قَاضِي الْجِيزَةِ وَأَرْسَلَ لَهُ بِشَاهِدَيْنِ فَوَجَدَا زَيْدًا قَدْ مَاتَ، أَوْ عُزِلَ وَتَوَلَّى بَدَلَهُ بِالْجِيزَةِ عَمْرٌو وَالثَّانِي كَمَا لَوْ أَرْسَلَ قَاضِي مِصْرَ شَاهِدَيْنِ لِإِنْهَاءِ الْحُكْمِ عِنْدَ قَاضِي الْجِيزَةِ فَوَجَدَ الْخَصْمَ ذَهَبَ لِرَشِيدٍ فَيَذْهَبَانِ لِقَاضِيهَا وَيُنْهِيَانِ لَهُ الْحُكْمَ.

(قَوْلُهُ: كِتَابًا مَطْوِيًّا) أَيْ وَلَمْ يَفْتَحْهُ لَهُمَا وَلَا قَرَأَهُ عَلَيْهِمَا. (قَوْلُهُ: إنْ أَشْهَدَهُمَا) أَيْ إنْ قَالَ لَهُمَا اشْهَدَا عَلَيَّ بِأَنَّ مَا فِيهِ حُكْمِي، أَوْ خَطِّي. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ) أَيْ أَنَّ شَهَادَتَهُمَا بِأَنَّ مَا فِيهِ خَطُّهُ، أَوْ حُكْمُهُ وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا اشْهَدَا عَلَيَّ بِأَنَّ مَا فِيهِ خَطِّي

الصفحة 160