كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

بِأَنْ تَابَ وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ وَإِلَّا فَلَا لِصِدْقِ التَّلَبُّسِ عَلَيْهِ (أَوْ) لَمْ يُبَاشِرْ (كَثِيرَ كَذِبٍ) لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ فَسَادٌ وَإِلَّا ضَرَّ وَلَوْ الْوَاحِدَةُ بِخِلَافِهَا إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا ذَلِكَ (أَوْ صَغِيرَةَ خِسَّةٍ) كَتَطْفِيفِ حَبَّةٍ أَوْ سَرِقَةِ نَحْوِ لُقْمَةٍ لِدَلَالَةِ ذَلِكَ عَلَى دَنَاءَةِ الْهِمَّةِ وَقِلَّةِ الْمُرُوءَةِ بِخِلَافِ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ (وَ) لَمْ يُبَاشِرْ (سَفَاهَةً) أَيْ مُجُونًا بِأَنْ يُكْثِرَ الدُّعَابَةَ وَلَمْ يُبَالِ بِمَا يَقَعُ مِنْهُ مِنْ الْهَزْلِ (وَ) لَمْ يُبَاشِرْ (لَعِبَ نَرْدٍ) وَطَابٍ وَلَوْ بِغَيْرِ قِمَارٍ (ذُو مُرُوءَةٍ) نَعْتٌ لِحُرٍّ أَوْ خَبَرٌ ثَانٍ أَيْ هِمَّةٌ وَحَيَاءٌ (بِتَرْكِ غَيْرِ لَائِقٍ) تَفْسِيرٌ لِلْمُرُوءَةِ بِاللَّازِمِ وَبَيَّنَ غَيْرَ اللَّائِقِ بِقَوْلِهِ (مِنْ) لَعِبِ (حَمَامٍ) بِلَا قِمَارٍ وَإِلَّا فَهُوَ كَبِيرَةٌ (وَسَمَاعِ غِنَاءٍ) بِالْمَدِّ مُتَكَرِّرًا بِغَيْرِ آلَةٍ لِإِخْلَالِ سَمَاعِهِ بِالْمُرُوءَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ إذَا لَمْ يَكُنْ بِقَبِيحٍ وَلَا حُمِلَ عَلَيْهِ وَلَا بِآلَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ لَا حَالَ الْأَدَاءِ وَلَا حَالَ التَّحَمُّلِ وَقَوْلُهُ أَوْ حَالَ الْأَدَاءِ أَيْ أَوْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهَا حَالَ الْأَدَاءِ فَقَطْ أَيْ وَإِنْ اتَّصَفَ بِهَا حَالَ التَّحَمُّلِ (قَوْلُهُ بِأَنْ تَابَ) أَيْ بَعْدَ التَّحَمُّلِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَتُبْ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ لِصِدْقِ التَّلَبُّسِ عَلَيْهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِصِدْقِ الْمُبَاشَرَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُبَاشِرْ كَثِيرَ كَذِبٍ) أَيْ فَإِنْ بَاشَرَ كَثِيرَ الْكَذِبِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا زَادَ عَلَى الْكِذْبَةِ الْوَاحِدَةِ يَعْنِي فِي السَّنَةِ وَهَذَا فِي كَذِبٍ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فَسَادٌ وَإِلَّا ضُرٌّ وَلَوْ وَاحِدَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَذِبَ إمَّا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ فَسَادٌ أَوْ لَا فَالْأَوَّلُ مُضِرٌّ وَلَوْ وَاحِدَةً وَهِيَ كَبِيرَةٌ وَالثَّانِي مُضِرٌّ مِنْهُ الْكَثِيرُ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَأَمَّا الْوَاحِدَةُ يَعْنِي فِي السَّنَةِ فَلَا تَضُرُّ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ وَقِيلَ كَبِيرَةٌ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ قَادِحَةٍ فِي الشَّهَادَةِ.
(قَوْلُهُ أَوْ سَرِقَةِ نَحْوِ لُقْمَةٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا صَغِيرَةٌ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ فَقِيرًا وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ فَقِيرًا وَإِلَّا كَانَتْ كَبِيرَةً (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ صَغَائِرِ الْخِسَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ لِأَمْرَدَ أَوْ لِامْرَأَةٍ بَلْ مِنْ صَغَائِرِ غَيْرِ الْخِسَّةِ فَلَا تَقْدَحُ إلَّا بِشَرْطِ الْإِدْمَانِ وَمِثْلُ النَّظْرَةِ فِي ذَلِكَ الْقُبْلَةُ وَسَائِرُ الْمُقَدِّمَاتِ وَهِيَ مَا عَدَا الْإِيلَاجَ وَاعْلَمْ أَنَّ صَغِيرَةَ الْخِسَّةِ تَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ وَإِنْ لَمْ يُدْمِنْهَا فَمَتَى صَدَرَتْ مِنْهُ وَلَوْ مَرَّةً رُدَّتْ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ كَالْكَبِيرَةِ بِخِلَافِ صَغِيرَةِ غَيْرِ الْخِسَّةِ فَالْمُضِرُّ إدْمَانُهَا (قَوْلُهُ وَسَفَاهَةٍ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى كَذِبٍ أَيْ وَلَمْ يُبَاشِرْ كَثِيرَ سَفَاهَةٍ فَالْمُضِرِّ إنَّمَا هُوَ كَثْرَتُهَا لِأَنَّهُ هُوَ الْمُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَلَمْ يُبَاشِرْ سَفَاهَةً الْمُفِيدُ أَنَّهَا مُضِرَّةٌ مُطْلَقًا وَكَلَامُهُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يُكْثِرَ إلَخْ صَرِيحٌ فِي الْمَقْصُودِ.
(قَوْلُهُ أَيْ مُجُونًا) الْمُجُونُ وَالدُّعَابَةُ هُوَ الْهَزْلُ وَقَوْلُهُ بِأَنْ لَا يُبَالِيَ بِمَا يَقَعُ مِنْهُ مِنْ الْهَزْلِ أَيْ كَإِخْرَاجِ الصَّوْتِ مِنْ فِيهِ وَكَالنُّطْقِ بِأَلْفَاظِ الْخَنَا فِي الْمَلَإِ مِمَّا يُسْتَبْشَعُ النُّطْقُ بِهِ وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى قَوْلِهِ وَسَفَاهَةٍ بِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ ذُو مُرُوءَةٍ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ ذَا مُرُوءَةٍ عَدَمُ مُبَاشَرَتِهِ لِكَثِيرِ السَّفَاهَةِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَقَعَ فِي مَرْكَزِهِ فَلَا يُعْتَرَضُ بِعُمُومِ مَا بَعْدَهُ لَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُبَاشِرْ لَعِبَ نَرْدٍ) أَيْ فَإِنْ بَاشَرَهُ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَلَوْ لَمْ يُدَاوِمْ عَلَيْهِ بَلْ وَلَوْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قِمَارٌ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الطَّابِ وَالسِّيجَةِ وَالْمِنْقَلَةِ، وَلَعِبُ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ حَرَامٌ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ ذُو مُرُوءَةٍ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا مَعَ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ (قَوْلُهُ بِتَرْكِ غَيْرِ لَائِقٍ) أَيْ مُصَوَّرَةً بِتَرْكِ غَيْرِ لَائِقٍ فَالْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ.
(قَوْلُهُ بِاللَّازِمِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرُوءَةَ كَمَالُ الرُّجُولِيَّةِ وَيَلْزَمُ مِنْ كَمَالِهَا تَرْكُ غَيْرِ اللَّائِقِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَتْ الْمُرُوءَةُ فِي الْعَدَالَةِ لِأَنَّ مَنْ تَخَلَّقَ بِمَا لَا يَلِيقُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا جَرَّهُ ذَلِكَ غَالِبًا لِعَدَمِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى دِينِهِ وَاتِّبَاعِ الشَّهَوَاتِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ وُجُودُ الْعَدْلِ الْمَوْصُوفِ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْأَوْصَافِ أَوْ تَعَسَّرَ كَمَا فِي زَمَانِنَا هَذَا اكْتَفَى بِمَنْ لَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ لِلضَّرُورَةِ وَقِيلَ يُجْبَرُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مِنْ لَعِبِ حَمَامٍ) أَيْ مَنْ لَعِبَ بِهِ مَعَ إدَامَتِهِ وَإِلَّا لَمْ يُخِلَّ بِالْمُرُوءَةِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ اللَّعِبَ بِهِ الَّذِي لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ كَاللَّعِبِ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْمُسَابَقَةِ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَيَشْمَلُ اللَّعِبَ بِهِ الْمُحَرَّمَ الَّذِي لَيْسَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَلَا مِنْ صَغَائِرِ الْخِسَّةِ كَلَعِبٍ بِهِ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ نَوْعُ تَعْذِيبٍ لَهُ وَلَا يَشْمَلُ اللَّعِبَ بِهِ مُقَامَرَةً لِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ إذَا لَمْ يَكُنْ بِقَبِيحٍ) أَيْ بِكَلَامٍ قَبِيحٍ وَلَا حَمْلَ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْقَبِيحِ كَتَعَلُّقٍ بِامْرَأَةٍ أَوْ بِأَمْرَدَ وَلَا بِآلَةٍ أَيْ كَعُودٍ وَقَانُونٍ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا حَرُمَ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ كَانَ سَمَاعُهُ وَكَذَا فِعْلُهُ حَرَامٌ وَلَوْ فِي عُرْسٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهَلْ تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ سَوَاءٌ كَانَ مَكْرُوهًا أَوْ حَرَامًا وَلَوْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ وَهُوَ مَا لتت أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّكْرَارِ فِي السَّنَةِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَحَاصِلُ مَا فِي عبق أَنَّ الْغِنَاءَ إنْ حُمِلَ عَلَى تَعَلُّقٍ بِمُحَرَّمٍ كَامْرَأَةٍ أَوْ أَمْرَدَ حَرُمَ فِعْلًا وَسَمَاعًا تَكَرَّرَ أَمْ لَا بِآلَةٍ أَمْ لَا كَانَ فِي عُرْسٍ أَوْ صَنِيعٍ كَوِلَادَةٍ وَخِتَانٍ وَقُدُومٍ مِنْ سَفَرٍ وَعَقْدِ نِكَاحٍ أَوْ كَانَ فِي غَيْرِهِمَا وَمَتَى لَمْ يُحْمَلْ عَلَى مُحَرَّمٍ جَازَ بِعُرْسٍ وَصَنِيعٍ سَوَاءٌ كَانَ بِآلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا سَمَاعًا وَفِعْلًا تَكَرَّرَ

الصفحة 166