كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

فَالْمُغَفَّلُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (إلَّا فِيمَا) أَيْ فِي شَيْءٍ (لَا يَلْبِسُ) .
بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مَاضِيهَا بِفَتْحِهَا أَيْ لَا يُخْتَلَطُ فِيهِ مِنْ الْبَدِيهِيَّاتِ

(وَلَا مُتَأَكِّدَ الْقُرْبِ) لِلْمَشْهُودِ لَهُ (كَأَبٍ) أَيْ أَصْلٍ (وَإِنْ عَلَا وَزَوْجِهِمَا) أَيْ الْأَبِ وَالْأُمِّ الشَّامِلُ لَهَا الْأَبُ بِالتَّغْلِيبِ أَوْ الدَّاخِلَةُ تَحْتَ الْكَافِ فَزَوْجَةُ الْأَبِ لَا تَشْهَدُ لِرَبِيبِهَا وَزَوْجُ الْأُمِّ لَا يَشْهَدُ لِرَبِيبِهِ وَإِنْ سَفَلَ (وَوَلَدٍ) فَلَا يَشْهَدُ لِأَصْلِهِ (وَإِنْ سَفَلَ) الْوَلَدُ (كَبِنْتٍ) وَابْنٍ (وَزَوْجِهِمَا) أَيْ زَوْجِ الْبِنْتِ وَزَوْجِ الِابْنِ فَلَا يَشْهَدَانِ لِأَبَوَيْ زَوْجَيْهِمَا.
(وَشَهَادَةُ ابْنٍ مَعَ أَبٍ) أَيْ مَعَ أَبِيهِ فِي قَضِيَّةٍ (وَاحِدَةٍ) أَيْ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةٍ وَاحِدٍ فَتَحْتَاجُ لِآخَرَ أَوْ يَمِينٍ فَتُلْغَى شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا (كَكُلٍّ) أَيْ كَمَا تُلْغَى شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْبَدِيلَةِ (عِنْدَ الْآخَرِ) إذَا كَانَ حَاكِمًا لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَرُدُّ شَهَادَةَ أَبِيهِ أَوْ وَلَدِهِ (أَوْ) شَهَادَتَهُ (عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ) عَلَى (حُكْمِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَزْكِيَتِهِ وَلِذَا لَا يُعَدِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّ شَهَادَةَ الِابْنِ مَعَ أَبِيهِ مُعْتَبَرَةٌ مُطْلَقًا فِي الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ وَجَازَتْ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى خَطِّ الْآخَرِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَأُخْرِجَ مِنْ مَنْعِ شَهَادَةِ مُتَأَكَّدِ الْقُرْبِ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ

قَوْلُهُ (بِخِلَافِ) شَهَادَةِ (أَخٍ لِأَخٍ) فَتَجُوزُ (إنْ بَرَزَ) فِي الْعَدَالَةِ بِأَنْ فَاقَ أَقْرَانَهُ فِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَكُنْ سَمِعَهَا قَبْلَ الصَّمَمِ وَإِلَّا جَازَتْ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ كَمَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ وَيُؤَدِّيهَا بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ (قَوْلُهُ فَالْمُغَفَّلُ) أَيْ وَهُوَ مَنْ لَا يَسْتَعْمِلُ الْقُوَّةَ الْمُنَبِّهَةَ مَعَ وُجُودِهَا فِيهِ وَأَمَّا الْبَلِيدُ فَهُوَ خَالٍ مِنْهَا بِالْمَرَّةِ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا لَا فِيمَا يَخْتَلِطُ وَلَا فِيمَا لَا يَخْتَلِطُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَخْتَلِطُ فِيهِ مِنْ الْبَدِيهِيَّاتِ) أَيْ كَرَأَيْت هَذَا يَقْطَعُ يَدَ هَذَا أَوْ يَأْخُذُ مَالَهُ

(قَوْلُهُ أَيْ أَصْلٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَشْهَدُ أَبٌ وَلَا أُمٌّ لِوَلَدٍ وَإِنْ وَلَدَ مُلَاعَنَةٍ لِصِحَّةِ اسْتِلْحَاقِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَا) أَيْ فَلَا يَشْهَدُ الْجَدُّ أَوْ الْجَدَّةُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ فَزَوْجَةُ الْأَبِ لَا تَشْهَدُ لِرَبِيبِهَا) أَيْ وَهُوَ وَلَدُ زَوْجِهَا وَإِنْ سَفَلَ وَإِذَا امْتَنَعَ شَهَادَتُهَا لِابْنِ زَوْجِهَا فَتَمْتَنِعُ شَهَادَتُهَا لِزَوْجِهَا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ لَا يَشْهَدُ لِرَبِيبِهِ) أَيْ وَهُوَ وَلَدُهَا وَإِذَا امْتَنَعَ شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِابْنِ زَوْجَتِهِ فَتُمْنَعُ شَهَادَتُهُ لَهَا بِالْأَوْلَى لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ (قَوْلُهُ فَلَا يَشْهَدُ لِأَصْلِهِ) أَيْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ أَوْ جَدِّهِ أَوْ جَدَّتِهِ (قَوْلُهُ وَوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ كَبِنْتٍ وَابْنٍ) هَذَا مِثَالٌ لِلْوَلَدِ وَلَا يَخْفَى عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِلتَّمْثِيلِ لِوُضُوحِ الْمُمَثِّلِ لَهُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ صَوَابُهُ وَإِنْ سَفَلَ لِبِنْتٍ بِاللَّامِ لَا بِالْكَافِ لِيَكُونَ بَالِغًا عَلَى أَضْعَفِ الْمَرَاتِبِ (قَوْلُهُ فَلَا يَشْهَدَانِ لِأَبَوَيْ زَوْجَيْهِمَا) فَزَوْجُ الْبِنْتِ لَا يَشْهَدُ لِأَبَوَيْ زَوْجَتِهِ، وَزَوْجَةُ الِابْنِ لَا تَشْهَدُ لِأَبَوَيْ زَوْجِهَا وَأَمَّا شَهَادَةُ زَوْجِ الْمَرْأَةِ لِإِخْوَتِهَا، وَشَهَادَةُ زَوْجَةِ الرَّجُلِ لِإِخْوَتِهِ فَجَائِزَةٌ كَمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ زَوْجِ الْبِنْتِ لِزَوْجَةِ أَبِيهَا وَشَهَادَةُ زَوْجَةِ الِابْنِ لِزَوْجِ أُمِّهِ وَكَذَا شَهَادَةُ أَحَدِ أَبَوَيْ الزَّوْجَةِ لِابْنِ زَوْجِ ابْنَتِهِ أَوْ بِنْتِهِ أَوْ لِأَبَوَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَشَهَادَةُ ابْنٍ مَعَ أَبٍ) أَيْ الْمَقْبُولُ وَاحِدَةٌ وَقَوْلُهُ فَتَحْتَاجُ لِآخَرَ أَيْ فِيمَا يَحْتَاجُ لِشَاهِدَيْنِ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَقَوْلُهُ أَوْ يَمِينٍ أَيْ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ إذَا كَانَتْ بِمَالٍ أَوْ بِمَا يَئُولُ إلَيْهِ وَإِذَا طَرَأَ فِسْقٌ لِأَحَدِهِمَا فَشَهَادَةُ الثَّانِي مِنْهُمَا بَاقِيَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ بُطْلَانِ شَهَادَتِهِمَا مَعًا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ شَهَادَةَ الْأَبِ وَابْنِهِ شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ قَوْلُ أَصْبَغَ وَمُقَابِلُهُ لِسَحْنُونٍ وَمُطَرِّفٍ وَهُوَ أَنَّ شَهَادَةَ الِابْنِ مَعَ أَبِيهِ شَهَادَتَانِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ وَقَالَ ابْنُ عَاصِمٍ فِي التُّحْفَةِ: وَجَازَ أَنْ يَشْهَدَ الِابْنُ فِي مَحَلٍّ مَعَ أَبِيهِ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ وَمِثْلُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ وَابْنِ رَاشِدٍ فِي اللُّبَابِ وَذَكَرَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ أَنَّ الْقَوْلَ بِكَوْنِ شَهَادَةِ الْأَبِ مَعَ ابْنِهِ شَهَادَتَيْنِ أَعْدَلُ مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّهُمَا شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ وَقِيلَ شَهَادَتَانِ وَهُوَ أَقْيَسُ اهـ.
فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِقُوَّتِهِ كَمَا تَرَى أَوْ يَحْكِي قَوْلَيْنِ قَالَهُ طفى وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ فِي هَذَا الْفَرْعِ وَفِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ وَلَمْ يُرَجِّحْ وَاحِدًا مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ نَظَرًا لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مُرَجَّحًا اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَزَادَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْفُرُوعِ الْمَذْكُورَةِ شَهَادَةَ الْوَلَدِ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا الْقَوْلَيْنِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ أَيْ كَمَا تُلْغَى شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْهَا عَلَى الْبَدِيلَةِ عِنْدَ الْآخَرِ إذَا كَانَ حَاكِمًا) أَيْ وَقِيلَ لَا تُلْغَى وَرُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلِلِابْنِ أَنْ يُنَفِّذَ حُكْمِ أَبِيهِ وَعَكْسُهُ إذَا كَانَا قَاضِيَيْنِ وَأَنْهَى أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَوْ شَهَادَتَهُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ عَلَى حُكْمِهِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ الْوَلَدُ أَشْهَدُ أَنَّ أَبِي قَدْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي بِكَذَا أَوْ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا فَتُلْغَى تِلْكَ الشَّهَادَةُ لِأَنَّ فِيهَا تَزْكِيَةً لَهُ وَقِيلَ لَا تُلْغَى فِيهَا وَقَدْ رُجِّحَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ مِنْ تَزْكِيَتِهِ) أَيْ لِلْآخَرِ أَيْ فِي الْفَرْعَيْنِ وَقَوْلُهُ وَلِذَا أَيْ وَلِامْتِنَاعِ تَزْكِيَةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ وَقَوْلُهُ لَا يُعَدِّلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ تَزْكِيَةٌ وَقَوْلُهُ وَجَازَتْ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى خَطِّ الْآخَرِ أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَقَوْلُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ هُوَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ

(قَوْلُهُ إنْ بَرَّزَ) فِي بْن الصَّوَابُ إنْ بَرَّزَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ فِعْلٌ لَازِمٌ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهُ مُبَرِّزٌ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ ظَاهِرُ الْعَدَالَةِ وَفِي الْقَامُوسِ بَرَّزَ كَكَرَّمَ وَبَرَّزَ

الصفحة 168