كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

بِخِلَافِ تَزْكِيَةِ السِّرِّ فَيَكْفِي فِيهَا الْوَاحِدُ وَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَتَصِحُّ التَّزْكِيَةُ (وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ) الْمُزَكِّي (الِاسْمَ) لِلْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ وَلَا الْكُنْيَةَ الْمَشْهُورَ بِهَا لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى مَعْرِفَةِ ذَاتِهِ وَأَحْوَالِهِ (أَوْ لَمْ يَذْكُرْ السَّبَبَ) أَيْ سَبَبَ التَّعْدِيلِ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ (بِخِلَافِ الْجَرْحِ) بِالْفَتْحِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ سَبَبِهِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ فَرُبَّمَا اُعْتُمِدَ فِيهِ عَلَى مَا لَا يَقْتَضِيهِ شَرْعًا كَالْبَوْلِ قَائِمًا وَعَدَمِ تَرْجِيحِ الْمِيزَانِ (وَهُوَ) أَيْ الْجَرْحُ أَيْ بَيِّنَتُهُ (مُقَدَّمٌ) عَلَى التَّعْدِيلِ أَيْ بَيِّنَتِهِ يَعْنِي أَنَّ بَيِّنَةَ الْجَرْحِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ لِأَنَّهَا تَحْكِي عَنْ ظَاهِرِ الْحَالِ، وَالْمُجَرِّحَةَ عَنْ بَاطِنِهِ وَأَيْضًا الْمُجَرِّحَةُ مُتَمَسِّكَةٌ بِالْأَصْلِ (وَإِنْ) (شَهِدَ) الْمُزَكَّى بِالْفَتْحِ (ثَانِيًا) وَجُهِلَ حَالُهُ (فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى) وَعَدَمِهِ (تَرَدُّدٌ) فَإِنْ لَمْ يُجْهَلْ حَالُهُ بَلْ عُرِفَ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَزْكِيَةٍ كَمَا لَوْ كَثُرَ مُعَدِّلُوهُ وَقَوْلُهُ تَرَدُّدٌ حَقُّهُ قَوْلَانِ إذْ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُعَدِّلٌ اُكْتُفِيَ بِالْأُولَى جَزْمًا وَعُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ إلَخْ قَوْلُهُ

(وَبِخِلَافِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ (لِأَحَدِ وَلَدَيْهِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ) مِنْ وَلَدٍ لِأَحَدِ (أَبَوَيْهِ) فَتَجُوزُ (إنْ لَمْ يَظْهَرْ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (مَيْلٌ لَهُ) أَيْ لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَإِلَّا مُنِعَتْ

(وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (عَدُوٍّ) عَلَى عَدُوِّهِ عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً بَلْ (وَلَوْ عَلَى ابْنِهِ) أَيْ ابْنِ الْعَدُوِّ كَمَا لَا يَشْهَدُ ابْنُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّ أَبِيهِ (أَوْ) وَلَوْ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ بَيْنَ (مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) فَلَا تَجُوزُ مِنْ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَطَلَ الْحَقُّ بِسَبَبِ شَهَادَتِهِ أَوْ حَقٍّ بَاطِلٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَجْرِيحُهُ لِئَلَّا يُضَيِّعَ الْحَقَّ أَوْ يُحِقَّ الْبَاطِلَ وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ لَا لِمَا قَبْلَهَا لِاسْتِغْنَائِهِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ تَعَيَّنَ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى إلَى بُطْلَانِ الْحَقِّ حَيْثُ تَرَكَ التَّزْكِيَةَ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا إذَا بَطَلَ الْحَقُّ بِتَرْكِهَا

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَزْكِيَةِ السِّرِّ فَيَكْفِي فِيهَا الْوَاحِدُ) أَيْ وَالتَّعَدُّدُ فِيهَا مَنْدُوبٌ فَقَطْ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي بْن وَيَفْتَرِقَانِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ مُزَكِّيَ السِّرِّ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّبْرِيزُ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى عِلْمِ الْقَاضِي بِعَدَالَتِهِ وَلَا يُعْذَرُ فِيهِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ إذَا عَدَّلَ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ مُزَكِّي الْعَلَانِيَةِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ التَّزْكِيَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَخْ) أَيْ تَصِحُّ التَّزْكِيَةُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ تَزْكِيَةَ سِرٍّ أَوْ عَلَانِيَةٍ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا الْكُنْيَةُ الْمَشْهُورُ بِهَا) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ مُعْتَمِدًا عَلَى طُولِ عِشْرَةٍ وَمُخَالَطَةٍ إذْ مَتَى طَالَتْ الْعِشْرَةُ وَالْمُخَالَطَةُ عُلِمَ مَا اُشْتُهِرَ بِهِ مِنْ الْكُنْيَةِ وَاَلَّذِي فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الِاسْمُ الَّذِي شُهِرَ بِغَيْرِهِ وَذَلِكَ كَسَحْنُونِ بْنِ سَعِيدٍ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْرَفَ اسْمُهُ وَهُوَ عَبْدُ السَّلَامِ وَمِثْلُ أَشْهَبَ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْرَفَ اسْمُهُ وَهُوَ مِسْكِينٌ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى مَعْرِفَةِ ذَاتِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَكِّي ذَاتَهُ لَا مَا اُشْتُهِرَ بِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ) أَيْ فَرُبَّمَا لَا يَتَيَسَّرُ اسْتِحْضَارُهَا كُلِّهَا عِنْدَ التَّزْكِيَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْجَرْحِ) أَيْ التَّجْرِيحِ (قَوْلُهُ فَرُبَّمَا اعْتَمَدَ فِيهِ) أَيْ فِي التَّجْرِيحِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ بَيِّنَةَ الْجَرْحِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ التَّعْدِيلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةُ التَّعْدِيلِ أَعْدَلَ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى الْأَشْهَرِ كَمَا نَقَلَهُ بْن وَقِيلَ إنَّ الْمُجَرَّحَةَ مُقَدَّمَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُزَكِّي أَكْثَرَ أَوْ أَعْدَلَ اهـ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَحْكِي عَنْ ظَاهِرِ الْحَالِ) أَيْ لِأَنَّهَا تُخْبِرُ عَنْ حَالِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْمُجَرَّحَةُ تُخْبِرُ عَنْ حَالِهِ الْخَفِيِّ فَهِيَ أَزْيَدُ عِلْمًا (قَوْلُهُ ثَانِيًا) أَيْ قَبْلَ تَمَامِ عَامٍ وَقَوْلُهُ وَجُهِلَ حَالُهُ أَيْ هَلْ طَرَأَ لَهُ فِسْقٌ أَمْ لَا أَيْ وَلَمْ يَكْثُرْ مُعَدِّلُوهُ وَوُجِدَ مَنْ يُعَدِّلُهُ عِنْدَ شَهَادَتِهِ ثَانِيًا فَمَحَلُّ الْخِلَافِ مُقَيَّدٌ بِهَذِهِ الْقُيُودِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنْ فُقِدَ قَيْدٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَخِيرَةِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَزْكِيَةٍ اتِّفَاقًا وَإِنْ فُقِدَ الْقَيْدُ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ شَهِدَ مَجْهُولُ الْحَالِ ثَانِيًا بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ وَلَمْ يَكُنْ زَكَّاهُ قَبْلَهُ كَثِيرُونَ احْتَاجَ لِإِعَادَةِ التَّزْكِيَةِ ثَانِيًا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَإِنْ اكْتَفَى بِالتَّزْكِيَةِ الْأُولَى مَضَى الْحُكْمُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ مِنْ التَّزْكِيَةِ الْأُولَى مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ

(قَوْلُهُ وَبِخِلَافِهَا لِأَحَدٍ إلَخْ) فِي ح اشْتَرَطَ بَعْضُهُمْ فِي قَبُولِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ التَّبْرِيزَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا مَا لَلْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ لِأَحَدِ أَبَوَيْهِ) أَيْ عَلَى الْآخَرِ لَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَإِلَّا رُدَّتْ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَوَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَتْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ ظَهَرَ مَيْلٌ لِلْمَشْهُودِ لَهُ مُنِعَتْ كَشَهَادَةِ الْأَبِ لِوَلَدِهِ الْبَارِّ عَلَى الْعَاقِّ أَوْ الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ أَوْ لِسَفِيهٍ عَلَى الرَّشِيدِ لِاتِّهَامِ الْأَبِ عَلَى إبْقَائِهِ الْمَالَ تَحْتَ يَدِهِ (تَنْبِيهٌ) تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ بِطَلَاقِ أُمِّهِ إنْ كَانَتْ مُنْكِرَةً لِلطَّلَاقِ وَاخْتُلِفَ إنْ كَانَتْ هِيَ الْقَائِمَةُ بِذَلِكَ فَمَنَعَهَا أَشْهَبُ وَأَجَازَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ شَهِدَ بِطَلَاقِ أَبِيهِ لِغَيْرِ أُمِّهِ لَمْ تَجُزْ إنْ كَانَتْ أُمُّهُ فِي عِصْمَةِ أَبِيهِ لَا إنْ كَانَتْ مَيِّتَةً مَثَلًا وَلَوْ شَهِدَ لِأَبِيهِ عَلَى جَدِّهِ أَوْ لِوَلَدِهِ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ لَمْ تَجُزْ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ لَجَازَ قَوْلًا وَاحِدًا كَذَا يَنْبَغِي اهـ عج

(قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ عَدُوٍّ عَلَى عَدُوِّهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ وَأَشَارَ بِلَوْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ عَلَى ابْنِهِ لَرَدَّ قَوْلَ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ بِالْجَوَازِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَلْحَقْ الْأَبُ مَعَرَّةٌ بِشَهَادَةِ ذَلِكَ الشَّاهِدِ عَلَى وَلَدِهِ كَأَنْ شَهِدَ الْعَدُوُّ بِدَيْنٍ عَلَى وَلَدِ عَدُوِّهِ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ شَهِدَ الْعَدُوُّ عَلَى وَلَدِ عَدُوِّهِ بِزِنًا أَوْ شُرْبٍ أَوْ قَذْفٍ (قَوْلُهُ دُنْيَوِيَّةً) أَيْ لَا دِينِيَّةً لِجَوَازِ شَهَادَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ (قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ) أَيْ الشَّهَادَةُ مِنْ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ أَيْ لِلْعَدَاوَةِ

الصفحة 171