كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

فِي إبَّانِ الْحِلَابِ مَعَ مَعْرِفَةِ وَجْهِ حِلَابِهَا لِأَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ وَالشُّرُوعُ فِي الْأَخْذِ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ قُرْبَهُ فَيَجُوزُ وَكَذَا إنْ وَقَعَ عَلَى الْكَيْلِ كَكُلِّ يَوْمٍ رَطْلَيْنِ مِنْ لَبَنِ شِيَاهِك بِكَذَا (وَاغْتُفِرَ) اشْتِرَاطُ إدْخَالِ (مَا فِي الْأَرْضِ) الْمُكْتَرَاةِ وَجِيبَةً مِنْ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ (مَا لَمْ يَزِدْ) مَا فِيهَا أَيْ قِيمَتُهُ (عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ ثُلُثِ الْجَمِيعِ فَإِنْ زَادَ لَمْ يُغْتَفَرْ وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ وَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ (بِالتَّقْوِيمِ) ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ إذَا أُكْرِيَتْ بِلَا شَجَرٍ مُثْمِرٍ فَيُقَالُ عَشَرَةٌ فَيُقَالُ، وَمَا قِيمَةُ الثَّمَرَةِ فِي ذَاتِهَا بَعْدَ إسْقَاطِ كُلْفَتِهَا فَيُقَالُ خَمْسَةٌ أَوْ أَقَلُّ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ، وَلَوْ قِيلَ قِيمَتُهَا سِتَّةٌ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَجُزْ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ طِيبُ الثَّمَرَةِ فِي مُدَّةِ الْكِرَاءِ، وَأَنْ يَكُونَ شَرْطُ إدْخَالِهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَأَمَّا الزَّرْعُ فَلَا يَجُوزُ إدْخَالُهُ إلَّا إذَا نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ فَإِنْ أُكْرِيَتْ مُشَاهَرَةً لَمْ يَجُزْ إدْخَالُ شَيْءٍ، وَذَكَرَ مَفْهُومَ لَا حَظْرَ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا (تَعْلِيمِ غِنَاءٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ (أَوْ) (دُخُولِ حَائِضٍ لِمَسْجِدٍ) أَيْ لِخِدْمَتِهِ (أَوْ دَارٍ لِتُتَّخَذَ كَنِيسَةً) أَوْ مَجْمَعًا لِفُسَّاقِ أَوْ خَمَّارَةً (كَبَيْعِهَا لِذَلِكَ) وَيُفْسَخُ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ (وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ) جَمِيعِهِ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِلدَّارِ وَبِمَا يَنُوبُ الزَّمَنَ الَّذِي فُسِخَتْ إلَيْهِ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي الْأَثْنَاءِ (وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ) فِي بَيْعِهَا لِذَلِكَ (عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ بِزَائِدِهِ عَلَى الثَّمَنِ لَوْ بِيعَتْ لِمُبَاحٍ وَكَذَا بِزَائِدِ الْكِرَاءِ لِلْأَرْضِ إذَا أُكْرِيَتْ لِذَلِكَ عَلَى الْكِرَاءِ لَوْ أُكْرِيَتْ لِجَائِزٍ.

وَذَكَرَ مُحْتَرَزَ تَعَيُّنٍ بِقَوْلِهِ (وَلَا) تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى (مُتَعَيِّنٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَأَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: فِي إبَّانِ الْحِلَابِ) أَيْ فِي زَمَنِ الْحِلَابِ لِاخْتِلَافِ الْحِلَابِ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَعْرِفَةِ وَجْهِ حِلَابِهَا) أَيْ قَدْرِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ قَدْرَ مَا بَاعَ وَالْمُشْتَرِي قَدْرَ مَا اشْتَرَى (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ وَقَعَ عَلَى الْكَيْلِ) أَيْ فَيَجُوزُ كَأَنْ يَقُولَ لِشَخْصٍ أَشْتَرِي مِنْك كُلَّ يَوْمٍ رَطْلَيْنِ مِنْ لَبَنِ شِيَاهِك مُدَّةَ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ أَشْتَرِي مِنْك مِائَةَ رَطْلٍ مِنْ اللَّبَنِ كُلَّ يَوْمٍ آخُذُ مِنْهَا خَمْسَةَ أَرْطَالٍ بِكَذَا لَكِنْ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا عَدَا الشَّرْطَ الْأَوَّلَ وَهُوَ تَعَدُّدُ الشِّيَاهِ الَّتِي عِنْدَ الْبَائِعِ وَكَثْرَتُهَا وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ وَجْهِ الْحِلَابِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ بِالْكَيْلِ فَلَا غَرَرَ وَحِينَئِذٍ فَالْمُشْتَرَطُ كَوْنُ الشِّرَاءِ فِي الْإِبَّانِ، وَأَنْ يَكُونَ لِأَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ، وَأَنْ يَشْرَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْأَخْذِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَيَّامٍ يَسِيرَةٍ، وَأَنْ يُسَلِّمَ لِرَبِّ الشِّيَاهِ لَا إلَى غَيْرِهِ، وَأَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ سَلَمٌ (قَوْلُهُ: وَاغْتُفِرَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا فِيهَا شَجَرٌ مُثْمِرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَيَجُوزُ لِذَلِكَ الْمُكْتَرِي اشْتِرَاطُ دُخُولِ الشَّجَرِ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ إنْ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً وَكَانَ طِيبُ الثَّمَرِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الثَّمَرِ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ بِالتَّقْوِيمِ، وَأَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُ دُخُولِهَا لِأَجْلِ دَفْعِ الضَّرَرِ فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ دُخُولِهِ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ فَإِنْ اشْتَرَطَ دُخُولَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ) أَيْ وَالْحَالَ أَنَّ ثَمَرَهُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ جَازَ اشْتِرَاطُ دُخُولِهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ، وَإِجَارَةٌ لِكَوْنِهِ مُسْتَقِلًّا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَزِدْ إلَخْ) أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ زِيَادَةِ قِيمَةِ مَا فِيهَا عَنْ الثُّلُثِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ فَالثُّلُثُ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: بِالتَّقْوِيمِ) أَيْ تَقْوِيمِ كُلٍّ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ وَتَقْوِيمِ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ قَدْ يَزِيدُ أَيْ عَلَى الْقِيمَةِ وَقَدْ يَنْقُصُ عَنْهَا (قَوْلُهُ: فِي مُدَّةِ الْكِرَاءِ) فَإِنْ كَانَ طِيبُهَا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ فَالْمَنْعُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ) أَيْ إلَّا إذَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ الثُّلُثِ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ لَا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثُلُثًا فَقَدْ شَدَّدُوا فِي اشْتِرَاطِ دُخُولِهِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ كَمَا شَدَّدُوا مُسَاقَاتِهِ حَيْثُ اعْتَبَرُوا فِيهَا شُرُوطًا لَمْ تُعْتَبَرْ فِي مُسَاقَاةِ الْأُصُولِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ إدْخَالُ شَيْءٍ) أَيْ لَا مِنْ الثَّمَرِ، وَلَا مِنْ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمِ غِنَاءٍ) أَيْ، وَمِثْلُهُ آلَاتُ الطَّرَبِ كَالْمِزْمَارِ وَالْعُودِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ) أَيْ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا مَعَ الْمَدِّ فَهُوَ النَّفْعُ (قَوْلُهُ: أَوْ دُخُولِ حَائِضٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْحَائِضِ أَوْ الْجُنُبِ أَوْ الْكَافِرِ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا الْحَظْرُ وَكَمَا يُمْنَعُ إجَارَةُ مَنْ ذَكَرَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ يُمْنَعُ تَقْرِيرُ النِّسَاءِ فِي الْوَظَائِفِ الَّتِي لَا تَتَأَتَّى شَرْعًا إلَّا مِنْ الرِّجَالِ كَالْإِمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ وَالْأَذَانِ فَتَقْرِيرُهُنَّ فِيهَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَّقْرِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرَّرُ أَهْلًا لِمَا قُرِّرَ فِيهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَيَفْسَخُ) أَيْ عَقْدَ الْإِجَارَةِ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَقْدُ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَتُصُدِّقَ بِفَضْلَةِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ كِرَائِهَا لِذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْكِرَاءِ الْأُجْرَةُ الَّتِي اُكْتُرِيَتْ بِهَا الدَّارُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ مَا يُسَاوِي ثَمَنَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً أَوْ خَمَّارَةً فَيُقَالُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ يُقَالُ وَمَا تُسَاوِي لَوْ بِيعَتْ لِمَنْ لَا يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً، وَلَا خَمَّارَةً فَيُقَالُ عَشَرَةً فَيَتَصَدَّقُ بِالْخَمْسَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَعُودُ لِلْمُكْرِي مَا أَكْرَاهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ كَثِيرٌ فَلِذَلِكَ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِالْكِرَاءِ جَمِيعِهِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ مَا بَاعَهُ فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ لَاشْتَدَّ ضَرَرُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ قِيلَ إنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ وَالْكِرَاءِ وَقِيلَ بِفَضْلَتِهِمَا وَقِيلَ إنَّهُ يَتَصَدَّقُ فِي الْكِرَاءِ بِجَمِيعِهِ، وَفِي الْبَيْعِ بِفَضْلَةِ الثَّمَنِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِزَائِدِ الْكِرَاءِ لِلْأَرْضِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَرْضَ يَتَصَدَّقُ فِيهَا بِالْفَضْلَةِ فِي كُلٍّ مِنْ

الصفحة 21