كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

أَيْ مَطْلُوبٍ مِنْ كُلِّ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ، وَلَوْ غَيْرَ فَرْضٍ (كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ) كَغُسْلِ الْمَيِّتِ أَوْ حَمْلِهِ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنُ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا (وَعُيِّنَ) فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وُجُوبًا (مُتَعَلِّمٌ) لِقِرَاءَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ لِاخْتِلَافِ حَالِهِ ذَكَاءً وَبَلَادَةً (وَرَضِيعٌ) لِاخْتِلَافِ حَالِهِ بِكَثْرَةِ الرَّضَاعِ وَقِلَّتِهِ (وَ) عُيِّنَ (دَارٌ وَحَانُوتٌ) وَحَمَّامٌ وَخَانٌ وَنَحْوُهَا إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ فِي الذِّمَّةِ

[دَرْسٌ] (وَ) عُيِّنَ (بِنَاءٌ عَلَى) (جِدَارٍ) اُسْتُؤْجِرَ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَيَذْكُرُ قَدْرَهُ طُولًا وَعَرْضًا وَكَوْنَهُ بِطُوبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ كِرَاءِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يُبْنَى فِيهَا مِنْ كَوْنِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ طُوبٍ (وَ) عُيِّنَ (مَحْمِلٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ مَا يُرْكَبُ فِيهِ مِنْ شُقَّةٍ وَشُقْدُفٍ وَمِحَفَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السَّعَةِ وَالضِّيقِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَأَمَّا بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَفَتْحِ ثَالِثِهِ فَعَلَّاقَةُ السَّيْفِ (إنْ لَمْ تُوصَفْ) الْمَذْكُورَاتُ فَإِنْ وُصِفَتْ وَصْفًا شَافِيًا كَفَى لَكِنْ الْبِنَاءُ عَلَى الْجِدَارِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ إلَّا الْوَصْفُ لِعَدَمِ وُجُودِهِ حَالَ الْعَقْدِ

(وَ) عُيِّنَتْ (دَابَّةٌ) أُكْرِيَتْ (لِرُكُوبٍ) عَلَيْهَا بِالْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ أَوْ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ، وَلَا يَكْفِي الْوَصْفُ إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ قَصَدَ عَيْنَهَا (وَإِنْ ضُمِنَتْ) فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ دَابَّةٍ (فَجِنْسٌ) أَيْ فَاللَّازِمُ تَعْيِينُ جِنْسِهَا كَإِبِلٍ أَوْ بِغَالٍ (وَنَوْعٌ) أَيْ صِنْفٌ كَعِرَابٍ وَبُخْتٍ (وَذُكُورَةٌ) أَوْ أُنُوثَةٌ فَالْوَصْفُ فِي هَذَا الْبَابِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْيِينِ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْعَقْدِ فَقَطْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّابَّةَ وَغَيْرَهَا لِرُكُوبٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا مِنْ التَّعْيِينِ بِالذَّاتِ أَوْ الْوَصْفِ إلَّا أَنَّهَا إذَا عُيِّنَتْ بِالْإِشَارَةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهَا، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى رَبِّهَا بَدَلُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ بَيْعِهَا وَكِرَائِهَا بِخِلَافِ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلَةِ فِي بَيْعِهَا وَبِالْكِرَاءِ جَمِيعِهِ فِي إجَارَتِهَا، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَرْضَ كَالدَّارِ فِي أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِكُلِّ الْأُجْرَةِ فِي إجَارَتِهَا وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ فِي بَيْعِهَا اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ فَرْضٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ فَرْضًا بَلْ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ فَرْضٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ مَنْدُوبًا كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ جَمِيعَ الْمَنْدُوبَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَأَمَّا الْمَنْدُوبَاتُ مِنْ غَيْرِهِمَا كَالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِمَا وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّ جَوَازَ الْإِجَارَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَبْنِيٌّ عَلَى وُصُولِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ لِمَنْ قُرِئَ لِأَجْلِهِ كَالْمَيِّتِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّاجِحَ وُصُولُ ذَلِكَ لَهُ بِكَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا) أَيْ لِتَمَحُّضِهَا لِلْعِبَادَةِ، وَأَمَّا الْغُسْلُ وَالْحَمْلُ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهَا لَمَّا شَارَكَتْ فِي الصُّورَةِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً غَيْرَهَا لَمْ تَتَمَحَّضْ بِصُورَتِهَا لِلْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: وَعُيِّنَ) أَيْ بِالْإِشَارَةِ أَوْ أَلْ الْعَهْدِيَّةِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وُجُوبًا أَيْ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فَسَدَتْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي إجَارَتِهِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ أَوْ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِهِ وَحُدُودِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأُجْرَةُ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَعْيِينَهُ.

(قَوْلُهُ: اُسْتُؤْجِرَ) أَيْ الْجِدَارُ (قَوْلُهُ: وَعُيِّنَ مَحْمِلٌ) فَإِذَا قَالَ أَسْتَأْجِرُ مِنْك جَمَلًا أَرْكَبُهُ لِمَكَّةَ فِي مَحْمِلٍ وَجَبَ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَحْمِلَ مِنْ كَوْنِهِ شُقْدُفًا أَوْ شُقَّةً أَوْ مِحَفَّةً (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تُوصَفْ الْمَذْكُورَاتُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ وَعَلَى هَذَا فَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَصَفَ سِنَّ الرَّضِيعِ مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارِ رَضَاعِهِ كَفَى فِي جَوَازِ الْإِجَارَةِ مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ الْبِنَاءُ عَلَى الْجِدَارِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِمَجْمُوعِ مَا تَقَدَّمَ أَيْ مَا عَدَا الْجِدَارَ لَا أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُودِهِ) أَيْ الْبِنَاءِ عَلَى الْجِدَارِ حِينَ الْعَقْدِ حَتَّى إنَّهُ يُعَيِّنُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَدَابَّةٌ أُكْرِيَتْ لِرُكُوبٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ أُكْرِيَتْ لِحَمْلٍ أَوْ اسْتِقَاءٍ أَوْ حَرْثٍ فَلَا يَلْزَمُ تَعْيِينُهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ بَيَانُ مَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأَغْرَاضُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً) أَتَى الشَّارِحُ بِذَلِكَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ ضُمِنَتْ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ وَعُيِّنَتْ دَابَّةٌ لِرُكُوبٍ إنْ لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً أَوْ إنْ أُرِيدَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا بِعَيْنِهَا، وَإِنْ ضَمِنَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضُمِنَتْ) هُوَ بِالتَّخْفِيفِ لِقَوْلِهِمْ مَضْمُونَةً أَيْ، وَإِنْ أُرِيدَ الْعَقْدُ عَلَى مَضْمُونَةٍ أَيْ مُتَعَلِّقَةٍ بِالذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ دَابَّةٍ) أَيْ كَأَنْ قَالَ قَدْ أَكَتْرِي مِنْك دَابَّةً وَقَوْلُهُ: فَجِنْسٌ وَنَوْعٌ وَذُكُورَةٌ أَيْ فَالْوَاجِبُ ذِكْرُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْجِنْسِ، وَمَا مَعَهُ مَا لَمْ تُوصَفْ كَدَابَّتِك الْحَمْرَاءِ أَوْ السَّوْدَاءِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً لَكِنْ تَعْيِينُ الْمُعَيَّنَةِ بِالشَّخْصِ يَكُونُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا أَوْ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ وَتَعْيِينُ الْمَضْمُونَةِ يَكُونُ بِذِكْرِ جِنْسِهَا وَنَوْعِهَا وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ أَوْ بِالْوَصْفِ كَدَابَّتِك الْبَيْضَاءِ أَوْ السَّوْدَاءِ (قَوْلُهُ: كَإِبِلٍ أَوْ بِغَالٍ) كَ أَكَتْرِي مِنْك دَابَّةً مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِنْ الْبِغَالِ أَرْكَبُهَا لِمَحَلِّ كَذَا بِكَذَا (قَوْلُهُ: أَيْ صِنْفٌ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ النَّوْعَ، وَأَرَادَ بِهِ الصِّنْفَ كَبُخْتٍ وَعِرَابٍ وَبِرْذَوْنٍ وَعَرَبِيٍّ كَمَا أَنَّهُ أَطْلَقَ الْجِنْسَ، وَأَرَادَ بِهِ النَّوْعَ مِنْ إبِلٍ وَبِغَالٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهَا إذَا عُيِّنَتْ بِالْإِشَارَةِ) أَيْ أَوْ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ كَانَ تَعْيِينُهَا بِالذَّاتِ بِأَنْ عُيِّنَتْ بِالْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ أَوْ أَلْ الْعَهْدِيَّةِ انْفَسَخَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِلَّا تُعَيَّنْ بِالْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ بَلْ بِذِكْرِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ أَوْ بِالْوَصْفِ كَدَابَّتِك الْبَيْضَاءِ أَوْ السَّوْدَاءِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهَا

الصفحة 22