كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

أَصْغَرَ مِنْهَا (وَشِبْهِهِ) كَسَرْجٍ وَحَوِيَّةٍ وَلِجَامٍ، وَمِقْوَدٍ فَيُعْمَلُ فِيهَا بِالْعُرْفِ، وَإِلَّا فَعَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَحِينَئِذٍ فَحُكْمُ الْإِكَافِ وَشِبْهُهُ حُكْمُ الْخَيْطِ، وَمَا مَعَهُ إذْ هُوَ عَلَى رَبِّهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَا عَكْسَهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْعَكْسُ فِي التَّصْوِيرِ لَا الْحُكْمُ، وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مُكْتَرٍ، وَهُنَا مُكْرٍ.

(وَ) عُمِلَ بِالْعُرْفِ (فِي) أَحْوَالِ (السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ) وَقَدْرِ الْإِقَامَةِ بِهَا (وَالْمَعَالِيقِ) جَمْعُ مُعْلُوقٍ بِضَمِّ الْمِيمِ كَعُصْفُورٍ وَعَصَافِيرَ أَيْ مَا يَحْتَاجُ لَهُ الْمُسَافِرُ مِنْ نَحْوِ سَمْنٍ وَزَيْتٍ وَعَسَلٍ (وَالزَّامِلَةِ) مَا يَحْمِلُ فِيهِ الْمُسَافِرُ حَاجَتَهُ مِنْ خُرْجٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ وَجَبَ التَّعْيِينُ فِي السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ، وَإِلَّا فُسِخَ الْكِرَاءُ، وَأَمَّا فِي الْمَعَالِيقِ وَالزَّامِلَةِ فَلَا يُفْسَخُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ حَمْلُهَا (وَ) فِي (وَطَائِهِ) أَيْ فَرْشِهِ، وَأَوْلَى غِطَائِهِ (بِمَحْمِلٍ) حَمْلًا أَوْ إتْيَانًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ لَمْ يَلْزَمْ الْمُكْرِيَ (وَبَدَلِ) نَقْصِ (الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ) بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَعَلَيْهِ وَزْنُ الْحِمْلِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَكْسُهُ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى قِنْطَارٍ إلَى بَلَدِ كَذَا فَأَصَابَهُ مَطَرٌ حَتَّى زَادَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا حَمْلُ الْوَزْنِ الْأَوَّلِ (وَتَوْفِيرِهِ) أَيْ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ إذَا أَرَادَ رَبُّهُ أَنْ يُوَفِّرَهُ مِنْ أَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ، وَأَرَادَ الْمُكْرِي تَخْفِيفَهُ عُمِلَ بِالْعُرْفِ (كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَقَدْ تُكْسَرُ وَتُضَمُّ (قَائِلَةً) أَوْ لَيْلًا أَيْ إنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِعَهُ فِي أَوْقَاتِ نَزْعِهِ عَادَةً فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي لُبْسِهِ وَنَزْعِهِ لَزِمَهُ بَيَانُ وَقْتِ نَزْعِهِ أَوْ دَوَامُ لُبْسِهِ (، وَهُوَ) أَيْ مَنْ تَوَلَّى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ تَوَلَّى الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ مِنْ مُؤَجَّرٍ بِالْفَتْحِ كَرَاعٍ، وَمُسْتَأْجِرٍ كَمُكْتَرِي الدَّابَّةِ وَنَحْوِهَا (أَمْنٌ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ إنْ ادَّعَى الضَّيَاعَ أَوْ التَّلَفَ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَيَحْلِفُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا لَقَدْ ضَاعَ، وَمَا فَرَّطْتُ، وَلَا يَحْلِفُ غَيْرُهُ وَقِيلَ يَحْلِفُ مَا فَرَّطْتُ وَبَالَغَ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ شُرِطَ) عَلَيْهِ (إثْبَاتُهُ) أَيْ الضَّمَانِ (إنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ الْمَيِّتِ) فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا لَكِنْ كَلَامُهُ يُوهِمُ صِحَّةَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ يُفْسِدُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، سَوَاءٌ زَادَتْ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَازِمٌ لِرَبِّ الرَّحَى سَوَاءٌ كَانَ هُوَ صَاحِبَ الدَّقِيقِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَطْحَنُ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ كَانَ الدَّقِيقُ لِغَيْرِهِ بِأَنْ آجَرَهَا لِرَبِّ الدَّقِيقِ.
(قَوْلُهُ: أَصْغَرَ مِنْهَا) أَيْ، وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ التَّرَّاسِينَ نَمَّارِيَّةٌ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْيَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْمُكْتَرِي الَّذِي اكْتَرَى الدَّابَّةَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّهُ) أَيْ الرَّبَّ فِي الْأَوَّلِ مُكْتَرٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ اكْتَرَى الْخَيَّاطَ وَصَاحِبَ الْجِدَارِ اكْتَرَى الْبَنَّاءَ وَرَبَّ الرَّحَى مُكْتَرٍ، وَمُسْتَأْجِرٌ لِمَنْ يَطْحَنُ لَهُ قَمْحَهُ عَلَى رَحَاهُ.

(قَوْلُهُ: فِي أَحْوَالِ السَّيْرِ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ بِالْهُوَيْنَا أَوْ حَدْرًا أَوْ مُتَوَسِّطًا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ، وَفِي السَّيْرِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْخَيْطِ، وَأَعَادَ الْجَارَّ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْإِكَافِ فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَالْمَنَازِلِ) أَيْ مَوَاضِعِ النُّزُولِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا يَحْتَاجُ لَهُ الْمُسَافِرُ مِنْ نَحْوِ سَمْنٍ) أَيْ مِنْ وِعَاءِ نَحْوِ سَمْنٍ فَإِذَا اكْتَرَيْت جَمَلًا لِتَرْكَبَهُ فِي السَّفَرِ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّهُ حَمْلُ وِعَاءِ نَحْوِ السَّمْنِ إلَّا بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ: مِنْ خُرْجٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ فَإِذَا اكْتَرَيْت دَابَّةً لِتَرْكَبَهَا فَيَرْجِعُ فِي حَمْلِ الْخُرْجِ وَالصُّنْدُوقِ لِلْعُرْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الدَّابَّةِ حَمْلُهُ.
(قَوْلُهُ: وَوَطَائِهِ بِمَحْمِلٍ) أَيْ أَنَّ مَا يُوضَعُ تَحْتَ الْمُكْتَرِي فِي الْمَحْمِلِ مِنْ فِرَاشٍ يَرْجِعُ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ، وَفِي حَمْلِهِ لِلْعُرْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَلَا يَلْزَمُ الْجَمَّالَ الْإِتْيَانُ بِهِ، وَلَا حَمْلُهُ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى غِطَائِهِ) أَيْ لِعَدَمِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَبَدَلِ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ) أَيْ وَبَدَلِ نَقْصِ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ مُضَافٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَقَصَ الطَّعَامُ الْمَحْمُولُ بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَرَادَ صَاحِبُهُ عِوَضَ بَدَلِهِ وَامْتَنَعَ الْمُكْرِي فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْعُرْفِ فَإِنْ جَرَى عُرْفٌ بِعَدَمِ بَدَلِهِ عُمِلَ بِهِ كَمَا فِي طَرِيقِ الْحَجِّ فَإِنَّ الْمُكْرِيَ يَدْخُلُ مَعَ الْمُكْتَرِي عَلَى وَزْنٍ مُعَيَّنٍ مَعَ عِلْمِهِمَا نَقْصَهُ بِأَكْلٍ وَعَلَفٍ كُلَّ يَوْمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَعَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ حَمْلُ الْوَزْنِ الْأَوَّلِ الْمُشْتَرَطِ لِتَمَامِ الْمَسَافَةِ الْمُكْتَرَاةِ (قَوْلُهُ: الطَّيْلَسَانِ) هُوَ الشَّالُ الَّذِي تُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الطَّيْلَسَانَ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ الثَّوْبُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي أَوْقَاتِ نَزْعِهِ عَادَةً) أَيْ كَوَقْتِ الْقَيْلُولَةِ وَاللَّيْلِ.
(تَنْبِيهٌ) مِمَّا يُرْجَعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ مَا إذَا اكْتَرَى عَلَى حَمْلِ مَتَاعِ دَوَابَّ إلَى مَوْضِعٍ فَاعْتَرَضَ نَهْرٌ فِي الطَّرِيقِ كَالنِّيلِ لَا يُجَازُ إلَّا بِالْمَرْكَبِ فَتَعْدِيَةُ كُلٍّ مِنْ الدَّابَّةِ وَالْحَمْلِ عَلَى رَبِّهِ إلَّا أَنْ لَا يَعْلَمُوا بِهِ، وَإِلَّا فَتَعْدِيَةُ الْجَمِيعِ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ مُؤَجِّرٍ، وَمُسْتَأْجِرٍ) أَيْ، وَهَذَا الصَّنِيعُ أَوْلَى مِنْ قَصْرِ تت لَهُ عَلَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ، وَهُوَ أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ أَمِينٌ فَعَلَى هَذَا يَضْمَنُ الرَّاعِي إذَا ادَّعَى الضَّيَاعَ أَوْ التَّلَفَ، وَهَذَا وَإِنْ قِيلَ بِهِ فِي الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ قَوْمٍ كَالصَّانِعِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ تُصَدِّقُهُ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَلَّفَ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ رِسَالَةً فِي الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَكَذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ رَحَّالٍ أَلَّفَ رِسَالَةً فِي الْأُجَرَاءِ وَالصُّنَّاعِ وَتَعَرَّضَ فِيهَا لِلرَّدِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالثَّوْبِ أَوْ لَا كَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفُ غَيْرُهُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَحْلِفُ مَا فَرَّطْت) أَيْ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى التَّفْرِيطِ، وَأَمَّا الضَّيَاعُ فَيُصَدَّقُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الضَّيَاعَ نَاشِئٌ عَنْ تَفْرِيطِهِ غَالِبًا فَيَكْفِي حَلِفُهُ مَا فَرَّطْت، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يَحْلِفُ مُطْلَقًا أَيْ عَلَى الضَّيَاعِ وَالتَّفْرِيطِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شُرِطَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الضَّمَانَ سَاقِطٌ عَنْهُ، وَلَوْ شُرِطَ

الصفحة 24