كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

وَبَيْنَ تَمْلِيكِ ثُلُثِ الْعَبْدِ لَهُ.

(وَ) إنْ أَوْصَى (بِعِتْقِ عَبْدٍ) مُعَيَّنٍ وَلَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ وَالْعَبْدُ (لَا يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ) الْمَالِ (الْحَاضِرِ) أَيْ لَا يَحْمِلُهُ ثُلُثُهُ وَيَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْجَمِيعِ (وُقِفَ) عِتْقُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ (إنْ كَانَ) يُرْجَى حُضُورُ الْغَائِبِ (لِأَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ) كَأَرْبَعَةٍ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَعْتِقَ كُلُّهُ (وَإِلَّا) يُرْجَى حُضُورُ الْغَائِبِ لِأَشْهُرٍ يَسِيرَةٍ بَلْ كَثِيرَةٍ (عُجِّلَ عِتْقُ ثُلُثِ) الْمَالِ (الْحَاضِرِ) أَيْ مَا قَابَلَ ثُلُثَ الْحَاضِرِ (ثُمَّ تُمِّمَ) عِتْقُهُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَائِبِ إذَا حَضَرَ وَلَوْ تَدْرِيجًا فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ مَا حَضَرَ مَحْمَلُهُ حَتَّى يَتِمُّ عِتْقُهُ.

(وَلَزِمَ إجَازَةُ الْوَارِثِ) لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيزَ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا أَجَازَ وَصِيَّةَ مُورِثِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فِيمَا لَهُ رَدَّهُ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ لِوَارِثٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَتَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ لَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا أَجَازَهُ مُتَمَسِّكًا بِأَنَّهُ الْتِزَامُ شَيْءٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَإِنَّمَا تَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ بِشُرُوطٍ أَوَّلُهَا كَوْنُ الْإِجَازَةِ (بِمَرَضٍ) لِلْمُوصِي أَيْ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَرَضِ مَخُوفًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الشَّرْطِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ (لَمْ يَصِحَّ) الْمُوصِي (بَعْدَهُ) فَإِنْ أَجَازَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضٍ صَحَّ مِنْهُ صِحَّةً بَيِّنَةً ثُمَّ مَرِضَ وَمَاتَ لَمْ يَلْزَمْ الْوَارِثَ مَا أَجَازَهُ وَأَشَارَ لِثَالِثِ الشُّرُوطِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا بِقَوْلِهِ (إلَّا لِتَبَيُّنِ عُذْرٍ) لِلْوَارِثِ فِي الْإِجَازَةِ (بِكَوْنِهِ) أَيْ الْوَارِثِ (فِي نَفَقَتِهِ) أَيْ الْمُوصِي فَأَجَازَ مَخَافَةَ قَطْعِهَا عَنْهُ (أَوْ) لِأَجْلِ (دَيْنِهِ) الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ (أَوْ) لِخَوْفِ (سُلْطَانِهِ) أَيْ الْمُوصِي فَأَجَازَ مَخَافَةَ سَطْوَتِهِ عَلَيْهِ، الشَّرْطُ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُجِيزُ مِمَّنْ يَجْهَلُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَالْإِجَازَةَ وَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَنْ يَجْهَلُ مِثْلُهُ) لُزُومَ إجَازَتِهِ كَمَنْ شَأْنُهُ التَّبَاعُدُ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ (أَنَّهُ جَهِلَ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ) مَعْمُولُ يَحْلِفُ فَهُوَ صِفَةُ يَمِينِهِ أَيْ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنِّي لَا أَعْلَمُ حِينَ إجَازَتِي أَنَّ لِي الرَّدَّ أَيْ لِاعْتِقَادِي أَنَّ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي أَمْرٌ لَازِمٌ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَازَةُ وَلَهُ الرَّدُّ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَتْهُ كَاَلَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَأَنَّهَا فِي الثُّلُثِ بِالشُّروُطِ الْمُتَقَدِّمَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْآخَرَانِ جُعِلَ لِلْمُشْتَرِي عِتْقُهُمَا.
(قَوْلُهُ وَبَيْنَ تَمْلِيكَ ثُلُثِ الْعَبْدِ لَهُ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَحَلُّهُ إذَا حَمَلَ ثُلُثُ الْمَيِّتِ جَمِيعَ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِبَيْعِهِ لِلْعِتْقِ أَوْ لِفُلَانٍ أَمَّا إذَا لَمْ يَحْمِلْهُ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُخَيَّرُونَ بَيْنَ بَيْعِ جَمِيعِ الْعَبْدِ وَيُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِقْدَارُ الثُّلُثِ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ أَنْ يُعْتِقُوا مِنْهُ مَبْلَغَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ مِنْ جَمِيعِ مَا تَرَكَ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِهِ، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ لِفُلَانٍ فَيُخَيَّرُونَ بَيْنَ بَيْعِ جَمِيعِ الْعَبْدِ وَيُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِقْدَارُ ثُلُثِ الْمَيِّتِ وَبَيْنَ إعْطَاءِ فُلَانٍ ثُلُثَ جَمِيعِ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ مِنْ الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَمْلِكُهُ مِنْ عَرْضٍ وَدَارٍ وَغَيْرِهِمَا مَثَلًا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ ثَلَاثِينَ وَخَلَفَ الْمُوصِي ثَلَاثِينَ غَيْرَهُ فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ ثُلُثُهَا عِشْرُونَ فَلَمْ يَحْمِلْ ثُلُثُ الْمَيِّتِ الْعَبْدَ فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يَبِيعُوا جَمِيعَ الْعَبْدِ وَيُسْقِطُوا عَنْ الْمُشْتَرِي عِشْرِينَ أَوْ يُعْتِقُوا ثُلُثَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ فَيُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعُوا جَمِيعَ الْعَبْدِ لِفُلَانٍ وَيُسْقِطُوا الثُّلُثَ عَنْهُ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعُوا لِفُلَانٍ عِشْرِينَ ثُلُثُ الْمَالِ كُلُّهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ الْعَوْفِيِّ

(قَوْلُهُ وَقَفَ عِتْقُهُ) أَيْ وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الرِّقِّيَّةِ حَتَّى يَعْتِقَ وَلَوْ طَلَبَ الْعَبْدُ عِتْقَ مَا يَحْمِلُهُ ثُلُثُ الْحَاضِرِ وَيُؤَخَّرُ عِتْقُ بَقِيَّتِهِ لَمْ يُجَبْ لِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ فَيَعْتِقُ مِنْ كُلِّ مَا حَضَرَ مَحْمَلُهُ) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةً وَثُلُثُ الْحَاضِر خَمْسِينَ وَثُلُثُ الْغَائِبِ كَذَلِكَ خَمْسِينَ وَكَانَ لَا يُرْجَى حُضُورُهُ إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ عَتَقَ نِصْفُ الْعَبْدِ حَالًا وَكُلُّ مَا يَأْتِي مِنْ الْغَائِبِ ثَلَاثُونَ يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ عَشْرَةٌ

(قَوْلُهُ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّهُ) أَيْ الْوَارِثِ يَلْزَمُهُ أَنْ يُجِيزَ وَصِيَّةَ مُورِثِهِ.
(قَوْلُهُ فَتَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِهَا بِأَنْ أَجَازَ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْهُ الْمُوصِي أَوْ طَلَبَهَا مِنْهُ الْمُوصِي وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخ عَبْدِ الْحَقِّ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الصَّقَلِّيِّينَ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنْ أَجَازَ الْوَارِثُ قَبْلَ أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْهُ الْمُوصِي لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ مُطْلَقًا كَانَ فِي عِيَالِ الْمُوصِي أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ وَإِنْ أَجَازَ بَعْدَ أَنْ طَلَبَ الْمُوصِي مِنْهُ الْإِجَازَةَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ وَإِلَيْهِ نَحَا ابْنُ يُونُسَ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي.
(قَوْلُهُ بِمَ يَصِحُّ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَرَضِ الَّذِي أَجَازَ فِيهِ الْوَارِثُ.
(قَوْلَهُ لَمْ يَلْزَمْ الْوَارِثَ مَا أَجَازَهُ) أَيْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مَعْذُورًا فَلَا تَلْزَمُ إجَازَتُهُ.
(قَوْلُهُ فِي نَفَقَتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ وَاجِبَةً أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهَا.
(قَوْلُهُ أَوْ لِأَجْلِ دَيْنِهِ) أَيْ فَيُخَافُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ وَيَسْجُنَهُ إذَا لَمْ يُجِزْ.
(قَوْلُهُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُجِيزُ مِمَّنْ يَجْهَلُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَالْإِجَازَةَ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَازَةُ وَكَانَ لَهُ الرَّدُّ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ يَجْهَلُ أَنَّ لَهُ رَدَّ تِلْكَ الْوَصِيَّةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَهَا لِاعْتِقَادِهِ لُزُومَهَا لَهُ.
(قَوْلُهُ مَعْمُولٌ إلَخْ) خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ هَذَا مَعْمُولُ يَحْلِفُ وَالْمُشَارُ إلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ جَهِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ كَاَلَّذِي يَعْلَمُ إلَخْ) أَيْ كَمَا أَنَّهَا تَلْزَمُ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّذِي يَعْلَمُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَأَنَّهَا فِي الثُّلُثِ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الثُّلُثِ

الصفحة 437