كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

وَأَنَّ لَهُ الْإِجَازَةَ وَالرَّدَّ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَمِينٌ وَبَقِيَ شَرْطٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُجِيزُ مُكَلَّفًا بِلَا حَجْرٍ وَذَكَرَ مَفْهُومَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةَ بِقَوْلِهِ (لَا) إنْ أَجَازَ الْوَارِثُ (بِصِحَّةٍ) لِلْمُوصِي فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ (وَلَوْ) وَقَعَتْ (بِكَسَفَرٍ) أَوْ مَرَضٍ خَفِيفٍ أَوْ سِجْنٍ (وَالْوَارِثُ) الْمُوصَى لَهُ بِصِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ (يَصِيرُ) حَالَ الْمَوْتَ (غَيْرَ وَارِثٍ) بِحَجْبِهِ بِمَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ كَأَخٍ يُحْجَبُ بِحُدُوثِ ابْنٍ أَوْ لِزَوَالِ سَبَبٍ أَوْ شَرْطٍ كَالزَّوْجَةِ تَطْلُقُ بَائِنًا (وَعَكْسُهُ) أَيْ غَيْرُ الْوَارِثِ يَصِيرُ وَارِثًا كَوَصِيَّتِهِ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا (الْمُعْتَبَرُ مَآلُهُ) أَيْ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْحَالُ فِي الصُّورَتَيْنِ فَإِذَا مَاتَ الْمُوصِي صَحَّتْ فِي الْأُولَى وَبَطَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ (وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) الْمُوصِي بِصَيْرُورَةِ الْوَارِثِ غَيْرَ وَارِثٍ، فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلصُّورَةِ الْأُولَى قَصَدَ بِهَا رَدَّ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَرْأَةِ تُوصِي لِزَوْجِهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا أَلْبَتَّةَ فَإِنْ عَلِمَتْ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَلَمْ تُغَيِّرْ فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهَا لِلثَّانِيَةِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْخِلَافِ فِيهَا.

(وَاجْتَهَدَ) مَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَ الْوَصِيَّةِ مِنْ وَارِثٍ أَوْ قَاضٍ أَوْ مُقَدَّمٍ مِنْهُ أَوْ وَصِيٍّ (فِي ثَمَنِ) عَبْدٍ (مُشْتَرًى لِظِهَارٍ) أَيْ الْمُوصِي بِشِرَائِهِ لِيَعْتِقَ أَيْ لِأَجْلِ عِتْقِهِ عَنْ ظِهَارِهِ (أَوْ) مُشْتَرًى (لِتَطَوُّعٍ) أَيْ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَبْدٍ لِيَعْتِقَ عَنْهُ تَطَوُّعًا وَلَمْ يُسَمِّ ثَمَنًا فِي الْحَالَيْنِ (بِقَدْرِ الْمَالِ) مُتَعَلِّقٌ بِ اجْتَهَدَ أَيْ يَجْتَهِدُ بِقَدْرِ الْمَالِ قِلَّةً وَكَثْرَةً لِيَشْتَرِيَ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا حَاذِقًا أَوْ بَلِيدًا فَلَيْسَ مِنْ تَرْكِ مِائَةِ دِينَارٍ كَمَنْ تَرَكَ أَلْفًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنْ ظَهَرَ كُفْرُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ رُدَّ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَعِيبٍ فِي الْأُولَى (فَإِنْ) (سَمَّى فِي تَطَوُّعٍ) قَدْرًا (يَسِيرًا) لَا يَشْتَرِي بِهِ رَقَبَةً (أَوْ) سَمَّى كَثِيرًا أَوْ (قَلَّ الثُّلُثُ) بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ مَا سَمَّاهُ وَلَا يَفِي بِرَقَبَةٍ (شُورِكَ بِهِ) أَيْ بِالْيَسِيرِ الَّذِي سَمَّاهُ أَوْ بِالثُّلُثِ (فِي) ثَمَنِ (عَبْدٍ) لِيَعْتِقَ إنْ وُجِدَ مُشَارِكٌ (وَإِلَّا) يُوجَدُ (فَآخِرُ نَجْمِ مُكَاتَبٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْمُوصِي وَالتَّقْيِيدُ بِالْآخِرِ لِلنَّدَبِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْعِتْقِ إذْ لَوْ وَضَعَهُ فِي أَوَّلِ نَجْمٍ كَفَى فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَجْمُ مُكَاتَبٍ وَرِثَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ تَطَوُّعٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى فِيهِ عِتْقًا عَنْ ظِهَارٍ فَلَا يُشَارِكُ وَيُطْعَمُ بِمَا لَمْ يَبْلُغْ شِرَاءَ رَقَبَةٍ فَإِنْ فَضَلَ عَنْ الْإِطْعَامِ شَيْءٌ وَرِثَ (وَإِنْ) (عَتَقَ) مَا اشْتَرَى لِلتَّطَوُّعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا فِي زَائِدٍ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَأَنَّ لَهُ) أَيْ وَيَعْلَمُ أَنَّ لِلْوَارِثِ إجَازَةَ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَبِزَائِدِ الثُّلُثِ وَلَهُ رَدُّهَا.
(قَوْلُهُ وَبَقِيَ شَرْطٌ خَامِسٌ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَزِمَ إجَازَةُ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ اللُّزُومَ إنَّمَا يَكُونُ لِلرَّشِيدِ.
(قَوْلُهُ لَا بِصِحَّةٍ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْعُتْبِيَّةِ قَالَ لَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ أَذِنُوا فِي وَقْتٍ لَا مَنْعَ لَهُمْ فِيهِ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَخَرَجَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ فِي صِحَّةِ الْمُوصِي ثُمَّ قَبِلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ صَحَّ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَجِب لَهُ الْوَصِيَّةُ إلَّا بِمَوْتِ الْمُوصِي اهـ بْن.
(قَوْلُهُ فَلَا تَلْزَمُهُ الْإِجَازَةُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِذْ كَانَتْ تِلْكَ الْإِجَازَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الصِّحَّةِ لَا تُلْزِمُ فَلِلْوَارِثِ الرَّدَّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْمُوَثِّقِ وَاطَّلَعَ الْوَارِثُ عَلَى ذَلِكَ وَأَجَازَهُ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِكَسَفَرٍ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ أَصْبَغُ وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ (قَوْلُهُ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْحَالُ) أَيْ حَالَ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَإِنْ آلَ أَمْرُ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لِكَوْنِهِ غَيْرَ وَارِثٍ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَإِنْ آلَ أَمْرُهُ لِكَوْنِهِ وَارِثًا عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ.
(قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) كَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ نُفُوذُ الْوَصِيَّةِ سَوَاءٌ عَلِمَتْ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَلَمْ تُغَيِّرْ الْوَصِيَّةَ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْخِلَافِ فِيهَا) بَلْ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ فِيهَا بِاتِّفَاقٍ فَإِذَا كَانَ لَهُ ابْنٌ وَأَوْصَى لِأَخِيهِ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ فَصَارَ الْأَخُ وَارِثًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِاتِّفَاقٍ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُوصِي بِمَوْتِ ابْنِهِ وَلَمْ يُغَيِّرْ الْوَصِيَّةَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ

(قَوْلُهُ وَاجْتَهَدَ فِي ثَمَنِ عَبْدٍ) أَيْ قِلَّةً وَكَثْرَةً بِقَدْرِ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ عَالِي الرَّقِيقِ وَإِلَّا فَمِنْ دَنِيِّهِ فَلَيْسَ مَنْ تَرَكَ مِائَةً دِينَارٍ كَمَنْ تَرَكَ أَلْفَ دِينَارٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَعِيبٍ فِي الْأُولَى) أَيْ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مَعِيبٌ فِيهَا رُدَّ لَا إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ مَعِيبٌ فِي الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ) أَيْ الثُّلُثُ مَا سَمَّاهُ وَقَوْلُهُ وَلَا يَفِي أَيْ الثُّلُثُ بِرَقَبَتِهِ كَمَا لَوْ سَمَّى مِائَةً وَالثُّلُثُ عَشْرَةٌ فَهِيَ لَا تَسَعُ الْمِائَةَ وَلَا تَفِي بِرَقَبَتِهِ.
(قَوْلُهُ فَآخِرُ نَجْمِ مُكَاتَبٍ) هَذَا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ يُعَانُ بِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ كَفَى) أَيْ فَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ الدَّفْعِ لَهُ رَجَعَ عَلَى السَّيِّدِ فَأَخَذَ مِنْهُ مَا دَفَعَ لِمُكَاتَبِهِ وَوَرِثَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ لَهُ إعَانَةً عَلَى الْعِتْقِ وَلَمْ يَحْصُلْ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَرِثَ) أَيْ وَرِثَهُ وَرَثَةُ الْمُوصِي وَالضَّمِيرُ فِي وَرِثَ رَاجِعٌ لِلْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ إذَا كَانَ يَسِيرًا أَوْ الثُّلُثِ إذَا كَانَ مَا سَمَّاهُ كَثِيرًا لَا يَسَعُهُ الثُّلُثُ.
(قَوْلُهُ لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى فِيهِ عِتْقًا عَنْ ظِهَارٍ إلَخْ) مِثْلُ الْعِتْقِ عَلَى الظِّهَارِ الْعِتْقُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْكَفَّارَاتُ كَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ كَالتَّطَوُّعِ ضَعِيفٌ لِمُخَالَفَتِهِ تَقْيِيدَ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ يُونُسَ بِالتَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ سَمَّى قَيَّدَهُ ابْنُ يُونُسَ بِالتَّطَوُّعِ وَجَعَلَ التَّسْمِيَةَ خَاصَّةً بِالتَّطَوُّعِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ عَلَى كَفَّارَةِ قَتْلِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ اُنْظُرْ عج.
(قَوْلُهُ فَلَا يُشَارَكْ) أَيْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ فِيهِ إلَّا رَقَبَةً كَامِلَةً.
(قَوْلُهُ وَيُطْعِمُ بِمَا لَمْ يَبْلُغْ شِرَاءَ رَقَبَةٍ) أَيْ وَيَشْتَرِي طَعَامًا بِمَا لَمْ يَبْلُغْ شِرَاءَ رَقَبَةٍ وَيُعْطِي لِلْمَسَاكِينِ سَوَاءٌ وَفَّى بِالْإِطْعَامِ كُلَّهُ أَيْ سِتِّينَ مُدًّا أَوْ وَفَّى بَعْضَهُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ فَضَلَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِمَا

الصفحة 438