كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

يَلِيَانِ الْمُعْتَقَ بِمَالٍ فَعَجَّلَهُ ثُمَّ يَلِيهِمَا الْمُعْتَقُ بِمَالٍ وَلَمْ يُعَجِّلْهُ وَالْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ لَفْظِ فَعَجَّلَهُ ثُمَّ الْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ الْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ وَالْمُعْتَقُ بِمَالٍ لَمْ يُعَجِّلْهُ (ثُمَّ) وَصِيَّتُهُ (بِعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ) كَقَوْلِهِ أَعْتِقُوا عَنِّي عَبْدًا (ثُمَّ حَجّ) أَيْ ثُمَّ وَصِيَّتُهُ بِحَجٍّ عَنْهُ (إلَّا لِضَرُورَةٍ فَيَتَحَاصَّانِ) أَيْ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَحَجِّ الصَّرُورَةِ أَيْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَشُبِّهَ فِي الْمُحَاصَّةِ قَوْلُهُ (كَعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ وَمُعَيَّنِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعِتْقِ كَأَنْ يُوصِيَ بِعِتْقِ عَبْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَبِثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ لِزَيْدٍ فَيَتَحَاصَّانِ (وَجُزْئِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ كَأَنْ يُوصِيَ لِزَيْدٍ بِنِصْفِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ نِصْفِ عَبْدٍ أَوْ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَالثَّلَاثَةُ إذَا اجْتَمَعَتْ أَوْ الِاثْنَانِ مِنْهَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنَّمَا أَعَادَ قَوْلَهُ كَعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَقَدْ يُقَالُ الْعِتْقُ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ الْأَوَّلُ زَاحَمَهُ حَجٌّ وَالثَّانِي زَاحَمَهُ مُعَيَّنٌ غَيْرُهُ أَوْ جُزْؤُهُ فَلَا تَكْرَارَ.

(وَلِلْمَرِيضِ) مَرَضًا مَخُوفًا (اشْتِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) كَابْنِهِ وَأَبِيهِ (بِثُلُثِهِ) فَأَقَلَّ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ نَاجِزًا وَيَرِثُ لِتَقَدُّمِ عِتْقِهِ عَلَى مَوْتِهِ وَأَمَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَلَا يَرِثُ وَخُيِّرَ الْوَارِثُ إنْ كَانَ لَا يَعْتِقُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنْ أَجَازَ فَظَاهِرٌ وَإِنْ رَدَّهُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْضًا كَالِابْنِ وَالْأَخِ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَعِتْقُ الْبَاقِي عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالشِّرَاءُ صَحِيحٌ لَازِمٌ (وَ) لَا (يَرِثُ) وَقِيلَ بَلْ إذَا أَجَازَ الْوَارِثُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَالْمُوصَى بِكِتَابَتِهِ) أَيْ وَلَمْ يُعَجِّلْهَا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ وَصِيَّتُهُ بِعِتْقٍ) أَيْ ثُمَّ يَلِي الْمُوصَى بِعِتْقِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ.
(قَوْلُهُ أَيْ ثُمَّ وَصِيَّتُهُ بِحَجٍّ عَنْهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْحَجُّ حَجَّ صَرُورَةٍ أَيْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَجُّ الْمُوصَى بِهِ لِشَخْصٍ صَرُورَةٍ أَيْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ.
(قَوْلُهُ كَعِتْقٍ لَمْ يُعَيَّنْ) أَيْ كَوَصِيَّتِهِ بِعِتْقٍ لِعَبْدٍ لَمْ يُعَيِّنْهُ كَ أَعْتِقُوا عَبْدًا.
(قَوْلُهُ وَجُزْئِهِ أَيْ الْمُعَيَّنِ) يَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ ضَمِيرٌ وَجُزْئِهِ لِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا فِي ح وَيُرَادُ بِجُزْءِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَرُبُعِ الْمَالِ أَوْ ثُلُثِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِقَوْمٍ وَبِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ لِقَوْمِ نُظِرَ لِقِيمَةِ الْمُعَيَّنِ وَإِلَى مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَيَتَحَاصَّانِ.
(قَوْلُهُ فَالثَّلَاثَةُ إلَخْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَالْوَصِيَّةُ بِمُعَيَّنٍ غَيْرِ الْعِتْقِ وَالْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْوَصِيَّةِ بِرُبُعِ مَالِهِ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ وَفِيهَا التَّحَاصُّ عِنْدَ الضِّيقِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ زَاحَمَهُ حَجّ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْأَوَّلُ لَمْ يُزَاحِمْهُ شَيْءٌ أَوْ زَاحَمَهُ حَجّ.
(قَوْلُهُ وَالثَّانِي زَاحَمَهُ مُعَيَّنٌ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْعِتْقِ

(قَوْلُهُ وَلِلْمَرِيضِ اشْتِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ أَيْضًا كَأَنْ يَشْتَرِيَ الْمَرِيضُ ابْنَهُ مَعَ وُجُودِ ابْنٍ لَهُ آخَرَ أَوْ كَانَ لَا يَعْتِقُ عَلَى وَارِثِهِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ الْمَرِيضُ أَخَاهُ وَكَانَ الْوَارِثُ لَهُ ابْنَ عَمِّهِ (قَوْلُهُ وَيَرِثُ) أَيْ كُلَّ الْمَالِ أَوْ بَعْضَهُ وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ فِي اشْتِرَائِهِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي حَالِ مَرَضِهِ إدْخَالَ وَارِثٍ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ إرْثِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ إدْخَالُ وَارِثٍ بِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ الَّتِي تَطْرَأُ كَتَزَوُّجِ الْمَرِيضِ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ الْمَنْكُوحَةَ فِي الْمَرَضِ وَارِثَةٌ بِسَبَبِ النِّكَاحِ الطَّارِئِ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمُشْتَرِي وَارِثٌ قَطْعًا وَالشِّرَاءُ إنَّمَا أَوْجَبَ رَفْعَ الْمَانِعِ مِنْ الْإِرْثِ.
(قَوْلُهُ وَخُيِّرَ الْوَارِثُ إنْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى فِي الْمَرَضِ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْوَارِثِ بَلْ يَعْتِقُ عَلَى الْمَرِيضِ فَقَطْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ أَخَاهُ وَكَانَ الْوَارِثُ لَهُ ابْنَ عَمِّهِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَجَازَهُ أَيْ فَإِنْ أَجَازَ الشِّرَاءَ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَيْ فَعِتْقُهُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَرِثُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إجَازَةَ الْوَارِثِ إنَّمَا تَكُونُ مُعْتَبَرَةً بَعْدَ الْمَوْتِ وَحِينَئِذٍ فَمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ الْمَرِيضِ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ لَا يَعْتِقُ إلَّا بَعْدَ الْإِجَازَةِ الْكَائِنَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَكُونُ بَعْضُ ذَلِكَ الْعَبْدِ رَقِيقًا حِينَ الْمَوْتِ فَلَا يَرِثُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ إجَازَةَ الْوَارِثِ فِي الْمَرَضِ لَازِمَةٌ مِنْ حِينِ الْإِجَازَةِ وَحِينَئِذٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَرِثُ وَأُجِيبَ بِأَنَّا لَمَّا لَمْ يُقْطَعْ بِاسْتِمْرَارِ تِلْكَ الْحَالَةِ لِاحْتِمَالِ صِحَّةِ الْمُورِثِ أَوْ تَغَيُّرِ الْوَارِثِ الْمُجِيزِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي لَمْ يُحْكَمْ بِالْإِرْثِ بِالْإِجَازَةِ الْأُولَى، وَقَدْ يُقَالُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ إذَا مَاتَ الْمُوصِي بِمَرَضِ مَوْتِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْوَارِثُ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ الْإِرْثِ حِينَئِذٍ بِالْإِجَازَةِ الْأُولَى لِانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ رَدَّهُ) أَيْ رَدَّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى فِي الْمَرَضِ.
(قَوْلُهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَارِثِ.
(قَوْلُهُ كَالِابْنِ وَالْأَخِ) أَيْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ ابْنَهُ مَعَ وُجُودِ ابْنٍ آخَرَ أَوْ أَخَاهُ مَعَ وُجُودِ أَخٍ آخَرَ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ اشْتَرَى ابْنَهُ مَعَ وُجُودِ أَخِيهِ أَوْ اشْتَرَى أَخَاهُ مَعَ وُجُودِ ابْنِهِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَى لَا يَعْتِقُ عَلَى الْوَارِثِ حِينَئِذٍ بَلْ عَلَى الْمَيِّتِ فَقَطْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ) أَيْ فَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَيَعْتِقُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَجَازَ أَوْ لَمْ يُجِزْ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ أَجَازَ الْوَارِثُ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ وَلَا يَرِثُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إذَا اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَارِثِهِ بِمَالِهِ كُلِّهِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ ثُلُثُهُ وَمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لَا يَعْتِقُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ، وَحِينَئِذٍ فَذَلِكَ الْعَتِيقُ كَانَ بَعْضُهُ وَقْتَ الْمَوْتِ رِقًّا فَلَا يَرِثُ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ إذَا أَجَازَ الْوَارِثُ فِي الْمَرَضِ)

الصفحة 444