كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

لِأَنَّ إجَازَتَهُ فِي الْمَرَضِ لَازِمَةٌ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهَا فَقَدْ تَحَقَّقَ عِتْقُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ نَعَمْ إنْ أَجَازَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَرِثْ (لَا إنْ) (أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ) أَوْ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَاشْتَرَى (وَعَتَقَ) فَلَا يَرِثُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ (وَقُدِّمَ الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى ابْنَهُ أَوْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ وَبَتَلَ عِتْقَ غَيْرِهِ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِ الْجَمِيعِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ الِابْنُ أَيْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَلَى غَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ وَقَعَ ذَلِكَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ وَقْتَيْنِ وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى ابْنَهُ فِي الْمَرَضِ وَغَيْرَهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَيَتَحَاصَّانِ إنْ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَوَّلُ عَلَى الرَّاجِحِ.

ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً تُعْرَفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ بِمَسْأَلَةِ خُلْعِ الثُّلُثِ بِأَنْوَاعِهَا الثَّلَاثَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ غَائِبٌ أَمْ لَا فَقَالَ (وَإِنْ) (أَوْصَى) لِشَخْصٍ (بِمَنْفَعَةِ) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) مُدَّةً مُعَيَّنَةً كَأَنْ يُوصِيَ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ فُلَانٍ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ أَوْ بِرُكُوبِ دَابَّتِهِ الْفُلَانِيَّةِ لِزَيْدٍ مُدَّةَ سَنَةٍ مَثَلًا (أَوْ) أَوْصَى لَهُ (بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ كَعَبْدٍ أَوْ بَعِيرٍ (لَيْسَ فِيهَا) أَيْ التَّرِكَةِ مِمَّا لَيْسَ مُعَيَّنًا كَ اشْتَرُوا لَهُ عَبْدًا وَأَعْطُوهُ لَهُ (أَوْ) أَوْصَى (بِعِتْقِ عَبْدِهِ) فُلَانٍ (بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ) مَثَلًا (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ) فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ (قِيمَتَهُ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى فِي الْمَرَضِ يَعْتِقُ عَلَى ذَلِكَ الْوَارِثِ الْمُجِيزِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إجَازَتَهُ فِي الْمَرَضِ) أَيْ؛ لِأَنَّ إجَازَةَ الْوَارِثِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فِي الْمَرَضِ لَازِمَةٌ إذَا كَانَ لَا عُذْرَ لَهُ فِي الْإِجَازَةِ وَكَانَ لَا يَجْهَلُ أَنَّ لَهُ الْإِجَازَةَ وَالرَّدَّ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ فَقَدْ تَحَقَّقَ عِتْقُهُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَرِثُ (قَوْلُهُ لَمْ يَرِثْ) أَيْ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ وَقْتَ الْمَوْتِ كَانَ رِقًّا وَهَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرٌ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الِاعْتِرَاضِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ اعْتِمَادُ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْمَجّ.
(قَوْلُهُ وَعَتَقَ) أَيْ بِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ فَلَا يُفْتَقَرُ إلَى صِيغَةِ عِتْقٍ مِنْ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا أَوْصَى بِشِرَائِهِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ وَوَقْتُ الْمَوْت كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ رَقِيقًا وَالرِّقُّ حِينَ الْمَوْتِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ.
(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى ابْنَهُ أَوْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَقُدِّمَ الِابْنُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَلِلْمَرِيضِ إلَخْ وَأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلِابْنِ وَنَحْوِهِ لِابْنِ مَرْزُوقٍ وَقَرَّرَهُ بَهْرَامُ وَالْبِسَاطِيُّ وتت عَلَى أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ لَا إنْ أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ، أَيْ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِشِرَاءِ ابْنِهِ وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهَا فَيُقَدَّمُ الِابْنُ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ بِشِرَائِهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ وَقْتَيْنِ تَقَدَّمَتْ الْوَصِيَّةُ بِشِرَاءِ الِابْنِ أَوْ تَأَخَّرَتْ، وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ كَالْحُكْمِ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهُمَا أَيْ ابْنَهُ وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّارِحِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَحَاصَّانِ إنْ أَوْصَى بِشِرَائِهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَإِلَّا قُدِّمَ صَاحِبُ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى.
(قَوْلُهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ حَمْلِهِمَا فَيَتَحَاصَّانِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَوَّلُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ اشْتَرَاهُمَا مُتَرَتِّبَيْنِ قُدِّمَ الْأَوَّلُ عَلَى الرَّاجِحِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الِابْنُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثَةٌ الْأُولَى أَنْ يَشْتَرِيَ فِي الْمَرَضِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيُبَتَّلَ عِتْقُ غَيْرِهِ فِيهِ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ فِي الْمَرَضِ ابْنَهُ وَمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَالثَّالِثَةُ أَنْ يُوصِيَ بِشِرَائِهِمَا وَفِي كُلٍّ أَيْ إمَّا يَتَحَمَّلُ الثُّلُثُ الْأَمْرَيْنِ أَوْ يَضِيقُ عَنْهُمَا فَإِنْ تَحَمَّلَ الثُّلُثُ كُلًّا مِنْ الْأَمْرَيْنِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ نَفَذَا، وَإِنْ ضَاقَ عَنْ تَحَمُّلِ الْأَمْرَيْنِ قُدِّمَ فِي الْأُولَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَتَحَاصَّانِ إنْ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَوَّلُ، وَفِي الثَّالِثَةِ يَتَحَاصَّانِ إنْ أَوْصَى بِشِرَائِهِمَا صَفْقَةً وَإِلَّا قُدِّمَ الْمُوصَى بِشِرَائِهِ أَوَّلًا عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِمَا وَقِيلَ يُقَدَّمُ الِابْنُ فِيهِمَا مُطْلَقًا وَهُوَ ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ تُعْرَفُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ بِمَسْأَلَةِ خُلْعِ الثُّلُثِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ فِي الْغَالِبِ لَا يُسَلِّمُ إلَّا الْأَقَلَّ وَهُوَ الثُّلُثُ.
(قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ إلَخْ) أَيْ إنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَلَوْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ غَائِبٌ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ شَرَفُ الدِّينِ الطِّخِّيخِيُّ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يُخَيِّرُونَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ إذَا كَانَ فِيهَا دَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ غَائِبٌ.
(قَوْلُهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لِذَلِكَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَإِنَّهُ يَجْعَلُ لِذَلِكَ الثُّلُثِ وَكَأَنَّهُ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَيُعْطَاهُ بِلَا تَخْيِيرٍ كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُضْرَبُ لِلْمَجْهُولِ بِالثُّلُثِ.
(قَوْلُهُ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنَةِ بِالْإِشَارَةِ أَوْ الْوَصْفِ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدِهِ فُلَانٍ) أَيْ بِأَنْ قَالَ أُوصِيكُمْ أَنْ تُعْتِقُوا عَبْدِي فُلَانًا بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَوْ قَالَ هُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ. (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ) .
أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ ثُلُثَ الْمُوصِي أَيْ ثُلُثُ التَّرِكَةِ كُلِّهَا إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً أَوْ ثُلُثُ مَا حَضَرَ مِنْهَا حَيْثُ كَانَ بَعْضُهَا حَاضِرًا وَبَعْضُهَا غَائِبًا لَا يَحْمِلُ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فِي الْأَوَّلِ وَلَا يَحْمِلُ قِيمَتَهُ مَا أَوْصَى بِشِرَائِهِ لِلْمُوصَى لَهُ مِمَّا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ بِأَنْ كَانَ ثُلُثُ التَّرِكَةِ لَا يَحْمِلُ قِيمَةَ عَبْدٍ مَثَلًا وَسَطٍ فِي الثَّانِي وَلَا يَحْمِلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَحْمِلُ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ شَرْطٌ فِي تَخْيِيرِ الْوَارِثِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْفُرُوعِ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ فَقَطْ دُونَ

الصفحة 445