كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ كَمُدَبَّرِ الصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَدْخُلْ وَصِيَّةُ الصِّحَّةِ فِي الْمَجْهُولِ كَمُدَبَّرِ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ بِخِلَافِهَا (وَدَخَلَتْ) الْوَصِيَّةُ الْمُقَدَّمَةُ عَلَى التَّدْبِيرِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْمُدَبَّرِ فَيُبَاعُ الْمُدَبَّرُ لِأَجْلِهَا عِنْدَ الضِّيقِ وَسَوَاءٌ دُبِّرَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ وَمَعْنَى الدُّخُولِ فِيهِ أَنَّهُ يَبْطُلُ لِأَجْلِهَا التَّدْبِيرُ عِنْدَ الضِّيقِ فَمَنْ أَوْصَى بِفَكِّ أَسِيرٍ وَكَانَ فَكُّهُ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ الْمَيِّتِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ بِأَنْ كَانَ ثُلُثُ الْمَيِّتِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ مِائَةً وَكَانَ فَكُّ الْأَسِيرِ مِائَةً فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ وَيَدْخُلُ فَكُّ الْأَسِيرِ فِي قِيمَتِهِ (وَ) تَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ (فِي الْعُمْرَى) الرَّاجِعَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ بِسِنِينَ، وَكَذَا تَدْخُلُ فِي الْحَبْسِ الرَّاجِعِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَفِي بَعِيرٍ شَرَدَ وَعَبْدٍ أَبَقَ ثُمَّ رَجَعَا.

(وَفِي) دُخُولِ الْوَصِيَّةِ فِي (سَفِينَةٍ أَوْ عَبْدٍ) لِلْمُوصِي (شَهْرَ تَلَفِهِمَا) قَبْلَ صُدُورِ الْوَصِيَّةِ (ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّلَامَةُ) بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَعَدَمُ دُخُولِهِمَا (قَوْلَانِ) وَلَا مَفْهُومَ لِلسَّفِينَةِ وَالْعَبْدِ (لَا) تَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ (فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ) مِمَّا يُبْطِلُ إقْرَارَهُ بِهِ كَأَنْ يُقِرَّ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ أَوْ لِزَوْجَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُتَّهَمُ فِيهِ (أَوْ أَوْصَى) بِهِ (لِوَارِثٍ) وَلَمْ تُجِزْهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ وَإِذَا لَمْ تَدْخُلْ الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ بَطَلَ وَرَجَعَ مِيرَاثًا أَيْ وَالرَّدُّ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ قَبْلَهُ وَعَلِمَ بِذَلِكَ الْمُوصِي فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّ إقْرَارَ الصِّحَّةِ قَدْ يَكُونُ بَاطِلًا فَالْمُرَادُ الْإِقْرَارُ الْبَاطِلُ (وَإِنْ) (ثَبَتَ أَنَّ عَقْدَهَا) أَيْ وَثِيقَةِ الْوَصِيَّةِ (خَطُّهُ أَوْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَشْهَدْ) فِي الصُّورَتَيْنِ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ (أَوْ) لَمْ (يَقُلْ أَنْفِذُوهَا) (لَمْ تَنْفُذْ) فَلَا يُعْمَلُ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالَّذِي دَبَّرَ فِيهِ عَبْدَهُ.
(قَوْلُهُ كَمُدَبَّرِ الصِّحَّةِ) أَيْ فَيَكُونُ فِي الْمَالِ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ وَدَخَلَتْ إلَخْ) فَإِذَا أَوْصَى بِمِائَةٍ لِفَكِّ أَسِيرٍ أَوْ أَوْصَى بِفَكِّ أَسِيرٍ وَكَانَ فَكُّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِمِائَةٍ وَخَلَفَ مِائَتَيْنِ وَمُدَبَّرًا يُسَاوِي مِائَةً اُعْتُبِرَ الْمُدَبَّرُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمَيِّتِ الَّذِي يُؤْخَذُ ثُلُثُهُ وَيُفَكُّ بِهِ الْأَسِيرُ فَيَكُونُ مَالُهُ ثَلَثَمِائَةٍ وَيُفَكُّ الْأَسِيرُ وَيَبْطُلُ التَّدْبِيرُ وَكَذَا إذَا تَرَكَ خَمْسِينَ وَمُدَبَّرًا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَأَوْصَى بِمِائَةٍ لِفَكِّ أَسِيرٍ بِيعَ الْمُدَبَّرُ وَأُخِذَ مِنْ ثَمَنِهِ خَمْسُونَ وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَرْتَبَةٍ مِنْ الْوَصَايَا تَأَخَّرَتْ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ عِنْدَ الضِّيقِ وَيَدْخُلُ السَّابِقُ فِيهَا.
(قَوْلُهُ الْمُقَدَّمَةُ عَلَى التَّدْبِيرِ) إنَّمَا حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْوَصِيَّةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَى التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ الْمُسَاوِيَةَ لَهُ فِي الرُّتْبَةِ يَقَعُ التَّحَاصُّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ فِي الثُّلُثِ وَالْوَصِيَّةُ الْمُتَأَخِّرَةُ عَنْهُ فِي الرُّتْبَةِ الْمُدَبَّرُ نَافِذٌ قَبْلَهَا فَلَا يَتَأَتَّى دُخُولُهَا فِيهِ وَقَدْ يُقَالُ دُخُولُ الْوَصِيَّةِ الْمُقَدَّمَةِ عَلَيْهِ فِيهِ مَعْلُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْمَرَاتِبِ فَلَا يُحْتَاجُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ وَإِلَّا لَا اُحْتِيجَ لِلنَّصِّ عَلَى ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْمَرَاتِبِ.
(قَوْلُهُ لِأَجْلِهَا عِنْدَ الضِّيقِ) أَيْ وَتَدْخُلُ تِلْكَ الْوَصِيَّةُ الْمُقَدَّمَةُ عَلَيْهِ رُتْبَةً فِي قِيمَتِهِ.
(قَوْلُهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ لِأَجْلِهَا التَّدْبِيرُ) أَيْ وَيُعْتَبَرُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْمُوصِي وَيُؤْخَذُ لِلْوَصِيَّةِ ثُلُثُ الْجَمِيعِ أَيْ ثُلُثُ الْمُدَبَّرَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ وَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي الْعُمْرَى) أَيْ الشَّيْءِ الْمُعَمَّرِ رِ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِمِائَةٍ وَوُجِدَ مَالُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِائَتَيْنِ وَدَارٌ مُعَمَّرَةٌ تُرْجَعُ إلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ سِنِينَ تُسَاوِي مِائَةً فَالْوَصِيَّةُ تَدْخُلُ فِي الْعُمْرَى بِمَعْنَى أَنَّهُ يُلَاحَظُ أَنَّ قِيمَةَ تِلْكَ الدَّارِ الْمُعَمَّرَةِ مِنْ جُمْلَةِ مَالِ الْبَيْتِ الَّذِي يُؤْخَذُ ثُلُثُهُ وَيُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ وَحِينَئِذٍ فَيُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا وَلَوْ قِيلَ بِعَدَمِ دُخُولِ الْوَصِيَّةِ فِي الْعُمْرَى لَمْ يُعْطَ الْمِائَةُ بِتَمَامِهَا.
(قَوْلُهُ فِي الْحَبْسِ الرَّاجِعِ إلَخْ) كَأَنْ يَقُولَ هَذِهِ الدَّارُ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى عَمْرٍو مُدَّةَ حَيَاتِي ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِي تَرْجِعُ مِلْكًا لِوَرَثَتِي فَإِذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَتَرَكَ مِائَةً وَهَذِهِ الدَّارُ الرَّاجِعَةُ مِلْكًا بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَدْخُلُ فِي تِلْكَ الدَّارِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُلَاحَظُ أَنَّ قِيمَتَهَا مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَا) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ

(قَوْلُهُ وَفِي دُخُولِ الْوَصِيَّةِ فِي سَفِينَةٍ أَوْ عَبْدٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يُلَاحَظُ أَنَّ قِيمَتَهَا مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ الَّذِي يُؤْخَذُ ثُلُثُهُ وَيُدْفَعُ لِلْمُوصَى لَهُ نَظَرًا لِظُهُورِ كَذِبِ مَا اشْتَهَرَ.
(قَوْلُهُ وَعَدَمُ دُخُولِهَا) أَيْ وَعَدَمُ دُخُولِهَا فِيهِمَا نَظَرًا لِكَوْنِ الْمُوصِي قَاطِعَ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِمَالِكٍ رَوَاهُمَا عَنْهُ أَشْهَبُ.
(قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِلسَّفِينَةِ وَالْعَبْدِ) أَيْ بَلْ مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ الْبِضَاعَةُ وَالْقِرَاضُ يُرْسِلُهُمَا وَيَشْتَهِرُ تَلَفُهُمَا قَبْلَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ تَظْهَرُ السَّلَامَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ) عَطْفٌ عَلَى أَقَرَّ بِهِ أَيْ لَا تَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَا تَدْخُلُ فِيمَا أَوْصَى بِهِ لِوَارِثٍ لِقَصْدِ الْمُوصِي إخْرَاجَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِمَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ يُونُسَ وَاسْتَظْهَرَ ح أَنَّ فَكَّ الْأَسِيرِ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى لِتَقَدُّمِهِ عَلَى مُدَبَّرِ الصِّحَّةِ وَلَا يُقَالُ فَكُّ الْأَسِيرِ مِنْ جُمْلَةِ الْوَصَايَا وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ دُخُولِهَا فِيهِمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَوْنُهُ مِنْ الْوَصَايَا لَا يُنَافِي ذَلِكَ وَإِلَّا بَطَلَتْ ثَمَرَةُ كَوْنِهِ مُقَدَّمًا قَالَهُ طفى.
(قَوْلُهُ بَطَلَ وَرَجَعَ مِيرَاثًا) الْأَوْلَى وَإِذَا لَمْ تَدْخُلْ الْوَصِيَّةُ فِي ذَلِكَ وَبَطَلَ رَجَعَ مِيرَاثًا (قَوْلُهُ وَالرَّدُّ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ رَدَّ الْوَرَثَةِ لِلْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ بَاطِلًا) أَيْ كَمَا لَوْ أَقَرَّ فِي الصِّحَّةِ بِدَيْنٍ لِشَخْصٍ وَكَذَّبَهُ الْمَقَرُّ لَهُ.
(قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ الْإِقْرَارُ الْبَاطِلُ) أَيْ فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ لَا تَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ إقْرَارًا بَاطِلًا كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ.
(قَوْلُهُ إنْ عَقَدَهَا) أَيْ أَنَّ مَا فِي عَقْدِهَا.
(قَوْلُهُ أَوْ قَرَأَهَا) أَيْ أَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا غَيْرُ خَطِّهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَرَأَهَا عَلَى غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا) أَيْ أَوْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَقُلْ إلَخْ أَوْ كَانَتْ خَطَّهُ وَلَمْ يَقُلْ إلَخْ

الصفحة 449