كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ عَنْهَا وَلَوْ كَتَبَ فِيهَا أَنْفِذُوهَا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَنَّهَا وَصِيَّةٌ أَوْ قَالَ أَنْفِذُوهَا نَفَذَتْ وَعُمِلَ بِهَا.

(وَنُدِبَ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِيصَاءِ (تَقْدِيمُ التَّشَهُّدِ) عَلَى الْمَقْصُودِ بِالذَّاتِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقَدِّمُ الْبَسْمَلَةَ وَالْحَمْدَلَةَ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّشَهُّدِ ذِكْرُ الشَّهَادَتَيْنِ (وَلَهُمْ الشَّهَادَةُ) حَيْثُ أَشْهَدَهُمْ بِمَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِهِ أَوْ قَالَ أَنْفِذُوهُ (وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهُ وَلَا فَتَحَ) الْكِتَابَ (وَتَنْفُذُ) حِينَئِذٍ (وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ) بِمَعْنَى كِتَابِهَا (عِنْدَهُ) لَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا إلَى أَنْ مَاتَ (وَإِنْ) (شَهِدَا بِمَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ فَلِفُلَانٍ) عَلَى مُقْتَضَى مَا أَخْبَرَهُمَا (ثُمَّ مَاتَ) الْمُوصِي (فَفُتِحَتْ فَإِذَا فِيهَا وَمَا بَقِيَ) مِنْ الثُّلُثِ (فَلِلْمَسَاكِينِ) (قُسِمَ) الْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ فُلَانٍ الْمُعَيَّنِ وَبَيْنَ الْمَسَاكِينِ نِصْفَيْنِ وَلَمْ تَبْطُلْ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ مَعَ التَّنَافِي؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ بِهِ لِعَمْرٍو فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا (وَإِنْ) قَالَ (كَتَبْتهَا) وَوَضَعْتهَا (عِنْدَ فُلَانٍ فَصَدَّقُوهُ) صُدِّقَ قَوْلُهُ هَذِهِ وَصِيَّتُهُ الَّتِي كَتَبَهَا وَلَوْ كَانَ الَّذِي فِيهَا لِابْنِهِ فَلَا يَرْجِعُ الشَّرْطُ الْآتِي لِهَذِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَمَرْتُهُ بِكَتْبِهَا فَصَدِّقُوهُ وَعَلَيْهِ فَيُرْجَعُ الشَّرْطُ الْآتِي لِهَذِهِ أَيْضًا (أَوْ) قَالَ (أَوْصَيْته بِثُلُثِي) أَيْ بِتَفْرِقَتِهِ (فَصَدِّقُوهُ يُصَدَّقُ) فِيمَنْ يُنَفِّذُهَا لَهُ (إنْ لَمْ يَقُلْ) فِي الثَّانِيَةِ، وَكَذَا فِي الْأُولَى عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي كَمَا مَرَّ جَعَلَهَا (لِابْنِي) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ يُتَّهَمُ فِيهِ فَلَا يُصَدَّقُ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الشَّرْطِ لِلْأُولَى أَيْضًا حَتَّى عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَقَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ إلَخْ أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا إلَخْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ أَوْ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ تُفِيدُ نَفْيَ الْأَحَدِ الدَّائِرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَنَفْيُهُ بِنَفْيِهِمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ لَمْ تَنْفُذْ إذَا انْتَفَى الْأَمْرَانِ أَمَّا إذَا وُجِدَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَهِيَ صَحِيحَةٌ بِأَنْ يَقُولَ لِلْوَرَثَةِ أَنْفِذُوهَا أَوْ يَقُولَ اشْهَدُوا أَنَّ هَذِهِ وَصِيَّتِي وَأَمَّا كِتَابَتُهُ فِي الْوَثِيقَةِ أَنْفِذُوهَا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ فَفَرْقٌ بَيْنَ قَوْلِهِ ذَلِكَ وَكِتَابَتِهِ. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ عَنْهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ كِتَابَتِهَا أَوْ قِرَاءَتِهِ لَهَا لَا يُفِيدُ عَزْمَهُ عَلَيْهَا إذْ قَدْ يَكْتُبُهَا أَوْ يَقْرَؤُهَا غَيْرَ عَازِمٍ بَلْ لِيَتَرَوَّى.
(قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ بِهَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ أَعْنِي مَا إذَا كَانَتْ خَطَّهُ أَوْ غَيْرَ خَطِّهِ وَقَرَأَهَا عَلَى غَيْرِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ قَالَ أَنْفِذُوهَا اهـ وَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهَا ثُمَّ كَتَبَ تَحْتَهَا أَبْطَلْت وَصِيَّتِي إلَّا كَذَا لَمْ تَنْفُذْ لِكَوْنِهِ بِلَا إشْهَادٍ

(قَوْلُهُ وَنُدِبَ فِيهِ تَقْدِيمُ التَّشَهُّدِ) أَيْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إذَا كَتَبَ وَصِيَّتَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِأَنْ يَكْتُبَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ وَكَذَا إذَا أَوْصَى بِالْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ الْبَدَاءَةُ بِالشَّهَادَتَيْنِ قَوْلًا بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ أَلَا اللَّهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ ذَكَرَ الشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ إنْ كَانَ الْإِيصَاءُ بِالْقَوْلِ وَإِنْ كَانَ بِالْكِتَابَةِ فَالْمُرَادُ كِتَابَةُ الشَّهَادَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَلَهُمْ الشَّهَادَةُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُوصِيَ إذَا كَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِخَطِّهِ أَوْ أَمْلَاهَا لِمَنْ كَتَبَهَا وَقَالَ لِلشُّهُودِ اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنَّ مَا فِي هَذِهِ الْوَثِيقَةِ وَصِيَّتِي أَوْ عَلَى أَنَّى أَوْصَيْت بِمَا فِيهَا وَلَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ الْقُدُومُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْوَثِيقَةُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَهُمْ الشَّهَادَةُ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشُّهُودِ الْقُدُومُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ وَصِيَّةُ الْمُوصِي بِأَنْ يَقُولُوا نَحْنُ نَشْهَدُ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ أَيْ الْوَثِيقَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا عَلَيْهِمْ وَلَا فَتَحَ الْكِتَابَ لَهُمْ وَلَوْ بَقِيَ الْكِتَابُ عِنْدَهُ إلَى أَنْ مَاتَ بِشَرْطِ أَنْ يُشْهِدَهُمْ بِمَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِهِ أَوْ يَقُولَ لَهُمْ أَنْفِذُوهُ وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي الْوَثِيقَةِ مَحْوٌ وَلَا تَغَيُّرٌ وَأَنْ يَعْرِفُوا الْوَثِيقَةَ بِعَيْنِهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.
(قَوْلُهُ حَيْثُ أَشْهَدَهُمْ بِمَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِهِ أَوْ قَالَ اُنْفُذُوهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُمْ إذَا مِتَّ فَاشْهَدُوا بِمَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِي هَذَا أَوْ اُنْفُذُوا مَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِي هَذَا.
(قَوْلُهُ وَتَنْفُذُ حِينَئِذٍ) أَيْ وَتَنْفُذُ وَثِيقَتُهُ حِينَ إذْ شَهِدُوا بِمَا فِيهَا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَا بِمَا فِيهَا) حَاصِلُهُ أَنَّ كِتَابَ الْوَصِيَّةِ إذَا كَانَ مَطْبُوعًا عَلَيْهِ وَقَالَ الْمُوصِي لِلشُّهُودِ اشْهَدُوا بِمَا فِي كِتَابِ وَصِيَّتِي مِنْ الْوَصَايَا وَأَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ ثُلْثِي بَعْدَ الْوَصَايَا الْمَكْتُوبَةِ فِي الْوَثِيقَةِ فَلِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُمْ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ وَإِذَا شَهِدُوا بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَفُتِحَتْ وَثِيقَةُ الْوَصِيَّةِ فَوُجِدَ فِيهَا وَمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْوَصَايَا فَهُوَ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ مَثَلًا فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ بَعْدَ الْوَصَايَا يُقْسَمُ بَيْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ وَبَيْنَ الْمَسَاكِينِ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ تَنَازَعَهُ اثْنَانِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ كَتَبْتهَا) أَيْ بِخَطِّي.
(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الَّذِي فِيهَا لِابْنِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الَّذِي فِيهَا وَصِيَّةٌ لِابْنِ فُلَانٍ الْمَوْضُوعَةُ عِنْدَهُ بِكَثِيرٍ.
(قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ) أَيْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ كَتَبْتهَا عِنْدَ فُلَانٍ أَمَرْت فُلَانًا بِكَتْبِهَا وَهِيَ مَوْضُوعَةٌ عِنْدَهُ فَصَدَّقُوهُ فَيُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ هَذِهِ وَصِيَّتُهُ الَّتِي أَمَرَنِي بِكَتْبِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إيصَاءٌ لِابْنِهِ بِكَثِيرٍ، وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي مَسْأَلَةِ وَكَتَبْتهَا عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَنْفِذُوهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ عَقْدَهَا خَطُّهُ إلَخْ أَنَّ هَذِهِ وَكُلَّهَا لِغَيْرِهِ وَأَمَرَ بِتَصْدِيقِهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ أَوْصَيْته بِثُلُثِي إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لِوَرَثَتِهِ أَوْصَيْت فُلَانًا بِتَفْرِقَةِ ثُلُثِي فَصَدَّقُوهُ فِي مَحِلِّ صَرْفِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَنْ يُنَفِّذُهُ لَهُ إنْ لَمْ يَقُلْ إنَّمَا أَوْصَيْت بِإِعْطَاءِ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرِهِ لِابْنِي فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ وَأَمَّا الْقَلِيلُ وَهُوَ مَا دُونَ نِصْفِ الثُّلُثِ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ يُصَدَّقُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْأُولَى إلَخْ) لَكِنَّ الْقَوْلَ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ حَقِيقِيٌّ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى فَهُوَ مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْوَرَقَةِ مَكْتُوبًا فِيهَا وَصِيَّتُهُ لِابْنِهِ بِكَثِيرٍ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ خَطُّ الْمَيِّتِ.
(قَوْلُهُ جَعَلَهَا) أَيْ جَعَلَ

الصفحة 450