كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

عَلَيْهِمْ وَأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْأَبِ أَوْ وَصِيُّهُ دُونَ الْأَجْدَادِ وَالْأَعْمَامِ وَالْإِخْوَةِ فَقَالَ (وَإِنَّمَا يُوصِي عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ) لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ (أَبٌ) رَشِيدٌ (أَوْ وَصِيُّهُ) أَيْ الْأَبُ أَوْ وَصِيُّ وَصِيِّهِ وَلَا كَلَامَ لِمُقَدَّمِ قَاضٍ (كَأُمٍّ) لَهَا أَوْ تُوصِي عَلَى أَوْلَادِهَا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ قَلَّ) الْمَالُ الَّذِي أَوْصَيْت بِسَبَبِهِ كَسِتِّينَ دِينَارًا فَلَا وَصِيَّةَ لَهَا فِي نِكَاحٍ وَلَا فِي كَثِيرٍ (وَلَا وَلِيَّ) لِلْأَوْلَادِ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ إذْ لَا وَصِيَّةَ لَهَا عِنْدَ وُجُودِهِ (وَوَرِثَ) الْمَالَ الْقَلِيلَ أَيْ وَوَرِثَهُ الْأَوْلَاد (عَنْهَا) لَا عَنْ غَيْرِهَا فَلَا كَلَامَ لَهَا فَإِنْ فُقِدَتْ الشُّرُوطُ أَوْ بَعْضُهَا وَأَوْصَتْ فَتَصَرَّفَ وَصِيُّهَا فَتَصَرُّفُهُ غَيْرُ نَافِذٍ وَلِلصَّبِيِّ إذَا رَشَدَ أَوْ الْحَاكِمُ رَدَّهُ مَا لَمْ يُنْفِقْهُ عَلَيْهِمْ فِي الْأُمُورِ الضَّرُورِيَّةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَبَقِيَ هُنَا مَسْأَلَةٌ ضَرُورِيَّةٌ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَهِيَ أَنْ يَمُوتَ الرَّجُلُ عَنْ أَوْلَادٍ صِغَارٍ وَلَمْ يُوصِ عَلَيْهِمْ فَتَصَرَّفَ فِي أَمْوَالِهِمْ عَمُّهُمْ أَوْ أَخُوهُمْ الْكَبِيرُ أَوْ جَدُّهُمْ بِالْمَصْلَحَةِ فَهَلْ هَذَا التَّصَرُّفُ مَاضٍ أَوْ لَا، وَلِلصِّغَارِ إذَا رَشَدُوا إبْطَالُهُ ذَكَرَ أَشْيَاخُنَا أَنَّهُ مَاضٍ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّ مَنْ ذُكِرَ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ لَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الَّتِي عَظُمَ فِيهَا جَوْرُ الْحُكَّامِ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَ لَهُمْ حَالُ الصِّغَارِ لَاسْتَأْصَلُوا مَالَ الْإِيتَامِ.

ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطَ الْوَصِيِّ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَالْحَصْرُ مُنْصَبٌّ عَلَيْهَا أَيْضًا بِقَوْلِهِ (لِمُكَلَّفٍ) فَلَا يَصِحُّ إيصَاءُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ (مُسْلِمٍ) فَلَا يَصِحُّ لِكَافِرٍ (عَدْلٌ) فِيمَا وُلِّيَ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ لِخَائِنٍ أَوْ لِمَنْ يَتَصَرَّفُ بِغَيْرِ الْمَصْلَحَةِ الشَّرْعِيَّةِ (كَافٍ) أَيْ قَادِرٍ عَلَى الْقِيَامِ بِالْمُوصَى عَلَيْهِ (وَإِنْ) كَانَ الْوَصِيُّ أَعْمَى (وَامْرَأَةً) أَجْنَبِيَّةً أَوْ زَوْجَةً الْمُوصِي أَوْ مُسْتَوْلَدَتَهُ أَوْ مُدَبَّرَتَهُ (وَ) إنْ (عَبْدًا وَتَصَرَّفَ) الْعَبْدُ حِينَئِذٍ (بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) أَنْ وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعِ سَيِّدِهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ رُجُوعٌ بَعْدَ إذْنِهِ لَهُ فِي الْقَبُولِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ سَيِّدُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ وَقُبِلَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَالْأَوْلَى التَّصْرِيحُ بِهَذَا الْمُقَدَّرِ وَحَذْفُ قَوْلِهِ وَتَصَرَّفَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ وَتَقَدَّمَ أَنَّ عج اسْتَظْهَرَ الْإِمْضَاءَ. (قَوْلُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْأَبِ أَوْ وَصِيِّهِ دُونَ الْأَجْدَادِ وَالْأَعْمَامِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْإِيصَاءَ خَاصٌّ بِمَنْ ذُكِرَ دُونَ غَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُورِثِ عَنْ الْمُوصِي أَوْ عَنْ غَيْرِهِ أَمَّا إنْ تَبَرَّعَ شَخْصٌ عَلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ لِمَا تَبَرَّعَ بِهِ مَنْ شَاءَ نَاظِرًا وَلَوْ كَانَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ فَقَوْلُ الشَّارِحِ دُونَ الْأَجْدَادِ وَالْأَعْمَامِ وَالْإِخْوَةِ أَيْ فَلَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ مِنْهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُورَثُ عَنْهُمْ أَوْ عَنْ غَيْرِهِمْ كَمَا عَلِمْت اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ أَوْ سَفَهٍ) هُوَ عَدَمُ حُسْنِ تَصَرُّفِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ فِي الْمَالِ.
(قَوْلُهُ أَبٌ رَشِيدٌ) أَيْ وَأَمَّا الْأَبُ السَّفِيهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ عَلَى وَلَدِهِ وَإِنَّمَا يَنْظُرُ لَهُ الْحَاكِمُ.
(قَوْلُهُ أَوْ وَصِيُّهُ) مَحَلُّ كَوْنِ وَصِيِّ الْأَبِ لَهُ أَنْ يُوصِيَ إنْ لَمْ يَمْنَعْهُ الْأَبُ مِنْ الْإِيصَاءِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَوْصَيْتُك عَلَى أَوْلَادِي وَلَيْسَ لَك أَنْ تُوصِيَ عَلَيْهِمْ فَلَا يَجُوزُ لِوَصِيِّ الْأَبِ حِينَئِذٍ إيصَاءٌ.
(قَوْلُهُ وَلَا كَلَامٌ إلَخْ) أَيْ فِي الْإِيصَاءِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ أَحَدًا يَنْظُرُ فِي شَأْنِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ النَّظَرَ بِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ مِنْ طَرَفِ الْأَبِ فَلَوْ قَدَّمَ الْقَاضِي نَاظِرًا عَلَى يَتِيمٍ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ وَصِيٌّ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ كَانَ لَهُ رَدُّ أَفْعَالِ الْمُقَدَّمِ مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي كَمَا فِي فَتَاوَى الْبُرْزُلِيُّ.
(قَوْلُهُ إنْ قَلَّ الْمَالُ) أَيْ بِالْعُرْفِ فَالْمَنْظُورُ لَهُ الْقِلَّةُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَلسِّتِّينَ دِينَارًا كَمَا فِي بْن.
(قَوْلُهُ وَوَرِثَ عَنْهَا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَهَبَتْ مَالًا لِأَوْلَادِهَا الصِّغَارِ أَوْ تَصَدَّقَتْ بِهِ عَلَيْهِمْ فَلَهَا أَنْ تَجْعَلَ نَاظِرًا عَلَى ذَلِكَ مَنْ شَاءَتْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ لَوْ كَانَ لِلْأَوْلَادِ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ

(قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطَ الْوَصِيِّ) أَيْ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ وَهَذِهِ الشُّرُوطُ كَمَا تُعْتَبَرُ فِي الْوَصِيِّ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ تُعْتَبَرُ فِي الْوَصِيِّ عَلَى اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ إقْضَائِهِ وَاشْتُرِطَ فِيهِ الْعَدَالَةُ خَوْفَ أَنْ يَدَّعِيَ غَيْرُ الْعَدْلِ الضَّيَاعَ وَأَمَّا الْوَصِيُّ عَلَى تَفْرِيقِ الثُّلُثِ أَوْ عَلَى الْعِتْقِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ بَلْ يَجُوزُ إسْنَادُ الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ لِغَيْرِ الْعَدْلِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ نَعَمْ لَا بُدَّ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا قَادِرًا عَلَى الْقِيَامِ بِمَا أَوْصَى عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) أَيْ التَّكْلِيفُ وَالْإِسْلَامُ وَالْعَدَالَةُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْقِيَامِ بِأُمُورِ الْمُوصَى عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ لِمُكَلَّفٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُوصِي لِتَضَمُّنِ يُوصِي مَعْنًى يُسْنِدُ الْوَصِيَّةَ وَإِلَّا فَيُوصِي مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ لِخَائِنٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْعَدَالَةِ الْأَمَانَةُ وَالرِّضَا فِيمَا يَشْرَعُ فِيهِ وَيَفْعَلُهُ بِأَنْ يَكُونَ حَافِظًا لِمَالِ الصَّبِيِّ وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْمَصْلَحَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِسْلَامَ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْعَدَالَةِ عَنْ الْإِسْلَامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاسْتِغْنَاءَ إنْ أُرِيدَ بِالْعَدَالَةِ عَدَالَةَ الشَّهَادَةِ أَوْ عَدَالَةَ الرِّوَايَةِ وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا غَيْرُهُمَا كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ قَادِرٌ عَلَى الْقِيَامِ بِالْمُوصَى عَلَيْهِ) احْتِرَازًا مِنْ الْعَاجِزِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ أَعْمَى) مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ لِمُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَبْدًا) شَمَلَ الْقِنَّ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَعَبْدَ الْمُوصِي وَعَبْدَ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَتَصَرَّفَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فِيمَا إذَا كَانَ عَبْدَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَتَصَرَّفَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ إنْ وَقَعَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا بُدَّ فِي تَصَرُّفِهِ مِنْ إذْنِهِ وَإِنْ وَقَعَتْ بِإِذْنِهِ فَلَا يَحْتَاجُ الْعَبْدُ فِي تَصَرُّفِهِ لِإِذْنِهِ فَإِذَا جَعَلَ قَوْلَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مُتَعَلِّقًا بِتَصَرُّفٍ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا أُوقِعَتْ الْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ.
(قَوْلُهُ أَيْ وَقَبِلَ إلَخْ) أَيْ وَجَازَ لِلْعَبْدِ أَنْ يَقْبَلَ الْوَصِيَّةَ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي قَبُولِهَا. (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى التَّصْرِيحُ)

الصفحة 452