كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

أَيْ كَجَوَازِ كِرَاءِ أَرْضِ النِّيلِ الْمَأْمُونَةِ (وَالْمَعِينَةَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي تُسْقَى بِالْعُيُونِ وَالْآبَارِ (فَيَجُوزُ) كِرَاؤُهَا بِالنَّقْدِ، وَلَوْ لِأَرْبَعَيْنِ عَامًا كَمَا مَرَّ (وَيَجِبُ) النَّقْدُ (فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ) بِالْفِعْلِ أَيْ يُقْضَى لِرَبِّهَا بِالْكِرَاءِ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَمَكِّنًا مِمَّا اكْتَرَاهُ، وَأَمَّا أَرْضُ السَّقْيِ وَالْمَطَرِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُكْتَرِي نَقْدُ الْكِرَاءِ حَتَّى يَتِمَّ زَرْعُهَا وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمَاءِ، وَحَقُّهُ أَنْ يَقُولَ فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمَأْمُونَةِ مِنْ أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ لَا يَجِبُ فِيهَا النَّقْدُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(وَ) جَازَ كِرَاءُ (قَدْرِ) أَذْرُعٍ أَوْ فَدَادِينَ (مِنْ أَرْضِك) الْمُعَيَّنَةِ (إنْ عَيَّنَ) الْقَدْرَ أَيْ جِهَتَهُ الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْهَا أَوْ (تَسَاوَتْ) الْأَرْضُ فِي الْجُودَةِ أَوْ فِي ضِدِّهَا، وَفِي الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَاخْتَلَفَتْ مُنِعَ وَاحْتَرَزَ بِالْقَدْرِ مِنْ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ كَرُبُعٍ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ مُفْرَدًا.

(وَ) جَازَ كِرَاءُ أَرْضٍ (عَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا) الْمُكْتَرِي (ثَلَاثًا) مَثَلًا وَيَزْرَعَهَا فِي الْحَرْثَةِ الرَّابِعَةِ وَالْكَلَامُ فِي الْمَأْمُونَةِ إذْ غَيْرُهَا يَفْسُدُ فِيهَا الْكِرَاءُ بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ (أَوْ) عَلَى أَنْ (يُزَبِّلَهَا) بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ (إنْ عُرِفَ) مَا يُزَبِّلُهَا بِهِ نَوْعًا وَقَدْرًا كَعَشَرَةِ أَحْمَالٍ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مُنِعَ، وَفَسَدَ الْكِرَاءُ، وَالْأُجْرَةُ فِي ذَلِكَ إمَّا الْحَرْثُ أَوْ التَّزْبِيلُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ دَرَاهِمَ مَثَلًا؛ لِأَنَّ لِمَا ذُكِرَ مَنْفَعَةً تَبْقَى فِي الْأَرْضِ.

(وَ) جَازَ كِرَاءُ (أَرْضٍ) مُكْتَرَاةٍ (سِنِينَ) مَاضِيَةٍ (لِذِي شَجَرٍ بِهَا) غَرَسَهُ فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ هَذَا الْمُكْتَرِي أَيْ أَنْ يُكْرِيَهَا الْآنَ (سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً) تَلِي مُدَّةَ الْأُولَى إذَا كَانَ الشَّجَرُ لَك يَا مُكْتَرِي بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الشَّجَرُ (لِغَيْرِك) بِأَنْ تَكُونَ اكْتَرَيْتَ الْأَرْضُ سِنِينَ فَ أَكَرَيْتَهَا لِغَيْرِك فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَفِيهَا شَجَرُهُ أَرَدْت أَنْ تَكْتَرِيَهَا مِنْ رَبِّهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً فَيَجُوزُ، وَلَك أَنْ تَأْمُرَ الْغَارِسَ بِقَلْعِ شَجَرِهِ أَوْ تَدْفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَيْ كَجَوَازِ كِرَاءِ أَرْضِ النِّيلِ الْمَأْمُونَةِ) أَيْ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْمُونَةِ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا، وَلَوْ لِأَرْبَعِينَ بِشَرْطِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: إذَا رُوِيَتْ بِالْفِعْلِ) أَيْ وَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَذَلِكَ بِانْكِشَافِهَا بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا إلَّا بِأَمْرَيْنِ الرَّيِّ بِالْفِعْلِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِالِانْكِشَافِ لَا بِأَحَدِهِمَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ اُنْظُرْ بْن ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ فِيمَا أُكْرِيَتْ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ نَقْدٌ، وَلَا عَدَمُهُ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ اُشْتُرِطَ عَدَمُهُ حِينَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا كَانَ مَأْمُونًا مِنْ أَرْضِ النِّيلِ وَالْمَطَرِ، وَأَرْضِ الْآبَارِ وَالْعُيُونِ يَجُوزُ فِيهَا اشْتِرَاطُ النَّقْدِ، وَلَوْ أُكْرِيَتْ لِأَعْوَامٍ كَثِيرَةٍ وَمَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ فِيهِ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ، وَإِذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَنْفَعَةِ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ وَسَكَتَ عَنْ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ وَعَدَمِهِ أَوْ اشْتَرَطَ عَدَمَهُ حِينَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهِ فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ وَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا بِكَشْفِ الْمَاءِ عَنْهَا، وَأَمَّا أَرْضُ الْمَطَرِ وَالْعُيُونِ وَالْآبَارِ فَلَا يَقْضِي بِالنَّقْدِ فِيهَا إلَّا إذَا تَمَّ زَرْعُهَا وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ كِرَاءُ قَدْرِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَقَدْرِ عَطْفٌ عَلَى حَمَّامٍ (قَوْلُهُ: مِنْ أَرْضِك) أَيْ كَ أُكْرِيكَ فَدَّانَيْنِ مِنْ أَرْضِي الَّتِي بِحَوْضِ كَذَا أَوْ مِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضِي الْفُلَانِيَّةِ فَيَجُوزُ إذَا عَيَّنَ الْجِهَةَ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا ذَلِكَ الْقَدْرُ، كَأَنْ يَقُولَ مِنْ الْجِهَةِ الْبَحْرِيَّةِ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْجِهَةَ لَكِنْ تَسَاوَتْ الْأَرْضُ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ بِالنِّسْبَةِ لِأَرْضِ الزِّرَاعَةِ أَوْ فِي الْأَمْنِ وَالْخَوْفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْضِ الَّتِي يَبْنِي فِيهَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ) أَيْ الْجِهَةُ وَقَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَتْ أَيْ الْأَرْضُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ كَمَا لَوْ قَالَ أُكْرِيكَ فَدَّانَيْنِ مِنْ أَرْضِي الْفُلَانِيَّةِ بِكَذَا وَالْحَالُ أَنَّ أَرْضَهُ الْفُلَانِيَّةَ بَعْضُهَا جَيِّدٌ وَبَعْضُهَا رَدِيءٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ) أَيْ تَعْيِينُ الْجِهَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْجُزْءُ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ رُبُعُهَا شَائِعًا كَانَتْ كُلُّهَا جَيِّدَةً أَوْ رَدِيئَةً أَوْ بَعْضُهَا جَيِّدٌ وَالْبَعْضُ رَدِيءٌ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ عَطَفَ عَلَى حَمَّامٍ مَحْذُوفًا وَهُوَ أَرْضٌ (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِي الْمَأْمُونَةِ) أَيْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَمَا بَعْدَهَا فِي الْمَأْمُونَةِ فَمَحَلُّ جَوَازِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِشَرْطِ حَرْثِهَا ثَلَاثًا أَوْ شَرْطِ تَزْبِيلِهَا إنْ كَانَتْ مَأْمُونَةَ الرَّيِّ، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَنَقْدٍ بِشَرْطٍ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْحَرْثِ وَالتَّزْبِيلِ مَنْفَعَةٌ تَبْقَى بِالْأَرْضِ (قَوْلُهُ: بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ) صَوَابُهُ بِتَخْفِيفِهَا كَمَا قَالَ بْن؛ لِأَنَّ الَّذِي فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ أَنَّ زَبَلَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ يَضْرِبُ، وَأَنَّهُ يُقَالُ زَبَلَ الْأَرْضَ يَزْبِلُهَا زِبْلًا إذَا أَصْلَحَهَا بِالزِّبْلِ (قَوْلُهُ: نَوْعًا) أَيْ إذَا عَرَفَ نَوْعَ مَا يَزْبِلُهَا بِهِ مِنْ كَوْنِهِ زِبْلَ حَمَامٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ رَمَادٍ أَوْ سِبَاخٍ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ نَوْعِ الزِّبْلِ؛ لِأَنَّ مَا يَزْبِلُ بِهِ الْأَرْضَ أَنْوَاعٌ كَمَا عَلِمْت وَاشْتِرَاطُ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَخْتَلِفُ فَبَعْضُهَا ضَعِيفُ الْحَرَارَةِ فَيُقَوِّيهَا كَثْرَةُ الزِّبْلِ وَبَعْضُهَا قَوِيُّ الْحَرَارَةِ فَيُحْرِقُ زَرْعَهَا كَثْرَةُ الزِّبْلِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ مُنِعَ، وَفَسَدَ الْكِرَاءُ) قَالَ عبق، وَإِذَا فَسَدَ وَزَرَعَ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ زَرْعُهُ فَلَهُ مَا زَادَهُ عَمَلُهُ فِي كِرَائِهَا فِي الْعَامِ الثَّانِي، وَإِنْ تَمَّ زَرْعُهُ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ بِشَرْطِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأُجْرَةُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا إذَا شَرَطَ حَرْثَهَا ثَلَاثًا أَوْ شَرَطَ تَزْبِيلَهَا.

(قَوْلُهُ: مُكْتَرَاةٍ سِنِينَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ السِّنِينَ الْأُولَى مَعْمُولَةٌ لِنَعْتِ أَرْضٍ، وَهُوَ مُكْتَرَاةٌ وَقَوْلُهُ: مُسْتَقْبَلَةً صِفَةٌ لِسِنِينَ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَعْمُولَةٌ لِكِرَاءٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ أَنْ يُكْرِيَهَا الْآنَ سِنِينَ إلَخْ، وَلَوْ قَالَ

الصفحة 46