كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

لَكَانَ لَهَا الثُّلُثُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
وَأَشَارَ لِثَانِيَةِ الْغَرَّاوَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَ) لَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي أَيْضًا فِي زَوْجٍ مَاتَ عَنْ (زَوْجَةٍ، وَأَبَوَيْنِ) فَهِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلْأَبِ الْبَاقِي هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى أَنَّ لَهَا ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ نَظَرًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] . وَنَظَرَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ أَخْذَهَا الثُّلُثَ فِيهِمَا يُؤَدِّي إلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى يُدْلِيَانِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَخَصُّوا عُمُومَ الْآيَةِ بِالْقَوَاعِدِ وَجَعَلُوا لَهَا ثُلُثَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْقَوَاطِعِ.

(وَالسُّدُسُ) فَرْضُ سَبْعَةٍ فَالسُّدُسُ مُبْتَدَأٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْرُورًا بِالْعَطْفِ عَلَى النِّصْفِ، وَتُقَدَّمُ مِنْ السَّبْعَةِ بِنْتُ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ وَالْأُمُّ عِنْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ أَوْ جَمْعٌ مِنْ الْإِخْوَةِ وَذَكَرَ الْبَاقِيَ بِقَوْلِهِ (لِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ مُطْلَقًا) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (وَسَقَطَ) بِسِتَّةٍ (بِابْنِ وَابْنِهِ) ، وَإِنْ سَفَلَ (وَبِنْتٍ) لِابْنٍ (وَإِنْ سَفَلَتْ) وَبِنْتٍ لِصُلْبٍ بِالْأَوْلَى (وَأَبٍ وَجَدٍّ، وَ) السُّدُسُ (الْأَبُ وَالْأُمُّ) أَيْ فَرْضُهُمَا (مَعَ وَلَدٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ سَفَلَ كَوَلَدِ ابْنٍ لَكِنْ إنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ ابْنَ الِابْنِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلذَّكَرِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسُ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ تَعْصِيبًا وَذِكْرُ الْأُمِّ هُنَا تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ (وَالْجَدَّةُ فَأَكْثَرُ) فَرْضُهَا السُّدُسُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرِثُ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ جَدَّتَيْنِ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّهَا، وَإِنْ عَلَتْ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّهَا وَهَكَذَا فَمَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ غَيْرِ الْأَبِ لَمْ تَرِثْ (وَأَسْقَطْتَهَا الْأُمُّ مُطْلَقًا) وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ (وَ) أَسْقَطَ (الْأَبُ الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِهِ) فَقَطْ (وَ) أَسْقَطَتْ الْجَدَّةُ (الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) الْجَدَّةَ (الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَالْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ (اشْتَرَكَتَا) فِي السُّدُسِ كَمَا لَوْ تَسَاوَتَا فِي الرُّتْبَةِ كَأُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَبِ (وَ) السُّدُسُ (أَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ) لِلْأَبِ (غَيْرِ الْمُدْلِي بِأُنْثَى) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَعَنْ جَدٍّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَدْلَى بِأُنْثَى فَلَا يَرِثُ ثُمَّ إنَّ الْجَدَّ الْوَارِثَ لَهُ فَرْضَانِ السُّدُسُ مَعَ ابْنٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ أَوْ مَعَ ذِي فَرْضٍ مُسْتَغْرِقٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ أَوْ مَعَ الْإِخْوَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَيَرِثُهُ بِالْفَرْضِ الْمَحْضِ، وَالثُّلُثُ إذَا كَانَ مَعَ إخْوَةٍ وَكَانَ الثُّلُثُ أَفْضَلَ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ فَأَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ أَوْ أَرَادَ بِالْفُرُوضِ الْأَحْوَالَ وَلَوْ قَالَ وَالْجَدُّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ كَانَ أَبْيَنَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَدَّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إخْوَةٌ أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْوَاقِعِ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: لَكَانَ لَهَا الثُّلُثُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَرِثُ مَعَ الْجَدِّ بِالْفَرْضِ وَمَعَ الْأَبِ بِالْقِسْمَةِ أَيْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةٌ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: ثُلُثُ الْبَاقِي) أَيْ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رُبْعٌ (قَوْلُهُ: إلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا أَخَذَتْ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ الثُّلُثَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَأَخَذَتْ اثْنَيْنِ، وَأَخَذَ الْأَبُ وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ حِينَئِذٍ مِنْ سِتَّةٍ فَتَكُونُ قَدْ أَخَذَتْ مِثْلَيْ الْأَبِ، وَلَوْ أَخَذَتْهُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ لَأَخَذَتْ أَرْبَعَةً، وَأَخَذَ الْأَبُ خَمْسَةً؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ حِينَئِذٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى يُدْلِيَانِ لِلْمَيِّتِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ

(قَوْلُهُ: فَالسُّدُسُ مُبْتَدَأٌ) أَيْ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: الْوَاحِدُ إلَخْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فَرْضُ الْوَاحِدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْعَطْفِ عَلَى النِّصْفِ) أَيْ وَقَوْلُهُ الْوَاحِدُ بِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ، وَهُوَ الْوَاحِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفَلَتْ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا (قَوْلُهُ: أَوْ ابْنُ الِابْنِ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ لِلْمَيِّتِ أَوْ كَانَ الْوَلَدُ ابْنَ الِابْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أُنْثَى) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ لِلْمَيِّتِ أَوْ لِابْنِهِ أُنْثَى.
(قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْأَبَوَيْنِ السُّدُسُ فَرْضًا (قَوْلُهُ: وَلِلْبِنْتِ) أَيْ بِنْتِ الْمَيِّتِ أَوْ بِنْتِ ابْنِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَحَجَبَهَا لِلسُّدُسِ وَلَدٌ، وَإِنْ سَفَلَ (قَوْلُهُ: مِنْ جَدَّتَيْنِ إلَخْ) أَيْ فَهُمَا الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَتْ) أَيْ إنْ أَدْلَتْ بِإِنَاثٍ خُلَّصٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّهَا، وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: فَمَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) أَيْ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَيْ أَوْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ غَيْرِ الْأَبِ كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ وَأُمَّهَاتِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَدَّاتِ أَرْبَعٌ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّهَا، وَإِنْ عَلَتْ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ أُمِّهِ، وَإِنْ عَلَتْ، وَهَذَانِ يَرِثَانِ إجْمَاعًا وَأُمُّ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ وَأُمَّهَاتِهَا، وَهَذِهِ لَا تَرِثُ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ ذَكَرَيْنِ وَتَرِثُ عِنْدَ زَيْدٍ، وَأُمُّ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا، وَهَذِهِ لَا تَرِثُ إجْمَاعًا لِإِدْلَائِهَا بِغَيْرِ وَارِثٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) الْإِطْلَاقُ رَاجِعٌ لِلْإِسْقَاطِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى الْأُمِّ.
(قَوْلُهُ: عَنْ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) أَيْ كَأَبِي الْأُمِّ، وَأَبِي أَبِيهَا (قَوْلُهُ: وَعَنْ جَدٍّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ) أَيْ كَأَبِي أُمِّ الْأَبِ (قَوْلُهُ: كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ إلَخْ) ، وَكَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ وَجَدَّةٍ وَجَدٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الْإِخْوَةِ إلَخْ) .
اعْلَمْ أَنَّ إرْثَ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ مَذْهَبُ زَيْدٍ وَعَلِيٍّ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَمَذْهَبُ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِلْإِخْوَةِ مَعَ الْجَدِّ فَأَقَامُوهُ مُقَامَ الْأَبِ وَحَجَبُوا بِهِ الْإِخْوَةَ (قَوْلُهُ: فَأَطْلَقَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ الْجَمْعَ فِي قَوْلِهِ أَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ بِالْفُرُوضِ الْأَحْوَالَ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَأَحْوَالُ الْجَدِّ خَمْسَةٌ. أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَعَ الِابْنِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَهُ وَمَعَ غَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتَيْنِ وَحْدَهُمَا أَوْ مَعَهُمَا وَمَعَ غَيْرِهِمَا مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ

الصفحة 462