كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

(ثُمَّ) يَلِيهِ (بَيْتُ الْمَالِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَظِمًا وَحَسَبَهُ رَبُّهُ فَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ إنْ انْفَرَدَ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ (وَلَا يُرَدُّ) عَلَى ذَوِي السِّهَامِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَاصِبِ بَلْ يُدْفَعُ الْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ عَلِيٌّ يُرَدُّ عَلَى كُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ مَا وَرِثَ سِوَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا إجْمَاعًا (وَلَا يُدْفَعُ) مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي السِّهَامِ إذَا لَمْ يُوجَدْ عَاصِبٌ مِنْ النَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ (لِذَوِي الْأَرْحَامِ) بَلْ مَا فَضَلَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ ذُو فَرْضٍ وَلَا عَاصِبٌ وَقَيَّدَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا، وَإِلَّا فَيُرَدُّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ وَيُدْفَعُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ، وَهَذَا الْقَيْدُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِذَوِي الْأَرْحَامِ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ الْأَقَارِبِ كَالْعَمَّةِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَكُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِأُنْثَى وَالْخَالَاتُ، وَأَوْلَادُ الْجَمِيعِ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يُطْلَبُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ.

وَلَمَّا ذَكَرَ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ فَقَطْ وَبِالتَّعْصِيبِ فَقَطْ ذَكَرَ مَنْ يَرِثُ بِهِمَا فَقَالَ (وَيَرِثُ بِفَرْضٍ وَعُصُوبَةٍ) مَعًا أَشْخَاصٌ صَرَّحَ مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ. الْأَوَّلُ (الْأَبُ) مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ أَوْ بِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا فَيُفْرَضُ لَهُ السُّدُسُ مَعَ مَنْ ذُكِرَ وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ تَعْصِيبًا، وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (ثُمَّ الْجَدُّ مَعَ بِنْتٍ) أَوْ بِنْتِ ابْنٍ (وَإِنْ سَفَلَتْ) أَيْ أَوْ ابْنَتَيْنِ أَوْ بَنِي ابْنٍ كَذَلِكَ فَهُوَ كَالْأَبِ، وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (كَابْنِ عَمٍّ أَخٍ لِأُمٍّ) فَيَرِثُ بَعْدَ السُّدُسِ بِبُنُوَّةِ الْأُمِّ مَا بَقِيَ بِالتَّعْصِيبِ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ ابْنَ عَمٍّ هُوَ زَوْجٌ وَمُعْتَقًا هُوَ زَوْجٌ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَأْخُذُ فَرْضَهُ وَالْبَاقِيَ تَعْصِيبًا ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ فَرْضَانِ وَبَيَانُ مَا يَرِثُ بِهِ مِنْهُمَا فَقَالَ (وَوَرِثَ ذُو فَرْضَيْنِ بِالْأَقْوَى) مِنْهُمَا (، وَإِنْ اتَّفَقَ فِي الْمُسْلِمِينَ) إذْ هُوَ يَقَعُ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى وَجْهِ الْغَلَطِ وَيَقَعُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ كَثِيرًا عَمْدًا (كَأُمٍّ) هِيَ أُخْتٌ (أَوْ بِنْتٍ) هِيَ (أُخْتٌ) وَالْقُوَّةُ تَقَعُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا لَا تُحْجَبُ بِخِلَافِ الْأُخْرَى وَذَلِكَ كَمِثَالِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الْأُمَّ لَا تُحْجَبْ وَالْأُخْتَ قَدْ تُحْجَبُ وَكَذَا الْبِنْتُ لَا تُحْجَبُ وَالْأُخْتُ قَدْ تُحْجَبُ مِثَالُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُعْتِقِ عَنْ عَصَبَةِ الْقَرَابَةِ، وَأَنَّهُ إنْ عُدِمَ الْمُعْتِقُ فَعَصَبَتُهُ فَإِنْ عُدِمَتْ عَصَبَتُهُ فَمُعْتِقُهُ فَإِنْ عُدِمَ مُعْتِقُهُ فَعَصَبَةُ مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ إلَى حَيْثُ تَنْتَهِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَلِيهِ بَيْتُ الْمَالِ) أَيْ ثُمَّ يَلِيهِ فِي الْإِرْثِ بِالْعُصُوبَةِ بَيْتُ الْمَالِ الَّذِي لِوَطَنِهِ مَاتَ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْبِلَادِ كَانَ مَالُهُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا فِي ح وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَطَنٌ هَلْ الْمُعْتَبَرُ مَحَلُّ الْمَالِ أَوْ الْمَيِّتِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ عَاصِبٌ فَهُوَ كَوَارِثٍ ثَابِتِ النَّسَبِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَانَ مُنْتَظِمًا أَوْ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ، وَقِيلَ إنَّهُ حَائِزٌ لِلْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ لَا وَارِثٌ، وَهُوَ شَاذٌّ وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِ مَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مِنْ النَّسَبِ لَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ بِوَارِثٍ، وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتٌ لَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُدْفَعُ الْبَاقِي) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ لِبَيْتِ الْمَالِ أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ عَلِيٌّ يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ وَتُجْعَلُ مَسْأَلَةُ الرَّدِّ مِنْ عَدَدِ مَا فِيهَا مِنْ السِّهَامِ فَإِذَا مَاتَ عَنْ أُمٍّ وَبِنْتٍ كَانَتْ مَسْأَلَةُ الرَّدِّ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلْأُمِّ الرُّبْعُ، وَلِلْبِنْتِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَمَسَائِلُ الرَّدِّ لِلَّتِي لَا زَوْجَ فِيهَا كُلُّهَا مُقْتَطَعَةٌ مِنْ سِتَّةٍ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ عِلْمِ الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ الرَّدِّ وَعَدَمَ الدَّفْعِ لِذَوِي الْأَرْحَامِ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا) أَيْ يَصْرِفُ بَيْتَ الْمَالِ فِي مَصَارِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُدْفَعُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذُو سِهَامٍ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ فَالرَّدُّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ مُقَدَّمٌ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا الْقَيْدُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَعَنْ الطُّرْطُوشِيِّ وَعَنْ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ وَابْنِ عَسَاكِرَ فِي الْعُمْدَةِ وَالْإِرْشَادِ وَقَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانَ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَنْ عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ حُكِيَ اتِّفَاقُ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالرَّدِّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ لِعَدَمِ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ إنَّ بَيْتَ الْمَالِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ يُتَصَدَّقُ بِالْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا عَنْ الْمَيِّتِ، وَهُوَ كَمَا فِي بْن لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ صَرْفُهُ فِي مَصَارِيفِ بَيْتِ الْمَالِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِنْ كَانَ ذَوُو رَحِمِ الْمَيِّتِ مِنْ جُمْلَةِ مَصَارِيفِ بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ أَوْلَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَذَاهِبَ أَصَحُّهَا مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَحَاصِلُهُ أَنْ نُنْزِلَهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ لِلْمَيِّتِ دَرَجَةً دَرَجَةً فَيُقَدَّمُ السَّابِقُ لِلْمَيِّتِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ لِمَنْ أَدْلَوْا بِهِ كَمَا سَبَقَ ثُمَّ لِكُلٍّ نَصِيبُ مَنْ أَدْلَى بِهِ كَأَنْ مَاتَ عَنْهُ إلَّا أَوْلَادَ وَلَدِ الْأُمِّ يَسْتَوُونَ، وَإِلَّا أَخْوَالَ إخْوَةِ الْأُمِّ مِنْ أُمِّهَا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ

(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْجَدُّ) ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ، وَإِلَّا فَلَا مَحَلَّ لَثُمَّ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَرْتِيبَ فِيهَا (قَوْلُهُ: كَابْنِ عَمٍّ إلَخْ) أَشْعَرَ إفْرَادُهُ ابْنَ الْعَمِّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَالسُّدُسُ لِلْأَخِ لِلْأُمِّ ثُمَّ يُقْسَمُ مَا بَقِيَ نِصْفَيْنِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْخُذُ الْأَخُ لِلْأُمِّ جَمِيعَ الْمَالِ كَالشَّقِيقِ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: أَخٍ لِأُمٍّ) بِجَرِّ أَخٍ بَدَلًا مِنْ ابْنِ عَمٍّ وَيَصِحُّ رَفْعُهُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي) أَيْ وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ تَعْصِيبًا حَيْثُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي التَّعْصِيبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّفَقَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي الْمَجُوسِ بَلْ، وَإِنْ اتَّفَقَ فِي الْمُسْلِمِينَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اجْتَمَعَ

الصفحة 468