كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

أَوْ يُرْضِيَك (لَا زَرْعٍ) لِلْغَيْرِ أَيْ لَا إنْ كَانَ الَّذِي فِي الْأَرْضِ زَرْعًا لِغَيْرِك فَلَا يَجُوزُ لَك أَنْ تَكْتَرِيَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُدَّةً مِنْهَا الْمُدَّةُ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الزَّرْعُ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ بِخِلَافِ الشَّجَرِ، وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ الْمَنْعَ بِمَا إذَا كَانَ الزَّارِعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتِمُّ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَإِلَّا جَازَ وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ كَالشَّجَرِ ضَعِيفٌ.

(وَ) جَازَ (شَرْطُ كَنْسِ مِرْحَاضٍ) عَلَى غَيْرِ مَنْ قَضَى الْعُرْفُ بِلُزُومِهِ لَهُ مِنْ مُكْرٍ أَوْ مُكْتَرٍ وَعُرْفُ مِصْرَ أَنَّ الدَّارَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى الْوَقْفِ وَالْمَمْلُوكَةَ عَلَى الْمُكْرِي (وَ) شَرْطُ (مَرَمَّةٍ) عَلَى الْمُكْتَرِي أَيْ إصْلَاحُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الدَّارُ أَوْ الْحَمَّامُ مَثَلًا مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ (وَ) شَرْطُ (تَطْيِينٍ) لِدَارٍ أَيْ جَعْلُ الطِّينِ عَلَى سَطْحِهَا إنْ احْتَاجَتْ عَلَى الْمُكْتَرِي بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ) عَلَى الْمُكْتَرِي إمَّا فِي مُقَابَلَةِ سُكْنَى مَضَتْ أَوْ بِاشْتِرَاطِ تَعْجِيلِ الْكِرَاءِ أَوْ يَجْرِي الْعُرْفُ بِتَعْجِيلِهِ (لَا إنْ لَمْ يَجِبْ) فَلَا يَجُوزُ (أَوْ) وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى أَنَّ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الدَّارُ مِنْ الْمَرَمَّةِ وَالتَّطْيِينِ (مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي) فَلَا يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ (أَوْ حَمِيمِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى إنْ لَمْ يَجِبْ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ (أَهْلِ ذِي الْحَمَّامِ أَوْ نُورَتِهِمْ) بِضَمِّ النُّونِ لَمْ يَجُزْ (مُطْلَقًا) عَلِمَ الْمُكْتَرِي عَدَدَهُمْ أَمْ لَا لِلْجَهَالَةِ، وَلِذَا لَوْ عَلِمَ الْقَدْرَ وَعَلِمَ دُخُولَهُمْ فِي الشَّهْرِ مَثَلًا الْمَرَّةَ أَوْ الْمَرَّتَيْنِ جَازَ، كَمَا لَوْ اشْتَرَطَ شَيْئًا مَعْلُومًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُصَنِّفُ، وَأَرْضٍ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً لِذِي شَجَرٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ، وَفِي قَوْلِهِ، وَإِنْ لِغَيْرِك الْتِفَاتٌ مِنْ الْغَيْبَةِ لِلْحُضُورِ، وَمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ غَيْرُ مُنْدَرِجٍ فِيمَا قَبْلَهَا كَمَا كَتَبَ شَيْخُنَا فَفِيهِ رَكَاكَةٌ وَبَالَغَ عَلَى الْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّجَرُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِانْتِفَاعِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِئْجَارُ (قَوْلُهُ: أَوْ يُرْضِيَكَ) أَيْ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ الْمُدَّةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لِأَجْلِ بَقَاءِ غَرْسِهِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا الْمُدَّةُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ اكْتِرَاءِ غَيْرِ رَبِّ الزَّرْعِ لِلْأَرْضِ إذَا كَانَ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْغَرَضِ مِنْ الزَّرْعِ لِتَلَفِ الزَّرْعِ إذَا قُلِعَ بِخِلَافِ الشَّجَرِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهَا بَعْدَ تَمَامِ الزَّرْعِ جَازَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَطِبْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ) أَيْ، وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ إلَى تَمَامِ الْغَرَضِ مِنْ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الشَّجَرِ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ إجَارَتِهِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَتِمُّ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ) أَيْ فَقَدَّرَ اللَّهُ أَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ أَمْرُ الزَّرْعِ فِيهَا فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عَلَى تَلَفِ زَرْعِهِ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَقْبِضُ الْأَرْضَ قَبْلَ تَمَامِ الزَّرْعِ فَالْمَنْعُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ الزَّارِعُ أَنَّ الزَّرْعَ يَتِمُّ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَمْ لَا، وَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَقْبِضُ الْأَرْضَ بَعْدَ تَمَامِ الزَّرْعِ فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: وَشَرْطُ كَنْسِ مِرْحَاضٍ) أَيْ وَجَازَ لِمَنْ قَضَى الْعُرْفُ بِأَنَّ كَنْسَ الْمِرْحَاضِ عَلَيْهِ مِنْ مُكْرٍ أَوْ مُكْتَرٍ اشْتِرَاطُ كَنْسِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَنْسَ الْمِرْحَاضِ بِالشَّرْطِ أَوْ الْعُرْفِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَإِنَّ انْتَفَيَا فَعَلَى الْمُكْرِي، وَهَلْ وَإِنْ حَدَثَ بَعْدَ الْكِرَاءِ أَوْ الْحَادِثِ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي ذَلِكَ خِلَافٌ (قَوْلُهُ: وَمَرَمَّةٍ وَتَطْيِينٍ) اعْلَمْ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مَجْهُولَيْنِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُمَا عَلَى الْمُكْتَرِي إلَّا مِنْ الْكِرَاءِ لَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ كَأَنْ يَقُولَ كُلَّمَا احْتَاجَتْ لِمَرَمَّةٍ أَوْ تَطْيِينٍ فَرَمُّهَا أَوْ طِينُهَا مِنْ الْكِرَاءِ. وَأَمَّا إنْ كَانَا مَعْلُومَيْنِ كَأَنْ يُعَيِّنَ لِلْمُكْتَرِي مَا يَرُمُّهُ أَوْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ التَّطْيِينَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فِي السَّنَةِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي أَوْ مِنْ الْكِرَاءِ بَعْدَ وُجُوبِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ فِي الْمَعْنَى إذَا كَانَ مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَرَمَّةِ وَالتَّطْيِينِ الْمَجْهُولَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا الْمُشْتَرَطُ فِيهِمَا كَوْنُهُمَا مِنْ الْكِرَاءِ، لَكِنْ اُعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ تَقْيِيدُهُ لِلْكِرَاءِ بِكَوْنِهِ وَاجِبًا فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَجَعَلَهُ الْقَابِسِيُّ مَحَلَّ نَظَرٍ، وَجَزَمَ اللَّخْمِيُّ بِخِلَافِهِ، فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي اعْتِمَادِهِ قَالَهُ طفى (قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجَتْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ جَوَازُ اشْتِرَاطِ التَّطْيِينِ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ إذَا لَمْ يُسَمِّ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا احْتَاجَتْ، وَأَمَّا إذَا سَمَّى مَرَّاتٍ فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ كِرَاءٍ وَجَبَ أَوْ مِنْ كِرَاءٍ لَمْ يَجِبْ أَوْ مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي وَذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ اشْتِرَاطُهُ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَكِرَاءٌ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ هَذَا لَمُنِعَ تَعْجِيلُ الْأُجْرَةِ مُطْلَقًا فِي كُلِّ كِرَاءٍ لَكِنَّ اللَّازِمَ بَاطِلٌ، وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ شَرْطُ الْمُكْرِي الرَّمَّ أَوْ التَّطْيِينَ عَلَى الْمُكْتَرِي مِنْ عِنْدِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا مَجْهُولَانِ فَلِلْمُكْرِي قِيمَةُ مَا سَكَنَ الْمُكْتَرِي وَلِلْمُكْتَرِي قِيمَةُ مَا رَمَّ أَوْ طَيَّنَ مِنْ عِنْدِهِ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ جَرِّ صِفَةٍ لِمَحْذُوفٍ أَيْ لَا مِنْ كِرَاءٍ لَمْ يَجِبْ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُكْرِي عَلَى مُكْتَرِي الْحَمَّامِ حَمِيمَ أَهْلِهِ أَوْ نُورَتَهُمْ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ قَدْرَ عِيَالِ الْمُكْرِي أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَعَلِمَ دُخُولَهُمْ) أَيْ مِقْدَارَ دُخُولِهِمْ فِي الشَّهْرِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَوَازَ مَنُوطٌ بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ بِهِمَا، فَعَلَى هَذَا لَوْ عَلِمَ قَدْرَ دُخُولِهِمْ دُونَ قَدْرِهِمْ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ الْجَهْلُ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ الْحَمِيمِ أَوْ النُّورَةِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَطَ شَيْئًا مَعْلُومًا) أَيْ مِنْ الْمَرَّاتِ فِي كُلِّ شَهْرٍ أَوْ مِنْ النُّورَةِ

الصفحة 47