كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

(أَوْ كَانَ) بَوْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا (أَكْثَرَ) مِنْ الْآخَرِ خُرُوجًا لَا كَيْلًا أَوْ وَزْنًا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ بِهِمَا كَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ فَإِذَا كَانَ يَبُولُ مِنْ ذَكَرِهِ مَرَّتَيْنِ وَمِنْ فَرْجِهِ مَرَّةً دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ وَبِالْعَكْسِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الْأَقَلِّ خُرُوجًا أَكْثَرَ وَزْنًا (أَوْ) كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَحِلَّيْنِ لَكِنْ خُرُوجُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا (أَسْبَقُ) مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ الْآخَرِ فَإِنْ سَبَقَ مِنْ الذَّكَرِ فَذَكَرٌ وَمِنْ الْفَرْجِ فَأُنْثَى فَإِنْ انْدَفَعَ مِنْهُمَا مَعًا اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ ثُمَّ الِاخْتِبَارُ بِالْبَوْلِ إنَّمَا هُوَ فِي حَالِ صِغَرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ يَجُوزُ نَظَرُ عَوْرَةِ الصَّغِيرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ لَا يُلْتَذُّ بِهَا بِخِلَافِ الْمُرَاهِقَةِ، وَأَمَّا فِي حَالِ الْكِبَرِ فَقَالُوا يُخْتَبَرُ بِأَنْ يَبُولَ إلَى حَائِطٍ أَوْ عَلَيْهَا فَإِنْ ضَرَبَ بَوْلُهُ الْحَائِطَ أَوْ أَشْرَفَ عَلَيْهِ أَيْ نَبَا وَانْفَصَلَ عَنْ الْحَائِطِ فَذَكَرٌ، وَإِنْ نَزَلَ عَلَى سَطْحِهِ أَوْ بَيْنَ فَخِذَيْهِ فَأُنْثَى؛ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ لَكِنْ هَذَا لَا يَتِمُّ فِي الْأَسْبَقِيَّةِ وَلَا فِي الْأَكْثَرِ خُرُوجًا وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ فَلَوْ تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ وَبَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ مَاتَ فَالْحُكْمُ لِصَاحِبِ الْمَبَالِ فَإِنْ تَسَاوَى بَوْلُهُ مِنْهُمَا وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فَإِنْ احْتَلَمَ مِنْ ذَكَرِهِ (أَوْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ) دُونَ ثَدْيٍ فَذَكَرٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي نَبَاتِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ مِنْ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى فَلَا يَرِدُ مَا قَالُوهُ فِي فَرَائِضِ الْوُضُوءِ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَدْ يَنْبُتُ لَهَا لِحْيَةٌ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ لَا حُكْمَ لَهُ.
(أَوْ) نَبَتَ لَهُ (ثَدْيٌ) كَثَدْيِ النِّسَاءِ لَا كَثَدْيِ رَجُلٍ بَدِينٍ فَأُنْثَى فَإِنْ نَبَتَا مَعًا أَوْ لَمْ يَنْبُتَا فَبَاقٍ عَلَى إشْكَالِهِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ أَضْلَاعِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQظَاهِرُهُ كَانَ الْبَوْلُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي قَوْلِهِ النَّكِرَةُ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ حَصَلَ بَوْلٌ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ أَكْثَرَ) الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَوْ بَالَ مِنْهُمَا وَكَانَ الْبَوْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ فَلَا إشْكَالَ.
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الشَّعْبِيُّ) هُوَ الْإِمَامُ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ نِسْبَةً لِشَعْبٍ حَيٌّ مِنْ الْيَمَنِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُجْتَهِدِينَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ لَا يُوَافِقُ الْمَذْهَبَ إذْ الْكَثْرَةُ مُعْتَبَرَةٌ عِنْدَنَا مُطْلَقًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَنَقَلَهُ ح عَنْ اللَّخْمِيِّ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ أَيْ خُرُوجًا أَوْ قَدْرًا فَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي عَدَدِ الْخُرُوجِ فَالْمُعْتَبَرُ أَكْثَرُهُمَا خُرُوجًا، وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ قَدْرًا، وَإِنْ تَسَاوَى عَدَدُ الْخُرُوجِ فَالْمُعْتَبَرُ أَكْثَرُهُمَا قَدْرًا وَعَلَى هَذَا فَأَكْثَرُ يَصْدُقُ بِمَاءَيْنِ قَلِيلَيْنِ أَحَدُهُمَا زَائِدٌ عَنْ الْآخَرِ فَيُقَالُ فِي الزَّائِدِ إنَّهُ أَكْثَرُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي كَثْرَةٍ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَلِيلٌ عُرْفًا فَإِنْ صَحَّ صَدَقَ الْأَكْثَرُ بِهَذَا فَلَا تَفْصِيلَ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ صِدْقُهُ بِهَذَا بَلْ قُلْنَا إنَّهُ يُفِيدُ الْكَثْرَةَ فِيهِمَا، وَلَكِنْ أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ فَيُقَالُ وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا كَانَا قَلِيلَيْنِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا عَلَى الْآخَرِ. اهـ. تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ) أَيْ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي قَدْرِ الْخُرُوجِ لَكِنْ خُرُوجُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَسْبَقُ فَإِنْ تَعَارَضَ السَّبْقُ وَالْكَثْرَةُ فَفِي الْمُقَدَّمِ مِنْهُمَا خِلَافٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَسْبَقُ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَفْعَلَ تَفْضِيلٍ وَيُفْهَمَ غَيْرُهُ، وَهُوَ مَا إذَا وُجِدَ السَّبْقُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فِي حُصُولِ الِاتِّضَاحِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أَكْثَرَ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى بَالَ، وَلَا يُقَالُ يُمْنَعُ مِنْ هَذَا عَدَمُ صِحَّةِ دُخُولِ أَنْ عَلَى أَسْبَقَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِعْلًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ) أَيْ فِي الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الِاخْتِبَارُ بِالْبَوْلِ) أَيْ مَعَ النَّظَرِ لِعَوْرَتِهِ لِأَجْلِ أَنْ يُعْلَمَ هَلْ بَالَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَهَلْ بَوْلُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ أَوْ أَسْبَقُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي حَالِ الْكِبَرِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُرَاهِقًا فَفَوْقَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَبُولَ إلَى الْحَائِطِ) أَيْ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهَا) أَيْ أَوْ جَالِسًا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَذَكَرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ بَالَ مِنْ ذَكَرِهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَ) لَا مَفْهُومَ لَهُ، بَلْ وَلَوْ اسْتَمَرَّ حَيًّا (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَسَاوَى بَوْلُهُ مِنْهُمَا) أَيْ فِي الْخُرُوجِ وَالْقَدْرِ وَالسَّبْقِ (قَوْلُهُ: انْتَظَرَ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُوقَفُ الْقَسْمُ لِاتِّضَاحِ حَالِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يُوقَفُ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ انْتِظَارِ الْبُلُوغِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ مِنْ الْقَوْلِ بِالْوَقْفِ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ يُعْطَى نِصْفَ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى حَالًا، وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ) عَطْفٌ عَلَى بَالَ فَفِي الْعَطْفِ بِأَوْ تَشْتِيتٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَسْبَقَ عَطْفٌ عَلَى أَكْثَرَ وَنَبَتَ عَطْفٌ عَلَى بَالَ وَقَوْلُهُ لِحْيَةٌ بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ لِحْيَةٌ عَظِيمَةٌ كَلِحْيَةِ الرِّجَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ) أَيْ الْكَثِيرَ الْغَالِبَ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ قَدْ يَنْبُتُ شَعْرُ اللِّحْيَةِ مِنْ غَيْرِ الْبَيْضَةِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا فِي لِحْيَةِ الْمَرْأَةِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى) أَيْ فَعَمَلُهَا فِي الشَّعْرِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الذُّكُورَةِ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْضَةً فَاسِدَةً (قَوْلُهُ: قَدْ يَنْبُتُ لَهَا لِحْيَةٌ) أَيْ فَكَيْفَ يُجْعَلُ نَبَاتَ اللِّحْيَةِ مِنْ عَلَامَاتِ اتِّضَاحِ الذُّكُورَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ ثَدْيٌ) أَيْ عَظِيمٌ كَثَدْيِ النِّسَاءِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اسْتِعْمَالَ نَبَتَ فِي الثَّدْيِ مَجَازٌ كَمَا أَنَّهُ فِي نَبَتَ زَيْدٌ نَبَاتًا حَسَنًا مَجَازٌ قَطْعًا وَفِي نَبَتَ الزَّرْعُ حَقِيقَةٌ قَطْعًا، وَأَمَّا فِي الشَّعْرِ فَيَحْتَمِلُ الْحَقِيقَةَ وَالْمَجَازَ. اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَبَتَا) أَيْ الثَّدْيُ وَاللِّحْيَةُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْأَكْثَرِ) نَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ النَّظَرُ إلَيْهَا ضَعِيفٌ لِإِطْبَاقِ

الصفحة 495