كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

الْمِثْلِ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا مَقَالَ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَمِعَهُ سَمَّى شَيْئًا وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ فَلَهُ مَا سَمَّاهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ رَبَّهُ وَرَّطَهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مُعْتَادًا لِطَلَبِ الْأُبَّاقِ (فَالنَّفَقَةُ) فَقَطْ أَيْ فَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ فِي تَحْصِيلِهِ وَمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَرُكُوبٍ احْتَاجَ لَهُ وَلَا جُعْلَ لَهُ (وَإِنْ) (أَفْلَتَ) الْعَبْدُ مِنْ يَدِ الْعَامِلِ قَبْلَ إيصَالِهِ لِرَبِّهِ (فَجَاءَ بِهِ آخَرُ) قَبْلَ أَنْ يَصِلَ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ (فَلِكُلٍّ) مِنْ الْعَامِلَيْنِ (نِسْبَتُهُ) مِنْ الْجُعْلِ فَإِنْ جَاءَ بِهِ الْأَوَّلُ ثُلُثَ الطَّرِيقِ مَثَلًا وَالثَّانِي بَاقِيَهَا كَانَ لِلْأَوَّلِ الثُّلُثُ فِي الْجُعْلِ الْمُسَمَّى وَلِلثَّانِي ثُلُثَاهُ فَإِنْ أَتَى بِهِ الثَّانِي بَعْدَ أَنْ وَصَلَ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ (وَإِنْ جَاءَ بِهِ ذُو دِرْهَمٍ) سَمَّاهُ لَهُ (وَذُو أَقَلَّ اشْتَرَكَا فِيهِ) أَيْ فِي الدِّرْهَمِ فَيَقْتَسِمَانِهِ بِنِسْبَةِ مَا سَمَّاهُ لِكُلٍّ فَلِذِي الدِّرْهَمِ ثُلُثَاهُ وَلِذِي النِّصْفِ ثُلُثُهُ فَإِنْ تَسَاوَى مَا سَمَّاهُ لِكُلٍّ قُسِمَ مَا سَمَّاهُ لِأَحَدِهِمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ سَمَّى لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا عَرَضًا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ (وَلِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ) قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ (وَلَزِمَتْ الْجَاعِلَ بِالشُّرُوعِ) فِيهِ دُونَ الْعَامِلِ.

(وَفِي) الْجُعْلِ (الْفَاسِدِ) لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ (جُعْلُ الْمِثْلِ) إنْ تَمَّ الْعَمَلُ رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ (إلَّا بِجُعْلٍ مُطْلَقًا) أَيْ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْجُعْلَ مُطْلَقًا تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا (فَأُجْرَتُهُ) أَيْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مَا إذَا سَمِعَهُ) أَيْ مَا إذَا سَمِعَ الْعَامِلُ رَبَّهُ سَمَّى شَيْئًا. (قَوْلُهُ: فَالنَّفَقَةُ فَقَطْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَادَهُ وَوَجَبَ لَهُ جُعْلُ الْمِثْلِ، أَوْ وَجَبَ لَهُ الْمُسَمَّى فَإِنَّ نَفَقَةَ الْآبِقِ عَلَى الْعَامِلِ وَلَوْ اسْتَغْرَقَتْ الْجُعْلَ اهـ عبق. (قَوْلُهُ: أَيْ فَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَيْ فَلَهُ مَا أَنْفَقَهُ حَالَ تَحْصِيلِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْعَبْدِ مِنْ أُجْرَةِ دَابَّةٍ، أَوْ مَرْكَبٍ اُضْطُرَّ لَهَا بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْحَامِلُ عَلَى صَرْفِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ إلَّا تَحْصِيلَهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ بِمَثَابَةِ مَا فَدَى بِهِ مِنْ ظَالِمٍ وَأَمَّا مَا شَأْنُهُ أَنَّهُ يُنْفِقَهُ الْعَامِلُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْحَضَرِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى رَبِّهِ، وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ مُتَفَاوِتًا بِأَنْ كَانَ الْمَأْكُولُ فِي مَحَلِّ الْعَامِلِ أَرْخَصَ مِنْهُ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا لِتَحْصِيلِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ السَّفَرَيْنِ فِي التَّفَاوُتِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ.
(قَوْلُهُ: وَمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ ذَلِكَ لِأَنَّ نَفَقَةَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى رَبِّهِ وَلَوْ وَجَبَ لِلْعَامِلِ جُعْلُ الْمِثْلِ، أَوْ الْمُسَمَّى فَإِذَا قَامَ بِهَا الْعَامِلُ رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ فَلَهُ مَا أَنْفَقَهُ فِي تَحْصِيلِهِ مِنْ أُجْرَةِ مَرْكَبٍ، أَوْ دَابَّةٍ احْتَاجَ لَهُمَا وَأُجْرَةِ مَنْ يَقْبِضُهُ لَهُ إنْ احْتَاجَ الْحَالُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْلَتَ) يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا يُقَالُ أَفْلَتَهُ وَأَفْلَتَ بِنَفْسِهِ فَيَصِحُّ فِي الْمَتْنِ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: فَجَاءَ بِهِ آخَرُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ وَلَا مُجَاعَلَةٍ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ عَادَةَ ذَلِكَ الْآخَرِ طَلَبُ الْإِبَاقِ. (قَوْلُهُ: لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي كَانَ آبِقًا فِيهِ. (قَوْلُهُ: نِسْبَتُهُ) أَيْ نِسْبَةُ عَمَلِهِ مَنْظُورًا فِي ذَلِكَ لِسُهُولَةِ الطَّرِيقِ وَصُعُوبَتِهَا لَا لِمُجَرَّدِ الْمَسَافَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَاءَ بِهِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الْآبِقِ إذَا جَعَلَ لِرَجُلٍ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ وَجَعَلَ لِآخَرَ نِصْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِعَبْدِهِ فَأَتَيَا بِهِ مَعًا فَأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي ذَلِكَ الدِّرْهَمِ إذْ هُوَ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ رَبَّ الْعَبْدِ بِنِسْبَةِ مَا سَمَّاهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَجْمُوعِ التَّسْمِيَتَيْنِ فَيَأْخُذُ الْأَوَّلُ ثُلُثَيْهِ وَيَأْخُذُ الثَّانِي ثُلُثَهُ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ نِصْفِ الدِّرْهَمِ إلَى دِرْهَمٍ وَنِصْفٍ ثُلُثٌ وَنِسْبَةُ الدِّرْهَمِ كَذَلِكَ ثُلُثَانِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَا جُعِلَ لَهُ وَرَجَّحَهُ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ جَاءَ بِهِ ذُو دِرْهَمٍ أَيْ سَمَّاهُ لَهُ وَقَوْلُهُ: وَذُو أَقَلَّ أَيْ سَمَّاهُ لَهُ أَيْضًا وَقَوْلُهُ: بِنِسْبَةِ مَا سَمَّاهُ لِكُلٍّ أَيْ لِمَجْمُوعِ التَّسْمِيَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: قُسِمَ مَا سَمَّاهُ لِأَحَدِهِمَا نِصْفَيْنِ) أَيْ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ. (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ فَلَوْ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا عَشَرَةً وَلِلْآخَرِ عَرَضًا وَأَتَيَا بِهِ مَعًا فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ الْعَرَضُ فَإِنْ سَاوَى خَمْسَةً فَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ ثُلُثَاهَا وَيُخَيَّرُ صَاحِبُ الْعَرَضِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ، أَوْ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ الْعَرَضِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ نِصْفُهَا وَلِصَاحِبِ الْعَرَضِ نِصْفُهُ فَإِنْ جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَرَضًا وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا، أَوْ اتَّفَقَتْ جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَلِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ) أَيْ التَّرْكُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَالْعَقْدُ الْغَيْرُ اللَّازِمِ لَا يُطْلَقُ عَلَى تَرْكِهِ فَسْخٌ إلَّا بِطَرِيقِ التَّجَوُّزِ إذْ حَقُّ الْفَسْخِ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي تَرْكِ الْأَمْرِ اللَّازِمِ وَالْعَلَاقَةِ الْمُشَابِهَةِ لِلْعَقْدِ اللَّازِمِ فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَتْ الْجَاعِلَ) الْمُرَادُ بِهِ مُلْتَزِمُ الْجُعْلِ لَا مَنْ تَعَاطَى عَقْدَهُ فَقَطْ كَالْوَكِيلِ الَّذِي لَمْ يَلْتَزِمْ جُعَلًا وَظَاهِرُهُ اللُّزُومُ لِلْجَاعِلِ بِالشُّرُوعِ وَلَوْ فِيمَا لَا بَالَ لَهُ فَلَا مَقَالَ لَهُ فِي حَلِّهِ بَلْ يَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ بِخِلَافِ الْعَامِلِ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى خِيَارِهِ.

(قَوْلُهُ: جُعْلُ الْمِثْلِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ سَوَاءٌ تَمَّمَ الْعَمَلَ أَمْ لَا رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْإِجَارَةُ وَأَنَّمَا كَانَتْ أَصْلًا لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ اشْتَرَطُوا فِي عَاقِدِي الْجُعْلِ مَا اشْتَرَطُوهُ فِي عَاقِدِي الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: رَدًّا إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: رَدًّا لَهُ إلَخْ رَاجِعًا لِلْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِجُعْلٍ مُطْلَقًا) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَاسِدُ مُلْتَبِسًا بِجُعْلٍ أَيْ بِعِوَضٍ مُطْلَقًا كَمَا إذَا قَالَ إنْ أَتَيْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِهِ فَلَكَ كَذَا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ أُجْرَةً عِنْدَ جَعْلِ الْعِوَضِ لَهُ مُطْلَقًا لَا جُعْلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْعِوَضَ

الصفحة 65