كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ عَلَى عَقِبِهِ لَرَجَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ حَبْسًا عَلَى عَقِبِهِ إنْ حَازُوا قَبْلَ الْمَانِعِ (أَوْ أَنَّ النَّظَرَ لَهُ) أَيْ لِلْوَاقِفِ فَيَبْطُلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْجِيرًا أَيْ وَحَصَلَ مَانِعُ الْوَاقِفِ وَإِلَّا صَحَّ وَيُجْبَرُ عَلَى جَعْلِ النَّظَرِ لِغَيْرِهِ (أَوْ لَمْ يَحُزْهُ) حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ (كَبِيرٌ وُقِفَ عَلَيْهِ) فَيَبْطُلُ فَإِنْ حَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ (وَلَوْ) كَانَ (سَفِيهًا أَوْ) لَمْ يَحُزْهُ (وَلِيُّ صَغِيرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ حَوْزَ الصَّغِيرِ لَا يَكْفِي وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَافٍ وَلَوْ فِيمَا وَقَفَهُ وَلِيُّهُ عَلَيْهِ (أَوْ لَمْ يُخْلِ) الْوَاقِفُ (بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ كَمَسْجِدٍ) وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ وَبِئْرٍ فَالْإِخْلَاءُ فِيمَا ذُكِرَ حَوْزٌ حُكْمِيٌّ وَيُخْلِ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ مِنْ أَخْلَى بِمَعْنَى تَرَكَ وَأَشَارَ إلَى بَيَانِ الْمَانِعِ وَأَنَّهُ أَحَدُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ بِقَوْلِهِ (قَبْلَ فَلَسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَحُزْ وَيُخْلِ الْمَنْفِيَّيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْفَلَسِ مَا يَشْمَلُ الْإِحَاطَةَ بِمَالِ الْوَاقِفِ لِقَوْلِهِ فِي الْهِبَةِ وَبَطَلَتْ إنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ وَالْوَقْفُ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ (وَمَوْتِهِ وَمَرَضِهِ) الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ فَإِنْ صَحَّ بَعْدَ الْحَوْزِ فِي الْمَرَضِ صَحَّ الْوَقْفُ وَجَازَ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ فِي مَرَضِهِ عَلَى الْمَوْتِ فَلَا يُحْتَاجُ لِتَقْيِيدِهِ بِالْمُتَّصِلِ.
وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ حَبَّسَ فِي صِحَّتِهِ وَلَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَمْ يَحْصُلْ حَوْزٌ عَنْهُ حَتَّى حَصَلَ لَهُ مَانِعٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَطَلَ وَقْفُهُ أَيْ لَمْ يَتِمَّ فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهُ وَأَخْذُهُ فِي دَيْنِهِ فِي الْأَوَّلِ وَلَهُ، أَوْ لِلْوَرَثَةِ فِي الْأَخِيرَيْنِ إبْطَالُهُ وَلَهُمْ الْإِجَازَةُ فَالْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ عَدَمُ التَّمَامِ وَأَمَّا مَنْ حَبَّسَ فِي مَرَضِهِ فَكَالْوَصِيَّةِ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ وَلَهُ إبْطَالُهُ بِخِلَافِ مَنْ حَبَّسَ فِي صِحَّتِهِ وَعُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَانِعِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQجَمَعَتْ حَرَامًا وَحَلَالًا؛ لِأَنَّ هَذَا مَخْصُوصٌ بِالْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّشْدِيدِ وَلِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي فَسْخِهَا لِأَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ عِوَضَهُ بِخِلَافِ التَّبَرُّعَاتِ فَإِنَّ بِفَسْخِهَا يَحْصُلُ الضَّرَرُ لِلْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: صَحَّتْ) أَيْ صَحَّ الْوَقْفُ فِيهَا دُونَ حِصَّةِ الْوَاقِفِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَأَلَّا يَحْصُلْ حِيَازَةٌ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ فِيهَا كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الْوَاقِفِ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ حِصَّةَ الشَّرِيكِ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَيَكْفِي فِي صِحَّةِ وَقْفِهَا حَوْزُهَا وَحْدَهَا كَأَنْ يَقِفَ دَارَيْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى شَخْصٍ عَلَى أَنَّ لَهُ إحْدَاهُمَا مُعَيَّنَةً وَلِلْآخَرِ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَالْمُعْتَبَرُ حَوْزُ الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: إنْ حَازُوا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ اسْتَمَرَّ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ مِنْ مَوْتٍ، أَوْ فَلَسٍ، أَوْ جُنُونٍ بَطَلَ الْوَقْفُ مِنْ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ لَهُ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ النَّظَرُ وَيَكُونُ الشَّرْطُ مُؤَكِّدًا كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ فِي حَاشِيَةِ عبق. (قَوْلُهُ: أَيْ وَحَصَلَ مَانِعٌ لِلْوَقْفِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ شَرْطَ النَّظَرِ لَهُ لَا يُبْطِلُ الْوَقْفَ خِلَافًا لِمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ عِنْدَ شَرْطِهِ النَّظَرَ لَهُ بَعْدَ الْحَوْزِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ أُخْرِجَ مِنْ يَدِ الْوَاقِفِ إلَى يَدِ ثِقَةٍ، وَإِنْ حَصَلَ مَانِعٌ قَبْلَ ذَلِكَ بَطَلَ الْوَقْفُ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِمَا بَعْدَهَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ سَفِيهًا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ قَالَ ح ظَاهِرُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ حِيَازَةَ السَّفِيهِ مَطْلُوبَةٌ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَطْلُوبُ ابْتِدَاءً حِيَازَةُ الْوَلِيِّ لَهُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ لَوْ وَقَعَ وَحَازَ لِنَفْسِهِ وَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ أَنَّ حِيَازَتَهُ كَافِيَةٌ خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الصَّغِيرَ كَالسَّفِيهِ فِيمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحُزْهُ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ كَبِيرٌ وُقِفَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا يَكْفِي الْجَدُّ فِي الْحَوْزِ هُنَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْمَرَّةِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ كَمَا يَأْتِي وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْمَانِعُ لَا يَبْطُلُ وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ لَهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَحُزْهُ أَنَّهُ لَوْ حَازَهُ مَنْ ذُكِرَ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ الْوَقْفُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَوْزِ مُعَايَنَةُ الْبَيِّنَةِ لِقَبْضِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِدَفْعِ الْمَفَاتِيحِ لَهُ، أَوْ عَقْدِ الْكِرَاءِ أَوْ الْمُزَارَعَةِ فَلَوْ أَقَرَّ الْوَاقِفُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ قَدْ قَبَضَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْضَ بِذَلِكَ إنْ أَنْكَرَتْ وَرَثَتُهُ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ الْحَوْزَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحُزْهُ وَلِيُّ صَغِيرٍ) أَيْ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ أَنَّ حَوْزَ الصَّغِيرِ لَا يَكْفِي) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ لَمْ يَحُزْهُ وَلِيُّ صَغِيرٍ وُقِفَ عَلَيْهِ " صَادِقٌ بِمَا إذَا وُقِفَ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَمْ يَحْصُلْ حَوْزٌ أَصْلًا، أَوْ حَصَلَ الْحَوْزُ مِنْ الصَّغِيرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُخْلِ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ كَمَسْجِدٍ وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ) أَيْ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْوَقْفُ. (قَوْلُهُ: إنْ تَأَخَّرَ) أَيْ الْحَوْزُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ) أَيْ عَلَى مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا لَهُ، أَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْهُ بَلْ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ. (قَوْلُهُ: فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهُ وَأَخْذُهُ فِي دَيْنِهِ) أَيْ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْفَلَسِ وَقَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ أَيْ الْمَرَضِ، أَوْ الْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ: فَكَالْوَصِيَّةِ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَتْ حِيَازَةٌ أَوْ لَا فَالْحَوْزُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّبَرُّعَاتِ الْحَاصِلَةِ فِي الْمَرَضِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي التَّبَرُّعَاتِ الْحَاصِلَةِ فِي الصِّحَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّبَرُّعَاتِ إمَّا أَنْ تَحْصُلَ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ فِي الْمَرَضِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَرَّعُ لَهُ وَارِثًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ حَصَلَ التَّبَرُّعُ فِي الصِّحَّةِ وَحَصَلَ الْحَوْزُ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُتَبَرَّعِ لَهُ وَارِثًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَرَضِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ مِنْ الثُّلُثِ حَصَلَ حَوْزٌ أَمْ لَا

الصفحة 81