كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

لَهُمْ سَهْمَانِ مِنْهَا لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ مِنْهُمَا وَالْبَاقِي يُقْسَمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَأَخِيهِمَا الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ حَيَاتُهُ وَلَكِنَّ نَصِيبَهُ لِوَارِثِهِ مَفْضُوضًا عَلَى الْفَرَائِضِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ اثْنَانِ فَلَوْ مَاتَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ كُلُّهُمْ رَجَعَ الْوَقْفُ جَمِيعُهُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ مَعَ مَا بِيَدِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ لِأَنَّ أَخْذَهُمَا إنَّمَا كَانَ تَبَعًا لِلْأَوْلَادِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ وَاحِدًا مِنْ الْأَوْلَادِ صَارَ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ النِّصْفُ كَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَوْ مَاتَ اثْنَانِ فَالْقِسْمَةُ مِنْ خَمْسَةٍ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ ثَلَاثَةٌ وَلَوْ مَاتُوا كُلُّهُمْ رَجَعَ الْوَقْفُ كُلُّهُ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَالْقِسْمَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهَا فَإِنْ مَاتَ السَّبْعَةُ رَجَعَ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ (لَا) مَوْتِ (الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ) فَلَا يَنْتَقِضُ وَلَكِنْ يَرْجِعُ مَنَابُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا لِوَرَثَتِهِ وَقْفًا مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَارِثٌ فَلَيْسَتْ الْمَالَ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ رَجَعَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، وَإِذَا انْتَقَضَ الْقَسْمُ بِحُدُوثِ وَلَدٍ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ (فَيَدْخُلَانِ) أَيْ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ فِي النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِحُدُوثِ مَنْ ذُكِرَ (وَدَخَلَا فِيمَا زِيدَ لِلْوَلَدِ) أَيْ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ بِمَوْتِ وَاحِدٍ مَثَلًا مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، أَوْ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَدَخَلَا إلَخْ مَا ضَرَّ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَيَدْخُلَانِ شَامِلٌ لِلنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ.

وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصِّيغَةُ مُعَلِّقًا لَهُ ب صَحَّ بِقَوْلِهِ (بِحَبَسْتُ وَوَقَفْتُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ (وَتَصَدَّقْتُ) الْأَوْلَى وَكَتَصَدَّقْتُ لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ وَهُوَ قَوْلُهُ (إنْ قَارَنَهُ قَيْدٌ) فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَقَطْ وَأَمَّا الصِّيغَتَانِ قَبْلَهُ فَلَا يَفْتَقِرَانِ لِقَيْدٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (أَوْ جِهَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ عَلَى مُعَيَّنٍ، أَوْ جِهَةٍ (لَا تَنْقَطِعُ) كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ، أَوْ الْمَسَاجِدِ فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ حَبَسْت، أَوْ وَقَفْت فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ تَصَدَّقْت فَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ نَحْوُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ، وَإِلَّا كَانَ مِلْكًا لَهُمْ يُبَاعُ وَيُفَرَّقُ ثَمَنُهُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ (أَوْ لِمَجْهُولٍ، وَإِنْ حُصِرَ) لَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَحْصُورِ هُوَ الْجِهَةُ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ أُجِيبَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQحَضَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ ابْنُ الْوَاقِفِ فَتَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ. (قَوْلُهُ: لَهُمْ سَهْمَانِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ السِّتَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ نَصِيبَهُ لِوَارِثِهِ) أَيْ وَيَأْخُذُ مَعَ ذَلِكَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْوَقْفِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مَعَ مَا بِيَدِ) أَيْ مَعَ رُجُوعِ مَا بِيَدِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ. (قَوْلُهُ: كَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ) أَيْ وَأُعِيدَتْ الْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةٍ. (قَوْلُهُ: لِلْأُمِّ سُدُسُهَا إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ تَصَرُّفٌ فِيمَا يَخُصُّهُ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْتَقِضُ) أَيْ الْقَسْمُ بِمَوْتِ إحْدَاهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَرْجِعُ مَنَابُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا لِوَرَثَتِهِ وَقْفًا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ وَرَثَتَهُمَا لَيْسُوا مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَقْفًا أَيْ فَيَرْجِعُ مَنَابُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا لِوَرَثَتِهَا عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَقْفًا عَدَمَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَارِثٌ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الزَّوْجَةِ فَإِنَّ زَوْجَةَ الْأَبِ قَدْ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً مِنْ الْأَوْلَادِ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَيُفْرَضُ عَدَمُ الْوَارِثِ لَهَا فِي الْقِيَامِ مَانِعُ الْإِرْثِ بِالْأَوْلَادِ كَقَتْلِهِمْ لَهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَبَعْدَ رُجُوعِ نَصِيبِهِمَا لِوَارِثِهِمَا، وَقَوْلُهُ: رَجَعَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ أَيْ رَجَعَ مَا كَانَ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَكَذَا لَوْ انْقَرَضَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ قَبْلَ مَوْتِهِمَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مَا كَانَ لَهُمَا لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَا يُنْتَظَرُ مَوْتُهُمَا؛ لِأَنَّ أَخْذَهُمَا كَانَ بِالتَّبَعِ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا انْتَقَضَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيَدْخُلَانِ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ. (قَوْلُهُ: شَامِلٌ لِلنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى، وَإِذَا انْتَقَضَ الْقَسْمُ بِحُدُوثِ وَلَدٍ أَوْ مَوْتِهِ فَيَدْخُلَانِ أَيْ فِي النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِحُدُوثِهِ وَالزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِمَوْتِهِ.

(قَوْلُهُ: بِحَبَسْتُ وَوَقَفْتُ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا كَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ كَمَسْجِدٍ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ وَلَا فَرْضًا دُونَ نَفْلٍ فَإِذَا بَنَى مَسْجِدًا وَأَذَّنَ فِيهِ لِلنَّاسِ فَذَلِكَ كَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ وَقْفٌ، وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ زَمَانًا وَلَا قَوْمًا وَلَا قَيَّدَ الصَّلَاةَ بِكَوْنِهَا فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا فَلَا يَحْتَاجُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْكَمُ بِوَقْفِيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) أَيْ وَهُوَ ح حَيْثُ جَعَلَ الْقَيْدَ رَاجِعًا لِلصِّيَغِ الثَّلَاثَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ " حَبَسْتُ " " وَوَقَفْتُ " يُفِيدَانِ التَّأْبِيدَ سَوَاءٌ قَيَّدَ بِجِهَةٍ لَا تَنْحَصِرُ، أَوْ بِمُعَيَّنٍ أَوْ بِمَجْهُولٍ، أَوْ مَحْصُورٍ كَوَقَفْتُ وَحَبَّسْتُ دَارِي عَلَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ عَلَى زَيْدٍ أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ إلَّا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا ضَرَبَ لِلْوَقْفِ أَجَلًا، أَوْ قَيَّدَهُ بِحَيَاةِ شَخْصٍ وَأَمَّا لَفْظُ الصَّدَقَةِ فَلَا يُفِيدُ التَّأْبِيدَ إلَّا إذَا قَارَنَهُ قَيْدٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ ح أَوَّلَ تَقْرِيرِهِ مِنْ أَنَّ الْقَيْدَ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ وَخِلَافُ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ رُجُوعِهِ لِحَبَسْتُ وَتَصَدَّقْتُ فَقَطْ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ) أَيْ أَوْ أَهْلِ مَدْرَسَةِ كَذَا أَوْ أَهْلِ مَسْجِدِ كَذَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْوَقْفُ عَلَى الْمُعَيَّنِ أَوْ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ وَقَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَيْ فَظَاهِرٌ صِحَّتُهُ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ لِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: نَحْوُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ) أَيْ وَكَذِكْرِ الْعَقِبِ كَصَدَقَةٍ عَلَيْهِ وَعَلَى عَقِبِهِ فَهُوَ قَرِينَةٌ عَلَى الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: لَا وَجْهَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ لِمَجْهُولٍ إلَخْ " عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " أَوْ جِهَةٍ " لَا تَنْقَطِعُ فَإِذَا جَعَلْت الْوَاوَ لِلْمُبَالَغَةِ كَانَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ عَيْنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ

الصفحة 84