كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

عَلَى الْأَصَحِّ.

(وَ) إنْ حَبَّسَ (فِي) شَأْنِ مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ (كَقَنْطَرَةٍ) وَمَدْرَسَةٍ وَمَسْجِدٍ فَخَرِبَتْ (وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا) صُرِفَ (فِي مِثْلِهَا) حَقِيقَةً إنْ أَمْكَنَ فَيُنْقَلُ لِمَسْجِدٍ آخَرَ بَدَلَ الْأَوَّلِ وَكَذَا يُنْقَلُ الْقُرْآنُ أَوْ الْعِلْمُ الَّذِي رُتِّبَ فِيهِ لِآخَرَ أَوْ لِمَدْرَسَةٍ أُخْرَى فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صُرِفَ فِي مِثْلِهَا نَوْعًا أَيْ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى (وَإِلَّا) بِأَنْ رُجِيَ عَوْدُهَا (وُقِفَ لَهَا) لِيُصْرَفَ فِي التَّرْمِيمِ أَوْ الْإِحْدَاثِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْإِصْلَاحِ.

(وَ) إنْ قَالَ هَذَا الشَّيْءُ (صَدَقَةٌ لِفُلَانٍ) (فَلَهُ) أَيْ فَيَكُونُ لَهُ مِلْكًا (أَوْ) صَدَقَةٌ (لِلْمَسَاكِينِ فُرِّقَ ثَمَنُهَا) عَلَيْهِمْ (بِالِاجْتِهَادِ) بَعْدَ بَيْعِهَا مِنْ حَاكِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى ذَلِكَ.

(وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْوَقْفِ (التَّنْجِيزُ) كَالْعِتْقِ نَحْوُ إذَا جَاءَ الْعَامُ الْفُلَانِيُّ أَوْ حَضَرَ فُلَانٌ فَدَارِي وَقْفٌ عَلَى كَذَا أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ فَيَلْزَمُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ (وَحُمِلَ) الْوَقْفُ (فِي الْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِأَجَلٍ أَوْ تَنْجِيزٍ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّنْجِيزِ (كَتَسْوِيَةِ أُنْثَى بِذَكَرٍ) أَيْ كَمَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْوَاقِفِ دَارِي مَثَلًا وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي أَوْ أَوْلَادِ زَيْدٍ - وَلَمْ يُبَيِّنْ تَفْضِيلَ أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ - عَلَى تَسْوِيَةِ الْأُنْثَى بِالذَّكَرِ فِي الْمَصْرِفِ فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا عُمِلَ بِهِ إلَّا فِي الْمَرْجِعِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَلَا) يُشْتَرَطُ (التَّأْبِيدُ) فَيَصِحُّ مُدَّةً ثُمَّ يَرْجِعُ مِلْكًا.

(وَلَا) يُشْتَرَطُ (تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ) فَيَلْزَمُ بِقَوْلِهِ دَارِي وَقْفٌ (وَصُرِفَ) رِيعُهُ إنْ تَعَذَّرَ سُؤَالُ الْمُحَبِّسِ (فِي غَالِبٍ) أَيْ فِيمَا يُقْصَدُ بِالتَّحْبِيسِ عَلَيْهِ غَالِبًا فِي عُرْفِهِمْ كَأَهْلِ الْعِلْمِ، أَوْ الْقِرَاءَةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ غَالِبٌ لَهُمْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَوْقَافٌ، أَوْ كَانَ وَلَا غَالِبَ فِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِمَا ذُكِرَ وَقَالَ مِنْ بَعْدِهِمْ لِلْفُقَرَاءِ رَجَعَتْ حِصَّةُ مَنْ مَاتَ لِلْفُقَرَاءِ مَعَ بَقَاءِ أَصْحَابِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) وَهُوَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ وَمِنْهُمْ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَمُقَابِلُهُ رُجُوعُهُ مِلْكًا وَهُوَ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ.

(قَوْلُهُ: فِي شَأْنِ مَنْفَعَةٍ) أَيْ فِي شَأْنِ ذِي مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ فَإِذَا قَالَ وَقَفْت هَذِهِ الدَّارَ عَلَى شَأْنِ الْقَنْطَرَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَإِنَّ غَلَّتَهَا تُصْرَفُ فِي بِنَاءِ تِلْكَ الْقَنْطَرَةِ وَفِي تَرْمِيمِهَا؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ يَشْمَلُهُمَا فَإِنْ خَرَجَتْ وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا صُرِفَتْ الْغَلَّةُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْقَنْطَرَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ صُرِفَ فِي حُصُرِهِ وَزَيْتِهِ وَلَا يُصْرَفُ لِمُؤَذِّنِهِ، وَإِمَامِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ مَصَالِحِهِ فَإِنْ صَرَفَ لَهُمْ النَّاظِرُ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِمَا اُنْظُرْ شب. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا) أَيْ لِخُلُوِّ الْبَلَدِ، أَوْ فَسَادِ مَوْضِعِ الْقَنْطَرَةِ. (قَوْلُهُ: فِي مِثْلِهَا حَقِيقَةً) أَيْ فِي مِثْلِهَا بِالشَّخْصِ إنْ أَمْكَنَ. (قَوْلُهُ: فَيُنْقَلُ لِمَسْجِدٍ آخَرَ) أَيْ فَيُنْقَلُ مَا حُبِّسَ عَلَى مَسْجِدٍ لِمَسْجِدٍ آخَرَ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ حَبَّسَ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِمَحَلٍّ عَيَّنَهُ، ثُمَّ تَعَذَّرَ الطَّلَبُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْحَبْسُ وَتُصْرَفُ غَلَّةُ الْوَقْفِ عَلَى الطَّلَبَةِ بِمَحَلٍّ آخَرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَدْرَسَةٍ أُخْرَى) أَيْ وَيُنْقَلُ مَا وُقِفَ عَلَى مَدْرَسَةٍ لِمَدْرَسَةٍ أُخْرَى.

. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ لَهُ مِلْكًا) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِهِ مَا شَاءَ بِخِلَافِ: صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَقْفًا وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَيْدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا عَبَّرَ بِالصَّدَقَةِ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا كَانَ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ مِلْكًا إلَّا لِقَيْدٍ وَكَذَا إذَا كَانَ مَجْهُولًا غَيْرَ مَحْصُورٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا مَحْصُورًا كَفُلَانٍ وَعَقِبِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْوَقْفُ عَلَى قَيْدٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَدَقَةٌ لِلْمَسَاكِينِ) أَيْ قَالَ: دَارِي صَدَقَةٌ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَقُلْ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَنَحْوَهُمَا فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُمْ فَتُبَاعُ وَيُفَرَّقُ ثَمَنُهَا. (قَوْلُهُ: فُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ التَّعْمِيمُ بَلْ لِمُتَوَلِّي التَّفْرِقَةِ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ شَاءَ وَيَمْنَعُ مَنْ شَاءَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تُبَاعُ وَلَمْ تَبْقَ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهَا كُلَّ سَنَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا يُؤَدِّي لِلنِّزَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْحَاضِرُ مِنْ الْمَسَاكِينِ فِي الْبَلَدِ حَالَ الْوَقْفِ عَشَرَةً، ثُمَّ يَزِيدُونَ فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا بِيعَتْ وَفُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ فَيَنْقَطِعُ النِّزَاعُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ التَّعْمِيمُ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ التَّنْجِيزُ) أَيْ بَلْ يَصِحُّ فِيهِ التَّأْجِيلُ كَالْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ) أَيْ فَيَلْزَمُ كُلٌّ مِنْ الْوَقْفِ وَالْعِتْقِ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ الَّذِي عَيَّنَهُ فَإِنْ حَدَثَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ، أَوْ عَلَى الْمُعْتِقِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ لَمْ يَضُرَّ فِي عَقْدِ الْعِتْقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَيَضُرُّ فِي الْحَبْسِ إذَا لَمْ يُحَزْ عَنْ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنْ حِيزَ عَنْهُ وَكَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لِغَيْرِ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ لَمْ يَضُرَّ حُدُوثُ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ آجَرَ الدَّارَ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ وَحَازَهَا الْمُسْتَأْجِرُ، أَوْ جَعَلَ مَنْفَعَتَهَا لِغَيْرِهِ فَخَزَنَ ذَلِكَ الْغَيْرُ فِيهَا وَالْمِفْتَاحُ بِيَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ فِي الْإِطْلَاقِ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ دَارِي وَقْفٌ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ يَقُلْ حَالًا وَلَا بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا) أَيْ بِأَنْ فَضَّلَ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ، أَوْ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْمَرْجِعِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ فِيهِ بِتَفْضِيلِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ) أَيْ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ التَّأْبِيدُ أَيْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ وَالْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ مَعْمُولٌ بِهِ وَفِي الْمُتَيْطِيِّ مَا يُفِيدُ مَنْعَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَيَمْضِي إنْ وَقَعَ فَفِي ح عَنْ النَّوَادِرِ وَالْمُتَيْطِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إنْ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ فِيهِ رَغْبَةٌ بِيعَ وَاشْتُرِيَ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ مَضَى وَعُمِلَ بِشَرْطِهِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: فِي عُرْفِهِمْ) أَيْ عُرْفِ أَهْلِ بَلَدِ الْمُحَبِّسِ

الصفحة 87