كتاب الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (اسم الجزء: 4)

كَشَرْطِ (تَبْدِئَةِ فُلَانٍ بِكَذَا) مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ إعْطَائِهِ كَذَا كُلَّ شَهْرٍ مَثَلًا فَيُعْطَى ذَلِكَ مُبْدَأً عَلَى غَيْرِهِ (وَإِنْ مِنْ غَلَّةِ ثَانِي عَامٍ) حَيْثُ لَمْ يَفِ مَا حَصَلَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ بِحَقِّهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ (إنْ لَمْ يَقُلْ) أَعْطُوهُ كَذَا (مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ) فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فَلَا يُعْطَى مِنْ رِيعِ الْمُسْتَقْبَلِ عَنْ الْمَاضِي إذَا لَمْ يَفِ بِحَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْغَلَّةَ إلَى كُلِّ عَامٍ (أَوْ) شَرَطَ (أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ) إلَى الْبَيْعِ مِنْ الْوَقْفِ (بَاعَ) فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَكَذَا إنْ شَرَطَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْحَاجَةِ وَالْحَلِفِ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ (أَوْ) شَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنَّهُ (إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ) مِنْ الظَّلَمَةِ (رَجَعَ لَهُ) مِلْكًا إنْ كَانَ حَيًّا (أَوْ لِوَارِثِهِ) يَوْمَ التَّسَوُّرِ مِلْكًا عُمِلَ بِشَرْطِهِ (كَعَلَى وَلَدِي وَلَا وَلَدَ لَهُ) حِينَ التَّحْبِيسِ فَيَرْجِعُ لَهُ، أَوْ لِوَارِثِهِ مِلْكًا لَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ يَأْسٌ مِنْ الْوَلَدِ عِنْدَ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى حَصَلَ لَهُ وَلَدٌ تَمَّ الْوَقْفُ وَمِثْلُهُ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ وَلَا وَلَدَ لَهُ (لَا) يُتَّبَعُ (شَرْطُ إصْلَاحِهِ) أَيْ الْوَقْفِ (عَلَى مُسْتَحِقِّهِ) لِعَدَمِ جَوَازِهِ وَيُلْغَى الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَيُصْلَحُ مِنْ غَلَّتِهِ (كَأَرْضٍ مُوَظَّفَةٍ) أَيْ عَلَيْهَا مَغْرَمٌ لِلْحَاكِمِ الظَّالِمِ وَشَرَطَ وَاقِفُهَا أَنَّ التَّوْظِيفَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَيُلْغَى الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَالتَّوْظِيفُ مِنْ غَلَّتِهَا فَقَوْلُهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَقْفِ قَبْلَ قَوْلِ النَّاظِرِ إنْ كَانَ أَمِينًا، وَإِذَا ادَّعَى النَّاظِرُ أَنَّهُ صَرَفَ الْغَلَّةَ صُدِّقَ إنْ كَانَ أَمِينًا أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شُهُودٌ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ لَا يُصْرَفُ إلَّا بِمَعْرِفَتِهِمْ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ صَرَفَ عَلَى الْوَقْفِ مَالًا مِنْ مَالِهِ صُدِّقَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّهَمًا فَيُحَلَّفَ وَلَوْ الْتَزَمَ حِينَ أَخَذَ النَّظَرَ أَنْ يَصْرِفَ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ مَالِهِ إنْ احْتَاجَ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا صَرَفَهُ وَلَهُ أَنْ يَقْتَرِضَ لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ اهـ شب. (قَوْلُهُ: كَشَرْطِ تَبْدِئَةِ فُلَانٍ إلَخْ) كَأَنْ يَقُولَ: يُبْدَأُ فُلَانٌ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِي كُلَّ سَنَةٍ، أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا. (قَوْلُهُ: أَوْ إعْطَائِهِ كَذَا كُلَّ شَهْرٍ) أَيْ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنْ أَعْطُوا فُلَانًا مِثْلُ ابْدَءُوا فُلَانًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْ غَلَّةِ ثَانِي عَامٍ) أَيْ بِأَنْ يُعْطَى لَهُ عَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ مِنْ غَلَّةِ الثَّانِي وَكَذَا عَكْسُهُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِي ثَانِي عَامٍ غَلَّةٌ فَيُعْطَى مِنْ فَاضِلِ غَلَّةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي بْن عَنْ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَفِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ غَلَّةٌ أَصْلًا، أَوْ حَصَلَ مَا لَا يَفِي بِحَقِّهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ) أَيْ وَجَاءَتْ سَنَةٌ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا شَيْءٌ فَلَا يُعْطَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ شَرْطٌ لِجَوَازِ اشْتِرَاطِ الْبَيْعِ لَا لِصِحَّةِ اشْتِرَاطِهِ إذْ يَصِحُّ شَرْطُ الْبَيْعِ بِدُونِ قَيْدِ الِاحْتِيَاجِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ أَنَّ لِلْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْوَقْفِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ بَعْدَ الْوُقُوعِ فَالِاحْتِيَاجُ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ شَرْطِ الْبَيْعِ بَلْ فِي جَوَازِ اشْتِرَاطِهِ وَجَوَازِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ شَرَطَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ) أَيْ أَنَّهُ إنْ احْتَاجَ بَاعَ فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْحَاجَةِ) أَيْ حَاجَةِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَحَاجَةِ الْمُحَبِّسِ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ) أَيْ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَحِلُّ شَرْعًا. (قَوْلُهُ: كَعَلَى وَلَدِي إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي رُجُوعِ الْوَقْفِ مِلْكًا لَهُ وَلِوَارِثِهِ وَقَوْلُهُ: كَعَلَى وَلَدِي أَيْ وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي. (قَوْلُهُ: لَهُ بَيْعُهُ) أَيْ مِنْ الْآنَ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَكُونُ مِلْكًا إلَّا إذَا حَصَلَ لَهُ يَأْسٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيُوقَفُ أَمْرُ ذَلِكَ الْحَبْسِ لِلْإِيَاسِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى وَلَدِي وَلَا وَلَدَ لَهُ، أَوْ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي فَالْمَسْأَلَتَانِ فِيهِمَا خِلَافٌ فَمَالِكٌ يَقُولُ الْوَقْفُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ كَغَلَّتِهِ إلَى أَنْ يُوجَدَ فَيَلْزَمَ فَيُعْطَاهَا وَعَلَيْهِ فَلِلْوَاقِفِ بَيْعُ ذَلِكَ الْوَقْفِ الْآنَ قَبْلَ وِلَادَةِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْوَقْفُ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ وَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مِلْكًا إلَّا إذَا حَصَلَ يَأْسٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيُوقَفُ أَمْرُ ذَلِكَ الْحَبْسِ لِلْإِيَاسِ قَالَ شب وَيَبْقَى النَّظَرُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَلَّتِهِ هَلْ تُوقَفُ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ كَالْحَبْسِ وَإِلَّا فَلِلْمُحَبِّسِ أَوَّلًا تُوقَفُ فَيَأْخُذُهَا الْمُحَبِّسُ حَتَّى يُولَدَ لَهُ فَتُعْطَى لَهُ مِنْ وَقْتِ الْوِلَادَةِ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُوقَفُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّقَانِيُّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْمَشْيُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْيَأْسِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ وُلِدَ لَهُ سَابِقًا أَمَّا إنْ كَانَ قَدْ وُلِدَ لَهُ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ بِلَا نِزَاعٍ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ جَوَازِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ مَجْهُولٌ إذْ لَا يُدْرَى بِكَمْ يَكُونُ الْإِصْلَاحُ. (قَوْلُهُ: وَيُلْغَى الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ) أَيْ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ مُنْصَبٌّ عَلَى الشَّرْطِ لَا عَلَى الْوَقْفِ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا هُنَا مَا نَصُّهُ: (فَرْعٌ) يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ تَغْيِيرُ بَعْضِ الْأَمَاكِنِ لِمَصْلَحَةٍ كَتَغْيِيرِ الْمِيضَأَةِ وَنَقْلِهَا لِمَحَلٍّ آخَرَ وَأَوْلَى تَحْوِيلُ بَابٍ مَثَلًا مِنْ مَكَان لِمَكَانٍ آخَرَ مَعَ بَقَاءِ الْمَكَانِ ذِي الْبِنَاءِ عَلَى حَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُصْلَحُ مِنْ غَلَّتِهِ) فَإِنْ أَصْلَحَ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِصْلَاحُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ لَا بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا. (قَوْلُهُ: كَأَرْضٍ مُوَظَّفَةٍ) التَّوْظِيفُ شَيْءٌ مِنْ الظُّلْمِ كَالْمَكْسِ يُؤْخَذُ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى الدَّارِ كَمَا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ أَنَّ كُلَّ عَتَبَةٍ عَلَيْهَا دِينَارٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ دَارًا عَلَيْهَا تَوْظِيفٌ وَاشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ التَّوْظِيفَ يَدْفَعُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا مِنْ غَلَّتِهَا فَإِنَّ الشَّرْطَ يَكُونُ بَاطِلًا وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَيُدْفَعُ التَّوْظِيفُ مِنْ غَلَّتِهَا

الصفحة 89