كتاب الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم (اسم الجزء: 4)

وقد سار النبي (ص) على خطى التوجيهات القرآنية في دعوته ومجادلته لأهل الكتاب، فدخل معهم في مجادلات ومناقشات عديدة رواها القرآن والسنة النبوية المطهرة. فقد جرت مناقشات كثيرة بين الرسول (ص) وبين اليهود حول الكتب المقدسة وكان محسور بن سبحان هو المتحدث باسم اليهود. فقال للرسول ما دليلك على أن القرآن من عند الله، فنزل قوله تعالى: "ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا" (سورة النساء: الآية 82) وناقشهم الرسول في أمور كثيرة أخرى، مثل ادعائهم بأنهم الأخيار وأنهم بمنجاة عن النار، وفي مجادلات أخرى، أجرى مقارنة بين كتبهم المحرفة وبين القرآن، وأيدته آيات القرآن وسجلت هذه المحاورات والمجادلات، ومن ذلك قوله تعالى: "من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولوا سمعنا وعصينا" (سورة النساء: الآية 46)، "يحرفون الكلام عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به" (سورة المائدة: الآية 13). وقد دخل كثير من اليهود في الإسلام بعد هذه المجادلات والمحاورات مثل عبد الله بن سلام وثعلبة بن أسيد وأسيد بن عبيد وغيرهم.
كما جرت مناقشات وحوارات بين الرسول (ص) وبين النصارى سجلها القرآن الكريم وعلم الرسول كيف يرد عليهم، فمن المعروف أن النصارى يدعون أن عيسى عليه السلام لا يناظره شخص آخر لكونه وجد من غير أب، وبالغوا في هذا الادعاء حتى أنكروا نبوة محمد ص وتمسكوا بنبوة عيسى ووصلوا به إلى الألوهية، فرد الله عليهم بقوله: "إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون" (سورة آل عمران: الآية 59). وجرت مناقشات ومجادلات بين الرسول (ص) ونصارى نجران حيث ذكر هؤلاء أن المسيح إله لأنه أحيا الموتى وأبرأ المرضى، فقال لهم الرسول ص إن ذلك كان بعون الله وتلا عليهم قوله تعالى: "ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم، أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله، وأبرئ الأكمة والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله" (سورة آل عمران: الآية 49). وسأل واحداً منهم الرسول (ص) قائلا: أتريدنا يا محمد أن نعبدك كما نعبد عيسى؟ فقال لهم الرسول (ص): معاذ الله أن نعبد غير الله ولست إلا عبد الله، ونزل قوله تعالى " وما كان لبشر أن يوتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول

الصفحة 24