كتاب الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم (اسم الجزء: 4)

دراسة وصفية علمية تؤدي إلى نتائجها الطبيعية عن طريق الحجة التي تخاطب العقل بهدوء وموضوعية من غير تعصب أو جحود (¬1)؟
ويعد النوبختي أول من ألف في هذا العلم في كتابه «الآراء والديانات»، كما كتب المسعودي كتابه عن الديانات، ثم جاء المسبحي وألف كتابه «درك البغية في وصف الأديان والعبادات». ثم ازداد التأليف في هذا العلم بعد ذلك، وظهرت الكتب التي كتبت عن الملل والنحل مثل كتاب «الملل والنحل» للشهرستاني، «والفصل في الملل والأهواء والنحل» لابن حزم الأندلسي، وكتاب «الفرق بين الفرق» للبغدادي (¬2)، وألف الأمام الغزالي كتابه «الرد الجميل لألوهية عيسى بصريح الإنجيل» ويكشف عنوانه عن موضوعه بجلاء، فالغزالي يرد فيه رداً جميلاًً موضوعياً على قول النصارى بألوهية عيسى (، وقد اعتمد في رده هذا على ما جاء في الإنجيل الذي في أيدي النصارى والذي يقدسونه ويجعلونه كتاب دينهم وحجتهم (¬3) كما أن شيخ الإسلام أحمد بن تيمية كتب موسوعته الضخمة التي أطلق عليها «الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح»، وجاء تلميذه ابن القيم الجوزيه ليضع كتابه «هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى». كما انه نتيجه للتسامح الديني في الاندلس فقد دخلت بعض الشخصيات الأوربية في حوار جدي مع فقهاء مسلمين، حيث كانوا جميعا على علم أنهم يعبدون إلها واحدا، وهو إله إبراهيم ويعقوب وإسحق.
ولقد نشر مجلد جديد يحتوي على تسعة مقالات تتناول الحوار الديني في العصور الوسطى وكانت بؤرة موضوع البحث منطقة شبه جزيرة أسبانيا والبرتغال، وقد نقلت مأثورات واقعية من فرنسا عن هذا الحوار الفكري، منها: أن بطرس آبيللار كتب مقالا على شكل حوار بين الأديان، وأن بطرس فينيرابلس كلف العلماء الأسبان بمهمة ترجمة القرآن (¬4).
وهكذا نلاحظ إلى أي مدى اهتم المسلمون بهذا العلم واتخذوه وسيلة موضوعية مهذبة للحوار ولدعوة أهل الكتاب ومجادلتهم بالتي هي أحسن، وليبينوا
¬_________
(¬1) آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري - ج 1 - ص 366
(¬2) د. أحمد شلبى: مقارنة الأديان - ج 1 - ص 27
(¬3) الإمام أبو حامد الغزالى: الرد الجميل لألوهية عيسى بصريح الإنجيل - دراسة وتحقيق د. محمد عبد الله الشرقاوى
(¬4) "اليهود والمسيحيون والمسلمون وحوار الأديان في العصور الوسطى" - بقلم كريستيان هاوك - ترجمة عبد اللطيف شعيب - ق الطبع قنطرة 2005 ماتياس لوتس باخمان والكسندرا فيدورا: دارمشتات 2004.

الصفحة 26