كتاب الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم (اسم الجزء: 4)

الله عز وجل هو الذي أرسلهم وهو الذي أمر بالإيمان بهم (¬1)، قال تعالى: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون، كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، لا نفرق بين أحد من رسله، وقالوا سمعنا وأطعنا، غفرانك ربنا وإليك المصير " (سورة البقرة: الآية 285) فإذا هم أجابوه شرح لهم العقيدة الصحيحة ثم ثنى بمبادئ الإسلام وفرائضه مبيناً أن الإسلام هو دين جميع البشر، قال تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" (سورة آل عمران: الآية 85) أما إذا لم يجيبوه، فيكون قد أدى أمانة البلاغ، وأمرهم وحسابهم بعد ذلك إلى الله. وهكذا فإن علاقة المسلمين بأتباع الأديان الأخرى تدور على محور واحد، عرض مبادئ الإسلام بوضوح ورد الشبهات بأدب، وإعطاء فرصة للتأمل والحكم المتأني، فلا استعجال ولا استغلال، أنه البلاغ الخالي من الإكراه الذي يخلى بين كل امرئ وضميره فإن شاء أسلم وإن شاء بقي حيث هو وحسابه إلى الله.
فحوار الإسلام مع الديانتين اليهودية و المسيحية كما دشنه النبي، صلى الله عليه و سلم، و وضع أصوله ثم سار على هديه الكريم خلفاؤه الراشدون يرتكز على أربعة مبادئ أساسية هي: قبول الإختلاف و التنوع - عدم الإكراه على الدين التعاون على البر و التقوى -تحريم العدوان و تقييد الحرب أخلاقيا. حيث لا تزال هذه المبادئ تشكل خلفية ثمينة و صالحة لحوار مستقبلي ناجع و منفتح بين الديانات الثلاث (¬2).
ويجب - قبل أن نخوض في التفاصيل - أن نثبت حقيقة مهمة، وهي أن المسلمين يؤمنون بكل الأنبياء ويعتبرون تراث الأنبياء تراثهم، ويعتبرون رسالتهم الإسلامية امتداداً لرسالات الأنبياء الذين جاءوا من قبلهم، وأن الدعوة التي دعا إليها الأنبياء هي نفس الدعوة التي دعا إليها محمد صلى الله عليه وسلم وبالتالي فإن رصيد تجربة الأنبياء في دعوتهم للحق وعبادة الله وحده لا تنفصم عن دعوة المسلمين ورصيد تجربتهم. وانظر إلى قوله سبحانه {ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}، فهي رسالة التوحيد التي يدعو إليها كل رسول. وعندما كان يكذب أي قوم رسولهم فقد كان ذلك تكذيباً لجميع المرسلين، وتأمل
¬_________
(¬1) أسس الدعوة وآداب الدعاة - د. محمد الوكيل- ص 45
(¬2) الحوار الإسلامي مع الأديان التوحيدية الأخرى: الخلفيات و الآفاق - عبد الملك منصور حسن المصعبي.

الصفحة 28