كتاب الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم (اسم الجزء: 4)

قوله تعالى في {كذبت قوم نوح المرسلين}، {كذبت عاد المرسلين}، {كذبت ثمود المرسلين}، {كذبت قوم لوط المرسلين}، {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} (¬1). فقد اعتبر الإسلام أنبياء الماضي وعقلاءه وحكماءه أنبياءه وعقلاءه وحكماءه. وجعل من خير الماضي وصلاحه خيره وصلاحه. ووجد ذلك تعبيره المكثف في الحديث القائل بان خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام (¬2).

اليهود والنصارى في القرآن والسنة
من الجلي أن القرآن الكريم عندما يتحدث عن اليهودية والمسيحية لا يتحدث عن ديانات غريبة، بل يعتبرها تعبيرات مختلفة عن نفس الدين الإلهي الذي هو الإسلام من حيث هو تسليم لله و توحيد له، و لذا أطلق صفة المسلم على النبي إبراهيم، عليه السلام، و إعتبر مختلف أنبياء التوحيد مسلمين. فالفرق بين الإسلام و الديانتين الإبراهيميتين الأخريتين لا يتعلق بطبيعة العقيدة أو القيم أو الرؤية، بل في بعض الجزئيات التي إقتضتها تحولات الزمن و إعتبارات التاريخ. فالإسلام هو دين إكتمال المسار الإبراهيمي، و بذا كان لا بد أن يتسم بالمرونة و الإنفتاح و اليسر ليستوعب إختلاف السياقات المكانية و الزمانية. فهو، لهذا السبب، دين يقوم على إحترام الإختلاف و التعددية و قبول حرية الرأي و العقيدة (¬3). وقد ورد في القرآن عدد كبير من الآيات التي تأمر المسلمين بمعاملة أهل الكتاب (النصارى واليهود) أحسن معاملة وكان عنوان التعاون معهم في المجتمع الإسلامي على اساس القاعدة العامة التي رآها الفقهاء: (لهم ما لنا ـ وعليهم ما علينا) (¬4). فقال الله تعالى في سورة الممتحنة، آية 8: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين". كما قال تعالى في
¬_________
(¬1) تاريخ فلسطين قبل الإسلام -وقفات مع تاريخ صراع الحق والباطل على أرض فلسطين
(¬2) الصورة والمعنى في الصراع العربي - اليهودي- د. ميثم الجنابي - مجلة المؤتمر عدد 1174 - 14 - آب-2006

http://www.inciraq.com/Al-Mutamar/2006/1101_1200/1174/060814_1174_5.htm
(¬3) الحوار الإسلامي مع الأديان التوحيدية الأخرى: الخلفيات و الآفاق - عبد الملك منصور حسن المصعبي.
(¬4) السيد سابق / فقه السنة ـ المجلد الثاني، ص622، دار الكاتب العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1969 م

الصفحة 29