كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

(ش) أَيْ وَهَلْ الطَّلَاقُ فِيهِمَا رَجْعِيٌّ سَوَاءٌ جَرَى بَيْنَهُمَا مَعْنَى الْخُلْعِ أَوْ الْمُتَارَكَةِ وَالْقَصْدِ إلَيْهِ أَمْ لَا أَوْ هِيَ رَجْعِيَّةٌ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مَعْنَى الْخُلْعِ بِالدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْخُصُومَاتِ وَبِعِبَارَةٍ لَيْسَ مَعْنَى قَصْدِ الْخُلْعِ إرَادَتَهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ بَلْ مَعْنَاهُ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا ذِكْرُهُ إذْ لَوْ قَصَدَهُ بِاللَّفْظِ لَمْ يَكُنْ نِزَاعٌ أَنَّهُ بَائِنٌ كَمَا لَا يَخْفَى.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْقَابِلِ وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْمُوجِبِ بِقَوْلِهِ (ص) وَمُوجِبُهُ زَوْجٌ مُكَلَّفٌ (ش) أَيْ وَمُوجِبُ الْعِوَضِ عَلَى مُلْتَزِمِهِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا زَوْجٌ مُكَلَّفٌ أَيْ صُدُورُ الطَّلَاقِ مِنْ زَوْجٍ - وَلَوْ سَكْرَانَ - أَوْ نَائِبِهِ فَلَا يَجِبُ الْعِوَضُ بِطَلَاقِ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَبِعِبَارَةٍ وَمُوجِبُهُ أَيْ طَلَاقِ الْخُلْعِ أَيْ مَوْقِعُهُ لَا الْعِوَضِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُوجِبُ الْعِوَضَ وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ مُلْتَزِمُهُ زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَإِنَّمَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُوقِعُ هُنَا رَشِيدًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ، وَلَمَّا شَمِلَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ الرَّشِيدَ وَالسَّفِيهَ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُؤَلِّفُ بَالَغَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ سَفِيهًا) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَبِهِ أَوْلَى (ص) أَوْ وَلِيُّ صَغِيرٍ أَبًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ غَيْرَهُمَا (ش) أَيْ كَمَا يُوجِبُهُ طَلَاقُ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ يُوجِبُهُ أَيْضًا وَلِيُّ صَغِيرٍ أَيْ صُدُورُ طَلَاقٍ مِنْهُ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ سُلْطَانًا أَوْ مُقَامَ سُلْطَانٍ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فِي الْجَمِيعِ وَيَلْزَمُ الصَّغِيرَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ فَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهُمَا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى " أَبًا " الْوَاقِعِ حَالًا، وَمِثْلُ الصَّغِيرِ الْمَجْنُونُ فَالنَّظَرُ لِوَلِيِّهِ وَإِنَّمَا بَيَّنَ الْوَلِيَّ بِقَوْلِهِ أَبًا إلَخْ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالسَّيِّدُ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي وَالْحَاكِمِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ الْمُجْبِرُ كَمَا مَرَّ فِي خُلْعِ الْمُجْبَرَةِ (ص) لَا أَبُ سَفِيهٍ وَسَيِّدُ بَالِغٍ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ السَّفِيهِ لَا بِيَدِ وَلِيِّهِ فَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يُخَالِعَ عَنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْبَالِغِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَ عَنْهُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الْعَبْدِ لَا بِيَدِ سَيِّدِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ " بَالِغٍ " لِبَيَانِ الْوَاقِعِ إذْ غَيْرُ الْبَالِغِ لَا يَتَّصِفُ بِالسَّفَهِ كَالرَّقِيقِ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِلصِّغَرِ وَالرِّقِّ فَقَوْلُهُ " بَالِغٍ " رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ يَتْرُكُهَا فَلَا يُرَاجِعُهَا وَقَوْلُهُ: وَجَرَى بَيْنَهُمَا مَا أَيْ لَفْظٌ يَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الطَّلَاقُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ رُجُوعَهُ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ عَلَى مَا هُوَ الْمَرْضِيُّ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ وَالرَّاجِحُ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: مَعْنَى الْخُلْعِ) أَيْ مَعْنًى هُوَ الْخُلْعُ أَوْ مَعْنَى لَفْظِ الْخُلْعِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمُتَارَكَةِ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَوْ وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْعَطْفُ تَفْسِيرٌ وَقَوْلُهُ: وَالْقَصْدِ إلَيْهِ أَيْ أَوْ الْقَصْدِ إلَيْهِ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى " أَوْ " وَالْمَعْنَى أَوْ حَصَلَ الْقَصْدُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مَعْنَى الْخُلْعِ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ نَاظِرٌ لِقَوْلِهِ وَالْقَصْدِ إلَيْهِ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ وَيَجْرِي بَيْنَهُمْ مَعْنَى الْخُلْعِ وَالْمُتَارَكَةِ وَقَوْلُهُ بِالدَّفْعِ أَيْ بِقَصْدِهِ الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْخُصُومَاتِ أَيْ الْخُصُومَاتِ السَّيِّئَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا رَجْعَةَ لَا يَأْتِي خُصُومَةٌ مِنْ جِهَةِ نَفَقَةٍ وَلَا مِنْ جِهَةِ رَجْعَةٍ (قَوْلُهُ: إرَادَتَهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ) أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ لَفْظُ الطَّلَاقِ مُسْتَعْمَلًا فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ: بَلْ مَعْنَاهُ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا ذِكْرُهُ أَيْ أَوْ يَقْصِدَ مَعْنَى الْخُلْعِ فَطَابَقَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ الْعِبَارَةَ الْأُولَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ إنَّمَا يَكُونُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ الِافْتِدَاءِ أَوْ الطَّلَاقِ إلَّا أَنَّهُ مَعَ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ لَك أَنْ تَقُولَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ مُطْلَقًا وَقَدْ عَلِمْت قَوْلَهُ أَوْ جَرَى بَيْنَهُمَا مَعْنَى الْخُلْعِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ يَصْدُقُ بِمَا إذَا تَلَفَّظَ الزَّوْجُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ مَعَ أَنَّهُ مَتَى قَالَ خَالَعْتُك أَوْ فَادَيْتُك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ يَكُونُ بَائِنًا فَيُجَابُ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا تَلَفَّظَ الزَّوْجُ بِ " خَالَعْتُكِ " إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُلْتَزِمُ لِلْعِوَضِ كَمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ شب ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَابِلَةٌ أَيْ طَالِبَةٌ قَبُولَ الزَّوْجِ مِنْهَا ذَلِكَ أَوْ الْمُرَادُ الْقَابِلَةُ لِلرَّدِّ وَالْقَبُولِ وَهِيَ الرَّشِيدَةُ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا وَقَوْلُهُ: الْقَابِلِ أَيْ الصَّالِحِ لِلِالْتِزَامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يُوجِبُ الْعِوَضَ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَعْنَى صَحِيحٌ مِنْ الْعِبَارَةِ الْأُولَى وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ هَذَا الْحَلَّ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ التَّقْدِيرِ فَإِذَا قُدِّرَ صُدُورُ الطَّلَاقِ صَحَّ تَرْجِيعُ الضَّمِيرِ لِلْعِوَضِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِ) هَذَا التَّوَهُّمُ لَا يَأْتِي إلَّا لَوْ كَانَ يَدْفَعُ الْمَالَ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَأْخُذُ الْمَالَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهًا) وَكُمِّلَ لَهُ خُلْعَ الْمِثْلِ إنْ خَالَعَ بِدُونِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَبْرَأُ الْمُخْتَلِعُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ لِلسَّفِيهِ بَلْ لِوَلِيِّهِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ عَنْ التَّوْضِيحِ وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَثَّقِينَ كَابْنِ فَتْحُونٍ وَالْمُتَيْطِيِّ بَرَاءَةُ الْمُخْتَلِعِ بِدَفْعِ الْخُلْعِ لِلسَّفِيهِ دُونَ وَلِيِّهِ وَلَكِنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْحَجْرِ يُفِيدُ أَنَّ الْقَبْضَ لِلْوَلِيِّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا كَدِرْهَمٍ لِعَيْشِهِ وَقَدْ ذَكَرَ الْحَطَّابُ عَنْ التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ وَإِذَا صَحَّحْنَاهُ أَيْ خُلْعَ السَّفِيهِ فَلَا يَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ بَلْ إلَى وَلِيِّهِ وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى السَّفِيهِ رَدًّا عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ سُلْطَانًا إلَخْ) يَدْخُلُ تَحْتَهُ الْقَاضِي وَمُقَدَّمُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: فَالنَّظَرُ لِوَلِيِّهِ) وَوَلِيُّهُ إمَّا الْحَاكِمُ أَوْ مَنْ يُقِيمُهُ إنْ جُنَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ وَإِمَّا الْأَبُ إذَا جُنَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رُشْدِهِ وَاتَّصَلَ (قَوْلُهُ: لَا أَبُ سَفِيهٍ وَسَيِّدُ بَالِغٍ) فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا الْخُلْعُ عَنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِهِمَا وَهُمَا فُضُولِيَّانِ وَلَوْ جَبَرَاهُمَا عَلَى النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ السَّفِيهِ) وَقَوْلُهُ بَعْدُ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الْعَبْدِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ بَهْرَامُ حَيْثُ قَالَ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إنْ رَأَى الْوَلِيُّ لِلْمَحْجُورِ حُسْنَ النَّظَرِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ لَهُ جَازَ (قَوْلُهُ: كَالرَّقِيقِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَتَّصِفُ بِسَفَهٍ خُلَاصَتُهُ أَنَّ السَّفِيهَ هُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ الَّذِي يُضَيِّعُ مَالَهُ فِي الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ وَلَوْ مُبَاحَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِمَا لِلصِّغَرِ وَالرِّقِّ) أَيْ لَا لِلسَّفَهِ وَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِتَقْيِيدِ السَّفِيهِ بِكَوْنِهِ بَالِغًا لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَالِغًا (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ إضَافَةَ " سَيِّدُ "

الصفحة 17