كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

لَمْ تَرِثْ إلَّا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ (ش) مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي مَرَضِهِ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ صَحَّ مِنْهُ صِحَّةً بَيِّنَةً وَلَمْ يَرْتَجِعْهَا ثُمَّ مَرِضَ ثَانِيًا فَأَرْدَفَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ إلَّا إنْ بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ وَمَاتَ فِي الْعِدَّةِ فَتَرِثُهُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُهُ بِالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ الثَّانِي لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مُرْدَفٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَدْ زَالَتْ تُهْمَتُهُ فِي الصِّحَّةِ وَدَلِيلُ كَوْنِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ رَجْعِيًّا قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا إذْ لَوْ كَانَ بَائِنًا لَمْ يَرْتَدِفْ عَلَيْهِ طَلَاقَ الْمَرَضِ الثَّانِي وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ ارْتَجَعَهَا بَعْدَ صِحَّتِهِ ثُمَّ مَرِضَ فَطَلَّقَهَا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ الثَّانِي وَعُلِمَ كَوْنُهُ مَرِيضًا مِنْ قَوْلِهِ صَحَّ.

(ص) وَالْإِقْرَارُ بِهِ فِيهِ كَإِنْشَائِهِ، وَالْعِدَّةُ مِنْ الْإِقْرَارِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي زَمَنٍ سَابِقٍ عَلَى مَرَضِهِ بِحَيْثُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ أَوْ بَعْضُهَا فِيهِ فَإِنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إنْشَاءِ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ فِي الْمَرَضِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِسْنَادِهِ لِلزَّمَنِ السَّابِقِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ أَرَّخَتْ فَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ أَوْ الشَّهَادَةِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي انْقِضَائِهَا أَوْ بَعْضِهَا لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ وَلَمْ يَرِثْهَا هُوَ إنْ انْقَضَتْ عَلَى دَعْوَاهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ فَيُعْمَلَ عَلَى مَا أَرَّخَتْهُ الْبَيِّنَةُ فِي الْعِدَّةِ وَفِي الْإِرْثِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ فِي الْعِدَّةِ وَوَرِثَتْهُ فِيهَا أَيْ فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ الْمُسْتَأْنَفَةِ خَاصَّةً لَا إنْ انْقَضَتْ لِأَنَّ الْمُقِرَّ هُنَا مَرِيضٌ وَهُنَاكَ صَحِيحٌ.

(ص) وَلَوْ شُهِدَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِطَلَاقِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّهُودَ إذَا شَهِدَتْ بَعْدَ مَوْتِ شَخْصٍ عَلَى طَلَاقِهِ لِزَوْجَتِهِ طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ عَلَى حَسَبِ تَارِيخِهِمْ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ تَرِثُهُ أَبَدًا كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَكَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ) لِمَا مَرَّ لَكِنْ تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الشُّهُودَ عُذِرُوا بِغَيْبَتِهِمْ إذْ لَوْ كَانُوا حَاضِرِينَ لَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ بِسُكُوتِهِمْ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةَ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ مَوْتِهَا بِطَلَاقِهَا لَمْ يَرِثْهَا وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ مَوْتِهِ وَمَوْتِهَا فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) وَإِنْ أَشْهَدَ بِهِ فِي سَفَرٍ ثُمَّ قَدِمَ وَوَطِئَ وَأَنْكَرَ الشَّهَادَةَ فُرِّقَ وَلَا حَدَّ (ش) أَيْ وَإِنْ أَشْهَدَ الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَوْ دُونَهُ أَيْ بِإِنْشَائِهِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ بِهِ فِي سَفَرٍ ثُمَّ قَدِمَ وَوَطِئَ وَأَنْكَرَ الشَّهَادَةَ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَلْزَمُهُ حَدٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُمَا عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ حَتَّى يُحْكَمَ بِالْفِرَاقِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالْفِرَاقِ وَلِأَنَّهُ كَالْمُقِرِّ بِالزِّنَا الرَّاجِعِ عَنْهُ.

(ص) وَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ صِحَّتِهِ فَكَالْمُتَزَوِّجِ فِي الْمَرَضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرِيضَ إذْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ فَحُكْمُهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ مَنْ تَزَوَّجَ أَجْنَبِيَّةً فِي الْمَرَضِ فَيَكُونُ فَاسِدًا وَفَسَادُهُ لِعَقْدِهِ لِأَنَّهُ مِنْ إدْخَالِ وَارِثٍ فَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَصَدَاقِ الْمِثْلِ مِنْ الثُّلُثِ وَيُعَجَّلُ الْفَسْخُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ الْمَرِيضُ كَمَا مَرَّ فَالتَّشْبِيهُ لِإِفَادَةِ الْفَسْخِ وَلَوْ بَعْدَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لَمْ تَرِثْ إلَّا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ) لَوْ قَالَ إلَّا فِي الْعِدَّةِ لَكَانَ أَوْلَى إذْ لَا عِدَّةَ لِلطَّلَاقِ الثَّانِي وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى لَا تَرِثُ فِي عِدَّةِ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا عِدَّةَ لَهُ وَالسَّالِبَةُ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ فِي قُوَّةِ عِدَّةِ الثَّانِي لَا إرْثَ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ) أَيْ وَهُوَ مُنْكِرٌ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ مُنْكِرٌ لَهُ فَإِنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ وَهَلْ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ أَوْ مِنْ يَوْمِ قَالَتْ الْبَيِّنَةُ: إنَّهُ طَلَّقَ، فِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ) أَيْ بِأَنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْمُسْتَأْنَفَةُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَقَوْلُهُ: وَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ وَالْإِرْثُ ثَابِتٌ لَهَا وَلَوْ انْقَضَتْ كَمَا بَيَّنَّا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لَهُ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِمَّا تَقَدَّمَ إقْرَارٌ بِدُونِ بَيِّنَةٍ، أَوْ إنْكَارٌ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَأَمَّا هَذِهِ فَهِيَ إقْرَارٌ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً أَيْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا مِنْ نَحْوِ سَنَةٍ وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ وَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَلَا تَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ حَيْثُ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ لِوُجُودِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَهُ فِي الْعِدَّةِ) حَاصِلُ مَا فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِيَوْمِ الطَّلَاقِ فَتَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ فَالْمَرْأَةُ لَا تَرِثُ إلَّا إذَا مَاتَ وَالْعِدَّةُ الْمُسْتَأْنَفَةُ بَاقِيَةٌ فَإِذَا انْقَضَتْ وَمَاتَ فَلَا تَرِثُ فَالْمُشَارُ لَهُ قَوْلُهُ: فَتَرِثُهُ إنْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ وَتَبْتَدِئُ الْعِدَّةَ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ تَعْتَدُّ عِدَّةَ وَفَاةٍ) أَيْ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ طَلَاقٍ وَقَوْلُهُ: فَكَالطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِاحْتِمَالِ طَعْنِهِ فِي شَهَادَتِهِمْ لَوْ كَانَ حَيًّا وَبِهَذَا أَيْضًا يُوَجَّهُ إرْثُهَا لَهُ مَعَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِإِيقَاعِهِ فِي صِحَّتِهِ حَيْثُ أَسْنَدَتْهُ لِصِحَّتِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُقَيَّدَةٌ بِأَنْ تَبْقَى لِمَوْتِهِ وَأَمَّا لَوْ انْفَصَلَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَعُلِمَ ذَلِكَ لَمْ تَرِثْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرِثْهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ الْعِدَّةُ انْقَضَتْ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ الْفَرْقَ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ الشَّهَادَةَ يَجِبُ الْإِعْدَادُ فِيهَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَاتَ ذَلِكَ لِمَوْتِهِ فَوَجَبَ أَنْ تَرِثَهُ لِاحْتِمَالِ إبْدَائِهِ مَطْعَنًا فِيهَا لَوْ كَانَ حَيًّا وَإِذَا كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةَ فَقَدْ أُعْذِرَ إلَيْهِ فِيهَا فَلَمْ يُبْدِ فِيهَا مَطْعَنًا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَرِثَهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَشْهَدَ الزَّوْجُ بِهِ) أَيْ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ وَهُوَ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَجْعِيًّا وَلَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ وَادَّعَى أَنَّهُ نَوَى بِهَذَا الْوَطْءِ الرَّجْعَةَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ارْتِجَاعُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا عَلَى حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ) وَقِيلَ: لِأَنَّهُ جُوِّزَ عَلَيْهِ النِّسْيَانُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ كَالْمُقِرِّ بِالزِّنَا الرَّاجِعِ عَنْهُ) فَإِشْهَادُهُ بِالطَّلَاقِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا وَإِنْكَارُهُ الشَّهَادَةَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجْعَةِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الِإِنْشَاءِ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ صِحَّتِهِ) صَادِقٌ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ فِي أَوَّلِ مَرَضِهِ وَبِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي آخِرِ مَرَضِهِ (قَوْلُهُ: فَحُكْمُهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ مَنْ تَزَوَّجَ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ

الصفحة 19