كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 4)

الْبِنَاءِ وَمَا مَعَهُ مِنْ الصَّدَاقِ وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَإِنْ قِيلَ: عِلَّةُ فَسْخِ نِكَاحِ الْمَرِيضِ - وَهِيَ إدْخَالٌ وَارِثٍ - مُنْتَفِيَةٌ هُنَا لِثُبُوتِ الْإِرْثِ لَهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِرْثَ الَّذِي هُوَ ثَابِتٌ لَهَا تَقْطَعُهُ الصِّحَّةُ الْبَيِّنَةُ فَإِرْثُهَا إذَا حَصَلَتْ الصِّحَّةُ إنَّمَا يَكُونُ بِالتَّزْوِيجِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ وُجِدَ مُوجِبُ فَسْخِ هَذَا النِّكَاحِ.

(ص) وَلَمْ يَجُزْ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ وَهَلْ يُرَدُّ أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ يَوْمَ مَوْتِهَا وَوُقِفَ إلَيْهِ تَأْوِيلَانِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اخْتَلَعَتْ فِي مَرَضِهَا وَهُوَ صَحِيحٌ بِجَمِيعِ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَرِثُهَا وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا وَأَنَا أَرَى أَنَّهَا إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا فَلَهُ قَدْرُ مِيرَاثِهِ وَيَرُدُّ الزَّائِدَ وَإِنْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَلَا يَتَوَارَثَانِ وَاخْتُلِفَ هَلْ قَوْلُهُمَا خِلَافٌ - وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ نَافِعٍ -، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ لَمْ يَجُزْ أَيْ يَبْطُلُ جَمِيعُهُ وَيَرُدُّ مَا خَالَعَتْ بِهِ لَهَا أَوْ لِوَرَثَتِهَا، أَوْ وِفَاقٌ - وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عِيَاضٌ وَالْأَكْثَرُ -، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُ مَالِكٍ لَمْ يَجُزْ أَيْ لَمْ يَجُزْ الْقَدْرُ الزَّائِدُ مِنْ الْمُخَالَعِ بِهِ عَلَى إرْثِهِ أَيْ إنَّهُ يَبْطُلُ الْقَدْرُ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ مِمَّا خَالَعَتْ بِهِ وَقَدْ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ بِقَوْلِهِ أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ وَاسْتُفِيدَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَقَوْلُهُ أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ أَيْ لَوْ لَمْ يُخَالِعْ وَمَا كَانَ قَدْرَ مِيرَاثِهِ فَأَقَلَّ فَلَهُ، وَتُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْمُخَالَعِ بِهِ لِإِرْثِهِ وَعَدَمُ مُجَاوَزَتِهِ يَوْمَ مَوْتِهَا لَا يَوْمَ الْخُلْعِ فَيُوقَفُ جَمِيعُ مَا خَالَعَتْ بِهِ إلَى مَوْتِهَا لِيُنْظَرَ هَلْ هُوَ قَدْرُ إرْثِهِ أَوْ أَقَلُّ أَيْ لَوْ لَمْ يُخَالِعْ فَيَأْخُذُهُ وَمَا زَادَ فَيَرُدُّهُ.

(ص) وَإِنْ نَقَصَ وَكِيلُهُ عَنْ مُسَمَّاهُ لَمْ يَلْزَمْ (ش) يَعْنِي إذَا قَالَ الزَّوْجُ لِوَكِيلِهِ خَالِعْ لِي زَوْجَتِي بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَخَالَعَهَا بِخَمْسَةٍ فَإِنَّ الْخُلْعَ لَا يَلْزَمُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ مَعْزُولٌ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُتِمَّهُ الْوَكِيلُ أَوْ الزَّوْجَةُ فَيَلْزَمَ إذْ لَا مِنَّةَ تَلْحَقُ الزَّوْجَ.

(ص) أَوْ أَطْلَقَ لَهُ أَوْ لَهَا حُلِّفَ أَنَّهُ أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَطْلَقَ لِوَكِيلِهِ فِي الْمُخَالَعَةِ فِي زَوْجَتِهِ أَوْ أَطْلَقَ لِزَوْجَتِهِ فِي الْمُخَالَعَةِ عَنْ نَفْسِهَا فَنَقَصَ الْوَكِيلُ أَوْ الزَّوْجَةُ عَنْ خُلْعِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الزَّوْجَ يُحَلَّفُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ خُلْعَ الْمِثْلِ وَلَا يَلْزَمُ الْخُلْعُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ تُتِمَّ لَهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْوَكِيلُ خُلْعَ الْمِثْلِ فَيَلْزَمَهُ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ وَمَحَلُّ الْيَمِينِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَفْتِيًا وَإِلَّا لَقُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي مَا أُخَالِعُكِ بِهِ أَوْ دَعَوْتِنِي إلَى الصُّلْحِ - مُعَرَّفًا -، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ دَعَوْتِنِي إلَى صُلْحٍ بِالتَّنْكِيرِ فَيَلْزَمُهُ مَا أَتَتْ لَهُ بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجُزْ خُلْعُ الْمَرِيضَةِ) مَرَضًا مَخُوفًا أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا وَكَذَا عَلَيْهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ مُعِينٌ لَهَا عَلَى مَا قَصَدَتْ وَاسْتَعْمَلَهُ هُنَا فِي إبَانَةِ الْعِصْمَةِ وَقَوْلُهُ وَهَلْ يَرُدُّ؟ الظَّاهِرُ - كَمَا قَالَ بَعْضٌ - أَنَّ هَذَا الرَّدَّ إبْطَالِيٌّ أَيْ الْخُلْعُ بِمَعْنَى الْمَالِ الْمُخَالَعِ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخُلْعَ لَهُ مَعْنَيَانِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الْمُجَاوِزُ لِإِرْثِهِ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاسْتُفِيدَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ) إنَّمَا الَّذِي مَرَّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَا فِيهِ التَّصْرِيحُ إلَّا بِعَدَمِ كَوْنِهِ لَا يَرِثُهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ إرْثِهَا مِنْهُ يُعْلَمُ مِنْ كَوْنِهَا طَالِبَةً لِلْفِرَاقِ لِأَنَّهَا خَالَعَتْهُ (قَوْلُهُ: فَيُوقَفُ جَمِيعُ مَا خَالَعَتْ بِهِ) أَيْ لَا قَدْرُ الْإِرْثِ خَاصَّةً وَإِنْ احْتَاجَتْ لِلْإِنْفَاقِ مِنْهُ أَخَذَتْهُ وَإِنْ تَلِفَ فَهُوَ مِنْهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ وَقْفِ جَمِيعِ مَا خَالَعَتْ عَلَيْهِ نَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَالْحَطَّابِ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت وَقَالَ تت وَمَنْ تَبِعَهُ: يُوقَفُ قَدْرُ إرْثِهِ مِمَّا خَالَعَتْ بِهِ مِنْ نِصْفٍ وَرُبُعٍ وَهُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ وَمَعْنَى إيقَافِهِ أَنَّهُ يُنْتَزَعُ مِنْهَا وَيُوقَفُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهَا وَلَا يُنْزَعُ مِنْهَا فَتَتَصَرَّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَفَقَةٍ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَتَلِفَ ضَمِنَهُ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ رَضِيَهُ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَوُقِفَ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَيُوقَفُ عَنْ أَخْذِهِ إلَى الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: إلَى مَوْتِهَا) قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَإِنْ قُلْنَا يَوْمَ الْمَوْتِ وُقِفَ فَإِنْ صَحَّتْ أَخَذَهُ وَإِنْ مَاتَتْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الَّذِي كَانَ بِيَدِهَا وَمِمَّا حَدَثَ لَهَا مِنْ مَالٍ وَفِيمَا عَلِمَتْ بِهِ وَمَا لَمْ تَعْلَمْ مَا لَمْ يُجَاوِزْ ذَلِكَ الْمُسَمَّى فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ صَحَّتْ نَفَذَ الْخُلْعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ قُلْنَا بِاعْتِبَارِ يَوْمِ الْخُلْعِ أَوْ يَوْمِ الْمَوْتِ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ فَعَلَى الْمُؤَلِّفِ الْمُؤَاخَذَةُ فِي عَدَمِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَتَقْدِيمِهِ تَأْوِيلَ الْأَقَلِّ بِأَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ مُخَالِفٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ يَبْطُلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْمِيرَاثِ وَإِنْ صَحَّتْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ مَا خَالَعَتْ بِهِ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ الزَّوْجُ مِنْ رَأْسِ مَالِهَا عَاشَتْ أَوْ مَاتَتْ وَهُوَ جَوْرٌ بَيِّنٌ فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ مِيرَاثِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّ النَّقْصُ وَالزَّوْجُ بَائِعٌ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يُغْتَفَرُ النَّقْصُ فِي الْبَيْعِ حَيْثُ قَالَ أَوْ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُسْتَفْتِيًا) بِأَنْ رَفَعَتْهُ الْبَيِّنَةُ لِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ
(قَوْلُهُ: إذَا قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي مَا أُخَالِعُك بِهِ إلَخْ) أَيْ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الصُّورَتَيْنِ أَمَّا الْأُولَى فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي خُلْعَ الْمِثْلِ فَلَيْسَ مِنْ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أَعْطَتْهُ أَقَلَّ مِنْ خُلْعِ الْمِثْلِ لَمْ يَلْزَمْهُ طَلَاقٌ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِ أَنَّهُ إنْ أَعْطَتْهُ قَدْرًا وَلَوْ خُلْعَ الْمِثْلِ وَقَالَ مَا أَرَدْت إلَّا نِصْفَ مَالِكِ أَيْ أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ وَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ: إنْ دَعَوْتنِي إلَى صُلْحٍ فَلَمْ أُجِبْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لِمَا دَفَعَتْ لَهُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَقُولُ وَلَوْ حُلِّفَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا قَالَ لَهَا خَالَعْتَنِي عَلَى مَالٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ

الصفحة 20